ضغوط على الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة في اجتماع طارئ...ماذا عن رد فعل الأسواق؟

06 اغسطس 2024
بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي - واشنطن 1 يناير 1968 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تراجع الأسهم الأميركية والمخاوف من الركود**: أنهت مؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات أول أيام الأسبوع في المنطقة الحمراء لليوم الثاني على التوالي، مما أثار تساؤلات حول دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بعد تقرير الوظائف المخيب للآمال.

- **تحليلات وآراء الخبراء حول خفض الفائدة**: يرى بعض المحللين أن الفيدرالي الأميركي كان يجب أن يخفض الفائدة في اجتماعه الأخير، خاصة بعد ارتفاع معدل البطالة من 4.1% في يونيو إلى 4.3% في يوليو.

- **التحديات والمخاطر المحتملة للاجتماع الطارئ**: عقد اجتماع طارئ لخفض الفائدة قد يؤدي إلى المزيد من الذعر في الأسواق، مما يزيد من حالة عدم اليقين.

أنهت مؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات أول أيام الأسبوع في "حفرة عميقة" في المنطقة الحمراء لليوم الثاني على التوالي، مع تزايد التساؤلات عما إذا كان الاقتصاد الأميركي قد دخل بالفعل في حالة ركود بعد تقرير الوظائف المخيب للأمال بشكل غير متوقع يوم الجمعة. وطرحت توترات الأسواق، لأول مرة منذ عام الجائحة، فكرة توجه البنك الفيدرالي الأميركي لعقد اجتماعٍ طارئٍ، يعلن فيه خفض أسعار الفائدة، من أجل وضع حد لتراجعات أسعار الأسهم، التي يرى البعض أنها تنذر بانهيار الأسواق، رغم تحفظ الكثيرين على الخطوة.

ويرى المحللون، ومنهم من عملوا مع جيروم باول رئيس البنك الفيدرالي الأميركي أن احتمالات عقد مثل ذلك الاجتماع في الوقت الحالي لإنقاذ سوق الأسهم تكاد تكون معدومة. وقال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز يوم الاثنين: "لا يوجد شيء في تفويض البنك الفيدرالي الأميركي ما يتعلق بالتأكد من أن سوق الأسهم مربحة".

ووفق المحللين، "على الرغم من ذلك، فقد يكون هناك حجة قوية، في ضوء ما حدث في سوق الأسهم على مدار يومي الجمعة والاثنين، للاعتقاد بأن الفيدرالي الأميركي كان يتعين عليه خفض الفائدة في اجتماعه الأسبوع الماضي، والذي انتهى قبل صدور تقرير الوظائف. فلو كان المسؤولون يعرفون أن معدل البطالة سيرتفع من 4.1% في يونيو/حزيران إلى 4.3% في يوليو/تموز، وهو ما يقرب من نقطة مئوية كاملة أعلى مما كان عليه في بداية هذا العام، لربما كان أعضاء مجلس الاحتياط الفيدرالي أكثر اقتناعًا بأن الاقتصاد الأميركي يضعف بما يكفي، بحيث تفوق فوائد خفض الفائدة المخاطر التي يمكن أن يقربنا منها".

ودعا جيريمي سيغل، أستاذ المالية في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا يوم الاثنين الفيدرالي الأميركي لإجراء خفض طارئ بمقدار 75 نقطة أساس (0.75%) في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بعد تقرير الوظائف المخيب للآمال يوم الجمعة.

وقال سيغل، في برنامج "Squawk Box" على قناة سي أن بي سي الاقتصادية: "يجب أن يكون هناك خفض آخر بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماع الشهر المقبل في شهر سبتمبر/أيلول"، مشيراً إلى أن هذا هو الحد الأدنى الذي يجب أن يكون عليه سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية. وقال: "يجب أن يكون سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية الآن في مكان ما بين 3.5% و 4%"، مقارنة بمستواه الحالي عند نطاق 5.25% - 5.50%.

لكن الدعوة إلى اجتماع طارئ الآن لخفض أسعار الفائدة قبل الاجتماع التالي المقرر للبنك الفيدرالي الأميركي، والذي يبعد أكثر من ستة أسابيع، يمكن أن يكون لها نتائج عكسية، مما يؤدي إلى المزيد من الذعر. وتجتمع لجنة تحديد أسعار الفائدة التابعة لمجلس الاحتياط الفيدرالي ثماني مرات في السنة للتصويت على المستوى الذي يعتقد المسؤولون أنه يجب أن تكون عليه أسعار الفائدة، لتعزيز أقصى قدر من التشغيل واستقرار الأسعار.

