أفرجت السلطات المصرية مساء أمس السبت وبشكل مفاجئ عن مؤسس شركة جهينة ورجل الأعمال البارز صفوان ثابت ونجله سيف، بعد قرابة عامين من الاحتجاز.
ومع الإفراج عن صفوان ثابت فإن هناك عشرات الأسئلة المعلقة التي تبحث عن إجابة، خاصة وأن حبس الرجل ونجله تحول إلى قضية رأي عام ليس فقط داخل مصر، بل لاقت قضيته اهتمام خبراء الأمم المتحدة ومنظمات أعمال ومال دولية ومؤسسات حقوقية كبرى مثل "هيومن رايتس ووتش" .
بل إن منظمة العفو الدولية خرجت علينا ببيان في سبتمبر/ أيلول 2021، قالت إن السلطات المصرية "أساءت استخدام قوانين مكافحة الإرهاب من أجل احتجاز رجل أعمال بارز هو صفوان ثابت وابنه بشكل تعسفي، وفي ظروف ترقى إلى مستوى التعذيب، وذلك انتقاماً منهما لرفضهما تسليم أصول شركتهما إلى جهة ما".
لماذا تم القبض أصلا على صفوان ثابت ونجله؟ ولماذا تم الإفراج عنهما بعد أكثر من عامين من الاحتجاز؟
السؤال: لماذا تم القبض أصلا على صفوان ثابت ونجله؟ ولماذا تم الإفراج عنهما بعد أكثر من عامين من الاحتجاز، وما صحة الاتهامات الخطيرة الموجهة إليهما، وإذا كانت هناك أدلة قاطعة على تلك الاتهامات، لماذا لم يحاكما طوال العامين الماضيين، فإما الإدانة أو البراءة.
وهل سيعود الرجل ونجله لقيادة قلعته الصناعية التي تحولت إلى واحدة من أنجح المؤسسات في المنطقة وأكبر منتج للألبان والعصائر المعبأة بمصر؟
وهل الإفراج عنهما يعني وضع نهاية للضغوط التي مورست عليهما بهدف دفعهما للتنازل عن أصول الشركة العملاقة أو بيعها بأبخس الأثمان؟
لا أحد يعرف بدقة الإجابة عن الأسئلة السابقة وغيرها، فبالنسبة للسؤال الأول المتعلق بالتهم المنسوبة إليه، مرة يقال إن الرجل كان يقود "مخططاً يهدف إلى تمويل وإحياء جماعة الإخوان، وإن المخطط استهدف استخدام شركات صفوان ثابت في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم واستثمار عوائدها لصالح أنشطة إرهابية".
وعندما تطلب الدليل على هذا الكلام الخطير، لا أحد يقدمه أو حتى يشير إليه ولو من بعيد، بل تجد اتهامات عامة ترقى للمزاعم التي توجه لأي رجل أعمال قد لا ترضى عنه السلطات القائمة.
ومرة أخرى يقال إن الرجل يهرب أمواله إلى الخارج، وثالثة يقال إن الرجل متهم بمخالفات مالية، وفي كل الأحوال لا أحد يقدم الدليل على مزاعمه، بل عندما تسأل أي نوع المخالفات خاصة وأنه معروف عن الرجل الطهارة ونظافة اليد وسداد مستحقات الدولة من ضرائب وتأمينات وغيرها، لا أحد يرد، لتعود وتسأل: وهل يسرق الرجل ماله وشركته أصلا؟
هل تم إبرام صفقة ما تم بموجبها الإفراج عن رجلي الأعمال، بمعنى هل ساوم صفوان ونجله على حريتهما؟
وعندما تسأل للمرة العاشرة: لماذا تم الإفراج عن الرجل بعد أكثر من عامين من الاحتجاز، هل تمت تبرئته من التهم الموجهة إليه من قبل الجهات القضائية، لا أحد يرد ولا أحد يقدم إجابة محددة.
وعندما تسأل: هل تم اعتقال الرجل لأنه يناوئ النظام الحاكم والسلطات القائمة، هنا تجد الإجابة بالنفي، فمجلس إدارة شركة جهينة تبرع في العام 2014 بـ50 مليون جنيه لدعم صندوق "تحيا مصر" المدعوم من الدولة، والرجل لا يعمل بالسياسة، ولم يسبق له أن أعلن عن انتمائه السياسي والحزبي، بل كان أحد أبرز رجال الأعمال في فترة حكم مبارك، وتم إسناد مهام كثيرة له في اتحاد الصناعات المصرية وغيره من منظمات المجتمع المدني.
سؤال أخر: هل تم إبرام صفقة ما تم بموجبها الإفراج عن رجلي الأعمال، بمعنى هل ساوم صفوان ونجله على حريتهما كما يردد البعض، وهل خضعا لمزيد من التهديدات خاصة مع ظروف حبسهما المهينة والقاسية؟
لا معلومات جديدة في هذا الشأن، وإن كان الرجل وحتى قبيل الإفراج عنه لا يزال على موقفه ورفض التنازل عن أصول شركته رغم تعرضه ونجله لحملة ابتزاز واستهداف منظم وتهديدات متواصلة على مدى عامين.
في كل الأحوال لا أحد يعرف الإجابة عن الأسئلة السابقة بدقة، لكن المؤكد هنا أن رجل الأعمال البارز ونجله احتجزا على خلفية قضايا ذات طابع سياسي، وتهم غامضة مثل تمويل الإرهاب، وتقويض الاقتصاد الوطني، والانضمام إلى جماعة محظورة كما يقول المدافعون عنهما.
والمؤكد أيضا أن الإفراج عنهما جاء عقب إبرام اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي من أبرز ملامحه التزام الحكومة بتحسين بيئة الأعمال وتشجيع مناخ الاستثمار وإزالة القيود على القطاع الخاص ودعم تنافسيته، وفق مراقبين. ومن هذه النقطة يمكن النظر لقرار الإفراج عن صفوان ثابت ونجله وبشكل مفاجئ.
الإفراج عن ثابت ونجله جاء عقب إبرام اتفاق بين مصر وصندوق النقد من أبرز ملامحه التزام الحكومة بتحسين بيئة الأعمال وتشجيع مناخ الاستثمار
قد تكون هناك خلفيات أخرى للقرار، لكن النظر لتوقيت الإفراج عن الرجل ونجله يأتي بعد أيام من الاتفاق مع الصندوق، وهو أمر لافت لا يمكن تجاهله.
السؤال الأخير هنا: هل سيتم الإفراج عن مزيد من الاقتصاديين ورجال الأعمال المحبوسين احتياطيا من دون اتهام أو جرى احتجازهم على خلفيات سياسية وذلك بهدف تحسين مناخ الاستثمار كما يطالب صندوق النقد، أم يتم الاكتفاء بحالة صفوان ثابت ونجله باعتبارها الأشهر في عالم المال والأعمال؟