- تم اتخاذ خطوات نحو تشديد السياسة النقدية والتحول إلى نظام مرن لسعر الصرف في مصر، بما في ذلك رفع أسعار البنزين والوقود، لمواجهة التحديات الاقتصادية.
- الحكومة المصرية خفضت قيمة الجنيه بـ 60% ورفعت سعر الفائدة بـ 6%، مما أثار تحذيرات من خبراء بشأن زيادة التضخم والفقر وأعباء الديون، خصوصًا مع ارتفاع فوائد الدين في الموازنة الجديدة بنسبة 63.77%.
حذّر صندوق النقد الدولي الحكومة المصرية من العودة إلى التحكم في سعر الصرف، مشيراً إلى أنها ملتزمة وفق البرنامج المتفق عليه أخيراً مع الصندوق اتباع نظام "صرف حرّ"، بالإضافة إلى معالجة اقتراض الحكومة والقطاع العام من البنك المركزي دون إدراج ذلك في الميزانية. وذكر الصندوق في تقرير للخبراء، وفق وكالة رويترز، مساء الجمعة، أن مصر اتخذت بالفعل خطوات لتشديد السياسة النقدية، والتحول إلى نظام مرن لسعر الصرف ونظام صرف حرّ، ورفعت أسعار البنزين والوقود لتعويض تعديلات سابقة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2022.
وجاء في التقرير الذي قالت الوكالة إنها حصلت على أجزاء منه عبر قناة غير رسمية لم تسمِّها، أن القاهرة التزمت أيضاً معالجة نقاط الضعف، مثل إقراض البنك المركزي للحكومة للهيئات العامة. وأوضح التقرير الذي جاء بعد أربعة أسابيع من موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد على برنامج دعم مالي لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار، أن البنك المركزي أتاح لوزارة المالية في الآونة الأخيرة التوسع في استخدام تسهيلات السحب على المكشوف. وأضاف أن ذلك أسهم في ضغوط تضخمية ومشكلات في سعر الصرف خلال العامين الماضيين.
وقال إن "استمرار الاستثمار في المشاريع الوطنية بوتيرة لا تتوافق مع استقرار الاقتصاد الكلي أسهم كثيراً في ارتفاع أسعار الصرف الأجنبي والضغوط التضخمية". وجاء في التقرير أن البنك المركزي زاد على نحو سريع من صافي أصوله المحلية من منتصف عام 2022 إلى أوائل عام 2024 ليقرض هيئات حكومية دون الرجوع إلى وزارة المالية. وأشار التقرير إلى أن السلطات المصرية التزمت الحدّ من حساب السحب على المكشوف للحكومة لدى البنك المركزي ومنع المزيد من الإقراض من البنك المركزي لهيئات حكومية خارج وزارة المالية.
وأضاف أن البنك المركزي المصري أقرض حتى فبراير/ شباط 2023 ما يصل إلى 765 مليار جنيه مصري (15.9 مليار دولار) لهيئات حكومية بخلاف وزارة المالية، وهو ما يمثل انتهاكاً واضحاً لقانون البنك المركزي لعام 2020. والاتفاق الأخير توسيع لتسهيل الصندوق الممدد البالغ 3 مليارات دولار لمدة 46 شهراً الذي أبرمه صندوق النقد الدولي مع مصر في ديسمبر/ كانون الأول 2022، والذي كان أحد بنوده الرئيسية التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف.
وتعثر ذلك البرنامج عندما عادت مصر إلى التدخل بإدارة سعر الصرف، إلى جانب التأخر في برنامج طموح لبيع أصول مملوكة للدولة وتعزيز دور القطاع الخاص. وجاء في تقرير الخبراء أن "العودة إلى سعر صرف ثابت في فبراير/ شباط 2023 قوضت دفعة المصداقية الأولية التي نتجت من إعلان التحول إلى نظام مرن، كذلك عرقلت تنفيذ ركائز أخرى في البرنامج مثل بيع أصول مملوكة للدولة". وذكر التقرير: "كما أدت (العودة إلى سعر صرف ثابت) إلى نقص النقد الأجنبي ورواج كبير (للعملات الأجنبية) في السوق الموازية وتقييد الواردات، وكلها عوامل غذت التضخم وأثرت في النمو".
وذكر التقرير أن التأخير في رفع أسعار الفائدة بسبب التضخم الذي كان أعلى من المتوقع أدى إلى استمرار أسعار الفائدة السلبية والقمع المالي. وفور الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي، خفضت الحكومة المصرية في مارس/ آذار الماضي سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 60% ليلامس الدولار 50 جنيهاً مقابل 30.95 جنيهاً، بينما كان قبل عامين يُتداوَل بنحو 15.74 جنيهاً، كذلك رفعت سعر الفائدة على العملة المحلية بنسبة 6% دفعة واحدة لتقفز إلى 27.25%.
وحذّر خبراء اقتصاد من دوامة خفض سعر العملة وزيادة أسعار الفائدة، بناءً على مطالب صندوق النقد الدولي، التي تزيد من تشوهات الاقتصاد ورفع معدلات التضخم وسقوط المزيد من ملايين المواطنين في الفقر، فضلاً عن تفاقم أعباء الديون. وقفزت فوائد الدين في مشروع موازنة مصر للسنة المالية الجديدة (2024-2025) من تريليون و120 ملياراً و86 مليون جنيه إلى تريليون و834 ملياراً و468 مليون جنيه، بزيادة قدرها 714 ملياراً و382 مليون جنيه، وبارتفاع نسبته 63.77%، على خلفية توسع الحكومة في الاقتراض من الخارج، وتراجع سعر صرف العملة المحلية من متوسط 30.95 إلى 48.6 جنيهاً للدولار.
وتبدأ السنة المالية في مصر في أول يوليو/ تموز من كل عام، وتنتهي في آخر يونيو/ حزيران من العام التالي. وأظهر البيان المالي للموازنة الجديدة، الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، أن مدفوعات الفوائد مثلت نسبة 47.4% من إجمالي مصروفات الموازنة، مقارنة بـ37.4% في موازنة السنة المالية الجارية (2023-2024)، ارتباطاً بارتفاع معدلات التضخم المدفوعة بزيادة أسعار السلع الأساسية والغذائية، وزيادة أسعار الفائدة، وتكلفة الاقتراض، وتغير سعر الصرف على قيمة الفوائد المسددة عن القروض بالعملة الأجنبية.