عام الجوع في سورية: النظام يفشل في اختبار القمح

21 اغسطس 2023
النظام جمع 700 ألف طن قمح فقط رغم الإنتاج الوفير (كرم المصري/Getty)
+ الخط -

أصبح السوريون على شفا جرف الجوع في ظل أزمة قمح وحبوب خانقة بعد أن فشل النظام في جمع الكميات المستهدفة.

وحمّل وزير المال والاقتصاد بالحكومة السورية المعارضة، عبد الحكيم المصري، نظام بشار الأسد، مسؤولية تهريب القمح إلى خارج سورية أو تسليمه لـ"الإدارة الذاتية" بسبب تدني الأسعار التي عرضها النظام.

ويشير الوزير المصري خلال تصريح خاص لـ"العربي الجديد" إلى أن حكومة الأسد التي سعرت القمح بالليرة السورية، قبل شهرين، لم تلحظ تهاوي سعر الصرف، ما حول أسعارها إلى أقل من أسعار "قسد" ومؤسسة الحبوب المعارضة، بل وأقل بكثير من السعر العالمي، ما دفع الفلاحين للسعي نحو السعر الأعلى، ما أثر على كميات الحبوب المستلمة من نظام الأسد، ما يعد أهلنا السوريين بتجويع جديد أو احتمال رفع أسعار الخبز خلال العام الجاري. 

وخابت آمال حكومة الأسد باستلام نحو مليون طن من القمح للعام الجاري، كما توقع وزير الزراعة، حسان قطنا سابقاً، ولم تزد الكميات المستلمة، بحسب رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف عن 700 ألف طن، ويمكن أن تصل إلى 800 ألف طن، ولكن لا يمكن أن تصل للرقم المستهدف وهو مليون طن، في حين أن الاحتياجات الفعلية للأسواق تبلغ 3 أضعاف هذا الرقم.
وبين الخليف خلال تصريحات الأسبوع الماضي، أن حاجة سورية سنوياً من مادة القمح بحدود 3 ملايين، وفي حال كانت الكميات المسوقة 800 ألف طن فنحن بحاجة إلى استيراد 2.2 مليون طن.

بدوره، يؤكد مدير مؤسسة الحبوب بالمناطق المحررة، حسان محمد لـ"العربي الجديد" أن موسم العام الجاري "كان جيدا جداً قياساً بالأعوام السابقة"، لكن الأسعار التي عرضها نظام الأسد "منخفضة جداً"، كما أنه تأخر بصرف ثمن القمح ولم يوفر المستلزمات، الأمر الذي دفع كثيرين لبيع القمح لـ"قسد" لأنها عرضت أسعاراً مرتفعة عن سعر النظام.
ويوضح محمد خلال حديث خاص لـ"العربي الجديد" أن نظام الأسد حدد منذ شهر مايو/ أيار سعر كيلو القمح بنحو 2500 ليرة بإضافة 300 ليرة مكافأة، ولكن كان سعر الدولار آنذاك أقل من 9 آلاف ليرة، في حين يتجاوز حاليا 14 ألف ليرة، الأمر الذي دفع الفلاحين للبيع لـ"قسد" لأنها عرضت سعر 430 دولارا للطن، أي نحو 5600 ليرة بسعر اليوم.
وعن أسعار مؤسسة الحبوب المعارضة، تشير مؤسسة الحبوب بالمناطق المحررة إلى أنها عرضت سعر 330 دولارا للطن أي نحو 4600 ليرة، لكنها لم تستلم كميات كبيرة بسبب قلة السيولة.
وأكد أن الطحين ومخزون القمح متوفر ولا أية مخاوف بمناطق المعارضة، ملمحاً إلى دور المنظمات الدولية بدعم المنطقة إن زادت الاحتياجات.
وعوّل وزير الزراعة بحكومة بشار الأسد، حسان قطنا، على موسم العام الجاري من القمح بقوله: إن بلاده ستستورد في 2023 نصف كمية القمح التي استوردتها في 2022 بسبب زيادة متوقعة في المحصول المحلي.
ويضيف قطنا: "هذا العام تأخر هطول الأمطار في بداية الموسم قليلا، لكن تمت زراعة كامل المساحات المخططة، وجاءت الأمطار بتوزع جيد ومروي تقريبا على مدار الموسم الزراعي، لذلك كان إنتاج المحصول الشتوي ممتازا جدا، ومتفائلون بأنه سيكون أعلى من المخطط بقليل لأن الظروف الجوية كانت مثالية".
ولفت الوزير بحكومة الأسد إلى خروج أهم مناطق الإنتاج عن سيطرة النظام "شمال شرق سورية التابعة لقسد"، مبيناً أن إنتاج بلاده كان بنحو 4 ملايين طن، وعندما "تعود كامل الأراضي إلى ما كانت عليه من الاستقرار سنستطيع أن نعود إلى تطوير إنتاجنا وتحقيق اكتفائنا الذاتي".

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر في دمشق، أن النظام لم يرفع أو يعدل سعر القمح الذي حدده قبل أن يتهاوى سعر صرف الليرة، رغم الحاجة لنحو 3 ملايين طن، لتأمين الخبز وصناعات الدقيق، متذرعاً بزيادة المعروض العالمي بسعر بين 230 و250 دولارا للقمح الطري.
وكشفت المصادر عن طلب حكومة الأسد مناقصات لاستدراج عروض أسعار من الأسواق العالمية، لشراء 200 ألف طن دفعة أولى.

وتبقى المخاوف على المناطق المحررة، شمال غربي سورية التي يقطنها نحو 5 ملايين سوري، في مخيمات وريفي إدلب وحلب، خاصة أن الكميات المستلمة لم تزد عن 20 ألف طن حسب ما يقول وزير المال والاقتصاد بحكومة الائتلاف، عبد الحكيم المصري.
ويؤكد المصري خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن الكمية المستلمة لا تكفي، ولكن قلة السيولة منعت الحكومة المؤقتة من شراء المزيد، مبيناً أنه لا خوف على توفر القمح والطحين والخبز بالمناطق المحررة، لأنها تتلقى دعماً بين 40 و50 ألف طن من "آفاد التركية"، ويصلها مساعدات أممية من "صندوق الائتمان لإعادة الإعمار"، وهو مؤسس منذ عام 2013 كبديل عن الأمم المتحدة لدعم المناطق المحررة.

ويضيف الوزير أن طاقة المطاحن شمالي سورية المحررة تصل إلى نحو 40 ألف طن سنوياً، متوقعاً شراء نحو 10 آلاف طن، بحال توفرت السيولة.

وكانت وزارة المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، قد حددت سابقاً سعر شراء محصول القمح للموسم الزراعي لعام 2023 بنحو 330 دولاراً للطن الواحد الصافي من القمح القاسي الدرجة الأولى، فيما أصبح سعر القمح الطري 285 دولارا للطن الواحد الصافي من الدرجة الأولى.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وحسب البيانات الرسمية، يستمر تراجع إنتاج القمح بسورية من نحو 4.5 ملايين طن عام 2011 إلى 1.2 مليون طن العام الماضي، قبل أن يتحسن قليلاً هذا العام، من دون أن تزيد الكميات التي استلمها نظام الأسد، ما ينذر بحسب مراقبين، بعام جوع إضافي.

كما حذر سابقاً، برنامج الغذاء العالمي "WFP" من أن مستوى انعدام الأمن الغذائي في سورية بلغ أعلى مستوى منذ عام 2011.

وأكد برنامج الغذاء العالمي أن هناك نحو 12.4 مليون شخص في سورية لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم الغذائية؟

المساهمون