استمع إلى الملخص
- برنامج H-1B وتأثيره على سوق العمل: أُنشئ في 1990 لتوظيف العمالة الماهرة في التكنولوجيا والهندسة، ويُستخدم بكثرة في قطاعات التكنولوجيا، رغم استغلال بعض الشركات له لتوظيف عمالة بأجور أقل.
- مواقف ترامب وماسك: رغم انتقاد ترامب السابق، أبدى دعمه للبرنامج مؤخرًا، بينما يدعمه ماسك بقوة مع الاعتراف بضرورة الإصلاحات لضمان تحقيق أهدافه.
تصاعد الجدل خلال فترة أعياد الميلاد حول الهجرة وتأشيرات العمل في الولايات المتحدة بين الناشطة المحافظة لورا لوومر والملياردير الشهير، المقرب من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، إيلون ماسك، حيث انتقل النقاش من منصة X إلى مناقشات أوسع شملت ديمقراطيين بارزين. لكن التركيز هذه المرة تحول بعيدًا عن العمال غير المسجلين، الذين كانوا محور حملة ترامب الرئاسية العام الماضي، ليشمل العمالة الماهرة من الحاصلين على تأشيرات H-1B، التي تمنح للعاملين في قطاعات معينة في الولايات المتحدة.
وينتقد المعارضون لبرنامج H-1B هذا النوع من التأشيرات، مشيرين إلى أن حائزيها يسرقون الوظائف من العمال الأميركيين بسبب انخفاض رواتبهم، خاصة في قطاع التكنولوجيا الذي يُعتبر أكبر راعٍ لهذه التأشيرات. وفي المقابل، يرى المؤيدون أن السوق الأميركية لا تملك عددًا كافيًا من العمالة الماهرة المؤهلة لتلبية الطلب المتزايد في هذه الصناعات، كما أن القواعد الصارمة للبرنامج تمنع انخفاض الأجور.
وقالت جين باتالوفا، كبيرة المحللين في معهد سياسة الهجرة، لموقع ياهو فينانس Yahoo Finance: "لم يكن الهدف من هذا البرنامج أن يكون بديلاً عن المواهب الأميركية، بل أن يكون مكملاً لها، وهو ما كان يحدث بشكل عام من قبل". لكنها أشارت إلى أن بعض الشركات تستخدم البرنامج بطرق "لا تتماشى مع روح القانون"، وهو ما زاد حجة المواجهات بين مؤيدي ورافضي البرنامج.
ما هو برنامج H-1B لتأشيرات العمالة الماهرة في أميركا؟
أنشئ برنامج تأشيرات H-1B في عام 1990 بموجب قانون الهجرة، وهو برنامج تأشيرة مؤقتة لغير المهاجرين يسمح للشركات بتوظيف العمالة الماهرة من الأجانب ممن يحملون على الأقل شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها، خاصة في مجالات مثل التكنولوجيا والهندسة والتمويل والرعاية الصحية والأوساط الأكاديمية. ويشمل البرنامج أيضاً عارضات الأزياء "ذات الجدارة والقدرات المتميزة"، لكن دون اشتراط المؤهلات التعليمية، وفقًا لوزارة العمل الأميركية.
وتسمح تأشيرة H-1B للعامل الأجنبي بالإقامة في الولايات المتحدة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد إلى ست. وفي بعض الحالات، يمكن للعامل البقاء لفترة أطول إذا كان لديه طلب معتمد للحصول على بطاقة الإقامة الخضراء Green Card. ويقول مارك ريغيتس، زميل أول في مؤسسة السياسة الأميركية الوطنية: "نحن نحدد عدد الأشخاص من كل بلد يمكنهم الحصول على البطاقة الخضراء سنويًا، لذا يمكنهم البقاء في وضع H-1B أثناء انتظارهم لتلبية حصة البلاد".
ومنذ إنشاء برنامج H-1B، حدد الكونغرس عدد التأشيرات الجديدة المسموح بها سنويًا. وحاليًا، يبلغ الحد السنوي 65,000 تأشيرة جديدة بالإضافة إلى 20,000 تأشيرة إضافية للمهنيين الأجانب الحاصلين على درجات الماجستير أو أعلى من الجامعات الأميركية. ولم يتغير هذا الحد منذ عام 2006.
كيف يرى ترامب وماسك برنامج H-1B؟
خلال فترة رئاسته، انتقد ترامب برنامج تأشيرة H-1B بسبب احتمال إساءة استخدامه لاستبدال العمال الأميركيين بعمال أجانب بأجور أقل. ومع ذلك، لم تسعَ إدارته إلى إلغائه بالكامل. وبدلاً من ذلك، ركزت على إدخال سياسات تهدف إلى إعطاء الأولوية للعمال ذوي المهارات العالية والأجور المرتفعة داخل البرنامج، بما يتماشى مع الغرض الأصلي للتأشيرة.
والأسبوع الماضي، أعلن ترامب عن دعمه ماسك في نزاع على استخدام برنامج التأشيرات H-1B، رغم رفض الكثير من مؤيديه للبرنامج. وجاءت تصريحات ترامب بعد أن نشر ماسك منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي توعد فيها بشن "حرب" دفاعا عن برنامج تأشيرات العمالة الماهرة. وقال ترامب، الذي تحرك للحد من استخدام التأشيرات خلال فترة رئاسته الأولى، لصحيفة نيويورك بوست إنه يؤيد البرنامج.
وأضاف ترامب، بحسب ما نقلت رويترز عن الصحيفة: "لدي عدد كبير من تأشيرات H-1B على ممتلكاتي. أنا أدعم تأشيرات البرنامج، واستخدمتها عدة مرات. إنه برنامج رائع". وقال ماسك في منشور على منصة إكس: "السبب وراء وجودي في أميركا مع الكثير من الأشخاص المهمين الذين أسسوا سبيس إكس وتسلا ومئات الشركات الأخرى التي جعلت أميركا قوية هو برنامج H-1B".