ولكن إذا حدث شيء ما بين تلك الاجتماعات يغير وجهات نظرهم بشأن المستوى المثالي لأسعار الفائدة، يمكن للمسؤولين التوجه لاجتماع "طارئ" غير مقرر. وكانت المرة الأخيرة التي فعلوا فيها ذلك عند بداية ظهور وانتشار الوباء، في الربع الأول من عام 2020، عندما صوتوا لصالح خفض أسعار الفائدة بمقدار 0.5%. وبعد أقل من أسبوعين من ذلك، اجتمعوا مرة أخرى لخفض أسعار الفائدة بمقدار 1%، إلى مستويات قريبة من الصفر.

وفي تلك المرحلة، كانت الأمور تزداد سوءًا بصورة متسارعة، ولم يكن على أعضاء مجلس الفيدرالي الأميركي موازنة أفعالهم، خوفاً من تسببها في إثارة ذعر الأميركيين بشكل غير ضروري. وقبل تلك التخفيضات، كانت آخر مرة قام فيها بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي بخفض طارئ لأسعار الفائدة خلال فترة الركود العظيم، بعد فترة وجيزة من انهيار بنك ليمان براذرز في خريف عام 2008.

الفيدرالي الأميركي والخفض المفاجئ للفائدة:

وفي فترات كتلك التي نعيشها حالياً، والتي تجتمع فيها المخاطر الجيوسياسية مع تذبذبات الأسواق وتزايد حالة عدم اليقين، يسعى البنك الفيدرالي الأميركي إلى طمأنة المستثمرين، وكل الناس، إلى أن الاقتصاد الأميركي ليس على وشك الدخول في ركود.

وقال تشارلز بلوسر، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في فيلادلفيا، عن اجتماع البنك المركزي الطارئ الذي عقد في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2008 "بصورة عامة، لا أحب التخفيضات بين الاجتماعات. أعتقد أن هذه التخفيضات تشير إلى الذعر أكثر من كونها تشير إلى الاستقرار". ولكنه استدرك قائلاً إنه كان موافقاً على "على مضض" على اقتراح خفض طارئ لأن "بنوكا مركزية أخرى كانت تفعل ذلك".

وخفضت بنوك مركزية عدة أسعار الفائدة لديها هذا العام، وكان منها بنك كندا والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا، إلا أنها فعلت ذلك في اجتماعات مقررة مسبقاً. فإذا ما قرر الفيدرالي الأميركي المضي قدماً في إجراء خفض طارئ، فسوف يتساءل الناس حتماً: ما الذي يعرفه البنك المركزي الأكبر في العالم ولا يعرفه أي شخص آخر؟

وهذا تحديداً هو ما عبرت عنه جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية الحالية، والتي كانت تشغل منصب رئيسة بنك الاحتياط الفيدرالي في سان فرانسيسكو في يناير/كانون الثاني، حين عقد بنك الاحتياط الفيدرالي اجتماعاً غير مقرر، حيث قالت، وفقاً لمحضر الاجتماع الصادر عن الفيدرالي الأميركي: "أخشى أن يُنظر إلى هذا الأمر باعتباره إشارة إلى الذعر من جانب اللجنة، وأن يشير بطريقة خاطئة إلى أن لدينا معلومات داخلية تظهر أن الأمور أسوأ مما تعتقد الأسواق بالفعل".

كما أعربت عن قلقها من أن الخفض الطارئ قد "يُنظر إليه باعتباره رد فعل مبالغا فيه على تقرير التوظيف"، في إشارة إلى تقرير الوظائف الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2007، والذي صدر قبل خمسة أيام من اجتماع الفيدرالي الأميركي. وأظهر التقرير أن معدل البطالة في البلاد ارتفع بنسبة 0.3% إلى 5%. 

وفي اجتماع أكتوبر/تشرين الأول 2008، حذر بلوسر من أن خفض أسعار الفائدة على الفور لن "يجعل الشهرين المقبلين أقل إيلاماً من حيث الاقتصاد الكلي"، وهو ما يشبه كثيراً الحال الحالية، وفقاً لشي شاو، مسؤول الاستثمار بشركة بويز لاستشارات الاستثمار، الذي قال لـ"العربي الجديد": "إلى حد ما، لن يكون من المهم في الأمد القريب حجم الخفض الذي سيقرره مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي وتوقيته، لأن الأمر قد يستغرق نحو عام كامل قبل أن يشعر الاقتصاد فعلياً بأي تأثير للتغير في أسعار الفائدة".