أزمة الغاز الروسي مستمرة في أوروبا: صربيا تحذر من العقوبات ومولدوفا تخشى انقطاع الإمدادات
استمع إلى الملخص
- وافق برلمان مولدوفا على حالة طوارئ لمدة 60 يومًا تحسبًا لانقطاع الغاز الروسي، وتسعى لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
- تواجه مولدوفا تحديات مع انتهاء عقد نقل الغاز عبر أوكرانيا، وتستمر التوترات مع روسيا حول ديون الغاز البالغة 700 مليون دولار.
حذر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش من أنّ الولايات المتحدة تخطط في الأيام المقبلة لفرض عقوبات على المورّد الوحيد للغاز في البلاد بسبب ملكيته الروسية، في الوقت الذي وافق فيه البرلمان المولدوفي على فرض حالة طوارئ لمدة 60 يوماً تحسّباً لانقطاع متوقع لإمدادات الغاز الروسي عبر منطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لموسكو.
وشركة "بتروليوم إندستري أوف صربيا" (إن آي إس) المملوكة أساساً لشركة "غازبروم نفت" الروسية وشركتها الأم غازبروم، هي المورد الوحيد للغاز إلى صربيا والمالك الرئيسي لشبكة الأنابيب التي توزع الغاز على المنازل والمرافق في صربيا. وقال فوتشيتش، في لقاء تلفزيوني، إنّ "البريطانيين سينضمون أيضاً إلى العقوبات، وهذا يعني بالتالي أنّ الجميع يشاركون. قد يكون هذا أحد الأخبار الأكثر قساوة". ولم تعلّق الولايات المتحدة ولا بريطانيا على هذه المسألة حتى الآن.
وحافظت صربيا على علاقة وثيقة مع موسكو منذ غزو أوكرانيا، وترفض فرض عقوبات عليها رغم أنها دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأضاف فوتشيتش: "أعتقد أن هذا جزء من الضغوط الجيوسياسية الأوسع على روسيا". واعتبر أن تنفيذ القرار سيكون بمثابة ضربة قاسية لصربيا التي تعتمد كثيراً على الغاز الروسي وتتفاوض حالياً على ترتيبات جديدة، إذ ينتهي العقد الحالي في مارس/ آذار 2025.
وتابع فوتشيتش: "علينا انتظار الفصل النهائي. المناقشات مع روسيا أمامنا. سنرى إذا كان ممكناً تقليص الملكية إلى أقل من 50% حتى نتمكن من شراء جزء منها"، موضحاً أنّ قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 1 يناير/ كانون الثاني. ووفقاً لموقع "إن آي إس" الإلكتروني، تملك شركة غازبروم نفط 50% من "إن آي إس"، وغازبروم 6.15% وجمهورية صربيا 29.9%. أما الأسهم المتبقية، فهي مملوكة لمواطنين صرب.
أزمة إمدادات الغاز الروسي في مولدوفا
وفي مولدوفا، وافق البرلمان على فرض حالة طوارئ لمدة 60 يوماً، تحسّباً لانقطاع متوقع لإمدادات الغاز الروسي عبر منطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لموسكو. وأعلن البرلمان، في بيان، الجمعة، أنّ الإجراء الاستثنائي أقرّ بغالبية 56 من أصل 101 نائب، مضيفاً: "اعتباراً من 16 ديسمبر/ كانون الأول، ستُطبّق حال الطوارئ في سائر أنحاء جمهورية مولدوفا".
وعزت الحكومة هذا الإجراء إلى "عدم كفاية موارد الطاقة، ما يؤثر بشكل مباشر وفوري في أمن الدولة والمواطنين"، مشيرة إلى أن إعلان حال الطوارئ سيتيح لها التصرف سريعاً في حال حدوث مشكلة ومن ثم تجنّب أزمة إنسانية". وخلال المداولات، قال رئيس الوزراء دورين ريتشان: "يتعين علينا ضمان أن هذا الشتاء هو الأخير الذي يمكن أن يهدّد فيه الكرملين أمن الطاقة لدينا".
وأضاف: "وضعنا حدّاً للابتزاز في مجال الغاز" في الأراضي المولدوفية خارج ترانسنيستريا "وسنتمكن من وضع حدّ للابتزاز في مجال الطاقة مع استكمال خط الجهد العالي" الجاري بناؤه بين العاصمة كيشيناو ورومانيا المجاورة. ويمثّل أمن الطاقة أولوية لهذه الجمهورية السوفييتية السابقة البالغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة والمرشّحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.
ووجدت مولدوفا نفسها في أزمة خطرة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وبدأت مولدوفا، بقيادة رئيستها المناصرة لأوروبا مايا ساندو، في تنويع مصادر إمداداتها، لكن لا يمكنها حالياً الاستغناء عن كوكيورجان، محطة الطاقة الحرارية الواقعة في ترانسنيستريا، والتي تزوّد مولدوفا نحو 70% من احتياجاتها من الكهرباء المنتجة من الغاز الروسي الذي يصل عبر أوكرانيا.
لكنّ كييف أعلنت أنها لن تجدّد بعد 31 ديسمبر/ كانون الأول العقد المبرم بينها وبين روسيا لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر شبكتها الواسعة من خطوط أنابيب الغاز. غير أن رئيس الوزراء المولدوفي اعتبر أنّ هذه الحجة واهية، إذ يمكن لعملاق الغاز الروسي "غازبروم" استخدام طرق أخرى لنقل الغاز بحكم التزاماتها التعاقدية التي تمتد حتى 2026.
وأضاف أن "روسيا تحتجز سكان ترانسنيستريا رهائن وتستخدمهم لزعزعة استقرار مولدوفا". وأقيل وزير الطاقة المولدوفي فيكتور بارليكوف، الأسبوع الماضي، بعد الاتهامات التي وجهت إليه بالفشل في إدارة الأزمة. من جانبه، يطالب الكرملين الحكومة المولدوفية بسداد دين يبلغ نحو 700 مليون دولار (667 مليون يورو)، لكنّ كيشيناو لا تعترف بهذا المبلغ.
ويعود هذا النزاع حول ديون مستحقّة على الشركة الروسية المولدوفية مولدوفاغاز إلى ما قبل بدء الحرب في أوكرانيا، وهو ناجم عن زيادة ضخمة في الأسعار قررتها موسكو في 2021.
مفاوضات حول مرور الغاز عبر أوكرانيا
في السياق ذاته، ذكر رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، أنّ بلاده تعتزم إجراء مفاوضات الأسبوع المقبل، بشأن مستقبل إمدادات الغاز بالإضافة إلى نقل الوقود عبر أوكرانيا. وقال فيكو، خلال مؤتمر صحافي، بعد اجتماع حكومي، أمس الجمعة: "نجري مفاوضات دولية مكثفة بشكل استثنائي، في ما يتعلق بإمدادات الغاز، في عام 2025".
وأضاف بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ، اليوم السبت، أنّ "هذه القرارات تحمل في طياتها قدراً هائلاً من المخاطر، لأنّ هناك تصريحات سياسية من الجانب الأوكراني، وهناك ضغوط خاصة بأي انقطاع للإمدادات من الشرق إلى الغرب". وسلوفاكيا من المشترين الرئيسيين للغاز الروسي، الذي يتدفق عبر أوكرانيا. ومع استمرار الحرب الروسية، منذ حوالى ثلاث سنوات، أوضحت أوكرانيا أنها لن تمدد اتفاق نقل الغاز، الذي ينقضي في نهاية هذا العام.
(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)