صعود أسعار المحروقات يزيد أعباء السودانيين ويرفع موازنة الكهرباء

16 أكتوبر 2021
أزمة الوقود تتصاعد في السودان (Getty)
+ الخط -

تشكل قضية نقص الوقود في السودان إحدى أسوأ الأزمات التي تواجه المواطنين في غالبية الولايات، وضمنها الخرطوم، حيث المركز الاقتصادي للبلاد. وبعدما انتهجت الدولة مسار تحرير أسعار السلع الاستراتيجية في يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، في مقدمتها تحرير أسعار الوقود، تفاقمت معاناة السودانيين المعيشية، وأصبح سعر النفط العالمي واحداً من المؤشرات التي تتم متابعتها في كل بيت. وتنعكس ارتفاعات الأسعار الدولية لبرميل النفط تضخماً يطاول السلع الأساسية، في حين توقف عدد من الصناعات المحلية وخرج تجار من الأسواق بسبب الركود وارتفاع تكلفة الإنتاج.
وشهدت أسعار الطاقة، سواء النفط أو الغاز الطبيعي، قفزات خلال الفترة الأخيرة، فسعر الغاز مثلا زاد نحو 400% خلال العام الجاري، فيما هناك توقعات بأن يصل سعر برميل النفط دولياً إلى ما بين 90 و100 دولار للبرميل. 
ورغم التوافق على زيادة رواتب العاملين في الدولة بنسبة تفوق 500%، إلا أن غول التضخم بدد تلك الموارد، إذ ازدادت نسب البطالة والفقر في السودان، وعانى المواطنون من سياسات الحكومة، فيما اعتبر عدد من الخبراء أن تطبيق روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين وراء تفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد.

ويقول الاقتصادي الفاتح عثمان لـ"العربي الجديد" إن الحكومة الانتقالية قامت بتحرير سعر الوقود كليا، باستثناء فيول الكهرباء، بالتالي يخضع سعر البنزين والغازولين للتقلبات العالمية. وفيما لن تتأثر موازنة الحكومة بارتفاع سعر النفط العالمي من حيث تغطية حاجات السوق، إلا أن نفقاتها المرصودة لدعم الكهرباء والغاز تشهد ارتفاعاً مستمراً. ويلفت الفاتح إلى مساع حكومية للتخلص من دعم الكهرباء في موازنة العام المقبل.

أما الخبير الاقتصادي، عادل عبد المنعم، فيؤكد تأثر السودان بأي زيادة عالمية لأنه يستورد أكثر من نصف احتياجاته النفطية البالغة ملياري دولار من الخارج. ويلفت إلى أن زيادة سعر النفط الدولي تؤثر على غالبية السلع المستوردة الأخرى، فيما موارد السودان من العملة الصعبة بما فيها تحويلات المغتربين لا تتجاوز سبعة مليارات دولار. 

ويشير عبد المنعم إلى إيجابيات زيادة المحروقات في السودان فهي خفّضت الاستهلاك المحلي بنسبة 20%، وهذا يقلل فاتورة الاستهلاك تلقائيا، ومن الممكن أن يغطي الإنتاج المحلي جزءا كبيرا من حاجة السوق، ما يسهّل تفادي أي زيادة عالمية لاحقة في أسعار النفط.

ولكنّ عضو اللجنة الاقتصادية في قوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله، يقول لـ"العربي الجديد" إن أسعار المحروقات ترتبط أساسا بكل العملية الاقتصادية من إنتاج وترحيل وحسابات تكلفة، وفقا لسياسات وزارة المالية والطاقة، ولذا فإن أي زيادة تحدث تؤثر مباشرة في مجمل العملية الاقتصادية، وسيكون أثرها مباشرا على موازنة الدولة، لأن ما يفوق ثلت الإيرادات هو من مبيعات المشتقات النفطية.

ويلفت إلى أن العملية مزدوجة، فحينما تزيد الإيرادات يزيد الإنفاق تلقائياً، على اعتبار أن الدولة من أكبر مستهلكي المحروقات، هذا عدا عن زيادة أسعار السلع والخدمات.

 ويضيف خلف الله أن أي زيادة مع ثبات الأجور هي تراجع ونكسة في الاقتصاد ونقص في مصادر الإيرادات الحقيقية للدولة متمثلة في الضرائب والجمارك. ويرى أن الحلول تقوم على تنويع المصادر الحقيقية للإيرادات، وخفض الإنفاق الحكومي.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ"العربي الجديد" أن أي زيادة في أسعار المحروقات عالميا تصب في مصلحة الدولة المنتجة، وتأتي خصما على الشعوب المستهلكة. ويرى أن السودان قبل انفصال الجنوب كان وضعه سيكون مختلفا، ولكن بعد الانفصال تراجع إنتاج النفط إلى أن وصل إلى أقل من  70 ألف برميل يومياً، وهو تراجع كبير يؤثر ويزيد من حجم الاستيراد.

المساهمون