The reason I’m in America along with so many critical people who built SpaceX, Tesla and hundreds of other companies that made America strong is because of H1B.
— Elon Musk (@elonmusk) December 28, 2024
Take a big step back and FUCK YOURSELF in the face. I will go to war on this issue the likes of which you cannot…
وعبر ماسك، في أكثر من مناسبة، عن دعمه لاستقبال المهاجرين من العمالة الماهرة من مختلف البلدان، وهو موقف يتماشى مع مبادئ تأشيرة H-1B. ووباعتباره رئيسا تنفيذيا لشركات مثل "تسلا" و"سبيس إكس"، أكد ماسك أهمية جذب أفضل المواهب العالمية لدفع الابتكار في الولايات المتحدة. ويرى الملياردير الشهير أن استقدام العمالة الماهرة يعزز الاقتصاد الأميركي ويساهم في تطوير التقنيات المتقدمة.
أين يعمل الحاصلون على تأشيرات H-1B؟
يُستخدم برنامج H-1B بشكل كبير في صناعات الخدمات المهنية والعلمية والتقنية، والتي شكلت تقريبًا نصف التأشيرات الجديدة المعتمدة في السنة المالية 2024. وجاءت الخدمات التعليمية في المرتبة الثانية بنسبة 11.9%، تليها الصناعات التحويلية بنسبة 9.3%، والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية بنسبة 6.5%.
وتتركز أكبر الشركات التي توظف عمال H-1B في قطاع التكنولوجيا، حيث حصلت أمازون على 3,871 طلبًا معتمدًا للتوظيف الجديد في السنة المالية 2024، تلتها كوجنيزانت بـ2,873، وإنفوسيس بـ2,504، وتي سي إس بـ1,452، وآي بي إم بـ1,348. كما تضمنت القائمة شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا وآبل. وبرزت شركة تسلا، المملوكة لإيلون ماسك، في المرتبة الـ16 بعدد 742 تأشيرة.
وتشمل القائمة أيضًا شركات غير تقنية مثل إرنست آند يونغ، وولمارت، وغولدمان ساكس، وچي بي مورغان تشيس، وسيتي بنك، وفقًا لمؤسسة السياسة الأميركية الوطنية، وباستخدام بيانات من مركز تأشيرات H-1B التابع لدائرة خدمات الجنسية والهجرة الأميركية.
هل يحل عمال H-1B محل العمال الأميركيين ويضرون بالأجور؟
وفقًا للقواعد، يجب على أصحاب العمل ضمان أن توظيف العمالة الماهرة بتأشيرة H-1B لن يضر بأجور أو ظروف العمل للعمال الأميركيين. ويتعين على صاحب العمل إثبات ذلك في طلب مصدق من وزارة العمل قبل تقديم الالتماس للتأشيرة، كما يجب إبلاغ الموظفين الحاليين بخطط توظيف عامل H-1B. ويشير خبراء في قطاع التكنولوچيا إلى أن النمو السريع في هذه الصناعات أدى إلى وجود العديد من الوظائف الشاغرة مع نقص في العمال الأميركيين المؤهلين لملئها. لهذا السبب تلجأ شركات التكنولوچيا إلى العمالة الأجنبية لتلبية الطلب.
ومع ذلك، أظهرت أبحاث من معهد السياسة الاقتصادية (EPI) أن بعض شركات التكنولوچيا تستمر في توظيف العمالة الماهرة بتأشيرة H-1B بأعداد كبيرة بينما تقلص القوى العاملة الأميركية. وأشارت الأبحاث إلى أن بعض الشركات تستغل العمالة الأجنبية الأرخص بدلاً من توظيف عمال أميركيين.
يرى الملياردير الشهير إيلون ماسك أن استقدام العمالة الماهرة يعزز الاقتصاد الأميركي ويساهم في تطوير التقنيات المتقدمة... وترامب يدعمه في هذه الرؤية
هل عمال H-1B أرخص؟
وفقًا للقواعد، يجب أن يحصل عامل H-1B على أجر لا يقل عن الأجر السائد في المنطقة أو الأجر الذي يُمنح للعاملين الأميركيين المماثلين في الوظيفة نفسها، أيهما أعلى. ومع ذلك، أظهرت أبحاث معهد السياسة الاقتصادية أن بعض الشركات تستغل الثغرات لتوظيف العمال الأجانب بأجور أقل من نظرائهم الأميركيين. وأقر إيلون ماسك نفسه بأن البرنامج يحتاج إلى "إصلاحات كبرى"، بما في ذلك تحديد الحد الأدنى للأجور. ومع ذلك، أكدت جين باتالوفا أن العمال الحاصلين على تأشيرات H-1B يلبون احتياجات حقيقية، خاصة في ظل تقلص القوى العاملة مع تقاعد جيل الطفرة Boomers Boomers وتفاقم نقص العمالة في بعض القطاعات بسبب الجائحة.
وأظهرت البيانات أن بعض المناطق التعليمية في الولايات المتحدة تعتمد على العمال الأجانب لسد نقص المعلمين، خاصة المعلمين ثنائيي اللغة. وفي عام 2022، لجأت منطقة كامدن التعليمية في نيوچيرسي إلى العمالة الأجنبية لشغل 28 وظيفة شاغرة لم تجد من يملؤها بعد شهور من البحث. وفي عام 2023، استقدمت المدارس العامة في ميلووكي 140 معلمًا من دول مثل نيچيريا والمكسيك والفيليبين.