يعتبر كثير من السوريين أن تأخر وصول رسائل البنزين والمازوت من شركة "محروقات" وما تشهده الأسواق من ارتفاع أسعار للمشتقات النفطية، بأكثر من ضعف السعر الحر، هو مؤشر على اقتراب رفع الأسعار رسميا.
ووصف العامل بقطاع النقل الخاص ضياء ماليل من منطقة دمر، الوضع الراهن لسوق المحروقات، بأنه "الحالة التي اعتدنا عليها قبل كل رفع للأسعار".
وأضاف ماليل لـ"العربي الجديد" أن الشركة الحكومية "محروقات" وبعد أن أبعدت فترة استلام السيارات الخاصة للبنزين، من 6 إلى 10 أيام، وللسيارات العامة من 4 إلى 10 أيام، مطلع الشهر الجاري، هاهي اليوم لا تسلم أصحاب السيارات مخصصاتهم، وفق المدة الجديدة، ما خلق سوقا سوداء للبنزين بسعر 6 آلاف ليرة سورية ورفع أجور النقل بنحو 100%.
وفي حين لم تتغير كمية استلام البنزين حتى الآن وبقيت 25 ليتراً، يرى ماليل أن "الكمية قليلة لكننا نعمل وفقها أو نشتري قليلا من السوق السوداء" مضيفا أنه بعد تأخر "رسالة البنزين، لم يبق أمامنا سوى تجار البنزين، الذين يبيعون بأسعارهم علانية وعلى مرأى الرقابة والمحافظة، مما اضطرنا لرفع الأجرة للضعف لأننا نشتري البنزين بضعف ثمنه".
ورفعت حكومة بشار الأسد سعر لتر البنزين، أربع مرات خلال العام الماضي للشرائح المدعومة، ليقفز سعر الليتر "وفق البطاقة الذكية" من 450 إلى 1100 ليرة كما تم رفع سعر البنزين غير المدعوم، ثلاث مرات ليصل سعر الليتر اليوم إلى 3 آلاف ليرة، ولا يتوفر سوى بخمس محطات وقود بدمشق وريفها، الأمر الذي أعاد مشهد الطوابير الطويلة للشوارع السورية.
وتكشف مصادر لـ"العربي الجديد" خلو محطات الوقود بالعاصمة السورية من البنزين وشحا كبيرا بالمازوت، ما خلق أزمة نقل "خانقة بأيام رمضان الأخيرة، وسط انتظار السائقين لعشر ساعات ليحصلوا على البنزين بالسعر الحر".
وفي حين تحمّل المصادر حكومة بشار الأسد "الفوضى وأزمة النقل وغلاء الأسعار" تضيف لـ"العربي الجديد" أن "مسلسل المحروقات لن ينتهي".
وأشارت إلى أنه "بعد قرار الحكومة رفع الدعم عن السيارات الحديثة، قلصت مرات التعبئة، من للسيارات الخاصة إلى 3 مرات شهريا بدلا من 4، والسيارات العامة 5 مرات بدلا من 7، أي هناك انخفاض بنحو 25 ليترا من مخصصات السيارات الخاصة، و50 ليترا على الأقل من مخصصات السيارات العامة، وها هي تؤخر إرسال الرسائل ولا تلتزم بالحد الأدنى من قراراتها".
رفعت حكومة بشار الأسد سعر لتر البنزين، أربع مرات خلال العام الماضي للشرائح المدعومة، ليقفز سعر الليتر "وفق البطاقة الذكية" من 450 إلى 1100 ليرة كما تم رفع سعر البنزين غير المدعوم، ثلاث مرات
وحول أجور النقل والكيفية التي يحددها السائقون ويشتكي منها السوريون، تشير المصادر إلى أن المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق، عدّل أجور النقل لسيارات الأجرة العامة، لترتفع أجرة الكيلومتر من 230 إلى 400 ليرة، كما عدل أجرة الساعة من 4 إلى 5 آلاف ليرة وفتح العداد من 150 إلى 200 ليرة سورية، لكن تلك التعديلات لم تعد تتناسب مع أسعار البنزين فـ"السائقون لا يبتزون المواطنين بل يحاولون ألا يعملوا بالمجان".
ويرى الاقتصادي السوري، محمود حسين أن عودة أزمة شح المحروقات وارتفاع الأسعار بالسوق السوداء، للضعف، لن يؤثرا على النقل وأجور المركبات فقط، بل سيمتد أثرهما إلى قطاعات اقتصادية كثيرة، مشيراً إلى ارتفاع أسعار الخضر والفواكه بسبب ارتفاع أجور النقل.
وأضاف حسين لـ"العربي الجديد" أن "الخشية من نفاد مادة المازوت أو رفع سعرها، لأنها مادة محرضة وتدخل بالصناعة والبناء والخدمات، ما يعني تضخم أسعار جديدا ومزيداً من تفقير السوريين الذين يعانون أصلاً، من أسوأ ظروف معيشية بواقع أجر لا يتجاوز مئة ألف ومصاريف تزيد عن مليوني ليرة للأسرة الواحدة".
وفي حين يربط حسين بين تراجع عرض المشتقات النفطية وتراجع الإمداد الروسي لسورية بالنفط، بعد الحرب على أوكرانيا، يرى أن إيران تراها فرصة للضغط على نظام الأسد، عبر المشتقات النفطية، لتحصيل مكاسب، وعقود الكهرباء اليوم محتكرة من إيران ولا استثمار أو حتى صيانة إلا عبرها أو بموافقتها".
ويلفت حسين إلى أن "تعطل نقل الطاقة عبر سورية إلى لبنان، سبب مهم وإن غير مباشر لعودة أزمة المحروقات إلى الأسواق السورية، إذ كانت سورية برأيه، ستستفيد من مشروع نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر أراضيها ، ولكن ذلك ضد الرغبة الإيرانية التي وجدت الفرصة اليوم سانحة للقصاص".
وكانت مصادر إعلامية متطابقة، قد أشارت إلى تجميد البنك الدولي مشروع نقل الطاقة إلى لبنان، عبر الأراضي السورية لحاجته إلى دراسة الجدوى السياسية للمشروع.
وفي حين يؤكد وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، أنه لم يتبلغ رسميًا من البنك الدولي أن هناك تجميداً لتمويل المشروع، يضيف خلال تصريح صحافي قبل يومين "التعاقد تمّ وقمنا بواجبنا، ولكن هناك تأخيراً في التمويل والموضوع لم يُرفض كما يقال".
لكن حسين، يرجّح تجميد المشروع، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة طلبت من لبنان ومصر، تأكيد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) على عدم إخضاع أي مؤسسة رسمية أو خاصة من لبنان ومصر والأردن للعقوبات الواردة ضمن قانون قيصر، ما يعني برأيه، عودة إحياء قانون قيصر الذي يعاقب سورية، وأن نظام الأسد كان سيحقق أول خرق بالقانون إن تم تمرير مشروعي الطاقة عبر سورية إلى لبنان، على حسب قول الاقتصادي السوري.