صرافة الموصل: ثاني أكبر مدن العراق تُحرم من نافذة الدولار

13 ابريل 2024
سوق باب السراي في الموصل، 17 يوليو 2021 (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أصحاب شركات الصرافة في الموصل يواجهون صعوبات في الانضمام لنافذة بيع العملة الصعبة للبنك المركزي العراقي، مما يحرم نينوى من التعامل بالدولار مباشرة، استمرارًا لسياسات ما بعد داعش منذ 2017.
- في 2022، سُمح لشركات محدودة بالتعامل بالدولار داخل العراق فقط، دون إمكانية التحويل للخارج، مع استمرار عدم القدرة على الانضمام لنافذة بيع الدولار رغم تقديم الشروط اللازمة.
- الوضع يسبب خسائر اقتصادية لنينوى، مع ارتفاع تكلفة البضائع والأعباء المالية على التجار والمواطنين، ويعيق الأنشطة مثل الدراسة والعلاج بالخارج، مع دعوات لحل المشكلة لتسهيل الأعمال والتجارة.

يشكو أصحاب شركات صرافة والتحويل المالي في مدينة الموصل شمالي العراق من عراقيل أمام دخول شركاتهم إلى نافذة بيع العملة الصعبة في العراق التي يشرف عليها البنك المركزي في بغداد، وذلك يعني حرمان محافظة نينوى ومركزها الموصل من التعامل المباشر بالدولار كالمحافظات العراقية الأخرى.

وحرمت الموصل من عمل شركات الصيرفة والتعامل بالدولار لخمس سنوات تلت عمليات استعادة المدينة من سيطرة تنظيم "داعش"، عام 2017، وتعزو الحكومة العراقية الإجراء إلى محاربة النظام الاقتصادي لتنظيم "داعش"، ومنع قدرته على تنفيذ تحركات مالية في نينوى وعموم المدن التي شهدت عمليات عسكرية.

وفي عام 2022، سُمح لشركات صرافة محدودة في نينوى بالتعامل بالدولار، لكن بحسب تأكيد رئيس رابطة شركات الصرافة في نينوى عبد الله خليل فإن التعامل محدود جداً داخل العراق فقط، ولا يشمل التعامل بحوالات الدولار إلى الخارج.

يؤكد خليل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "نينوى ما تزال محرومة من حق التعامل بالدولار"، كما أن المحافظة التي تعدّ ثاني أكبر محافظة عراقية وتعداد سكانها يصل إلى نحو أربعة ملايين نسمة، لا تحصل على حصتها من الدولار الذي يُمنح من البنك المركزي العراقي عبر نافذة بيع العملة.

تحدّيات صرافة الموصل

وقال خليل إن "شركات الصرافة في الموصل واجهت جملة من التحديات بعد عام 2017، وتمثلت تلك التحديات بعدم السماح لشركات نينوى بالعمل بشكل نهائي بسبب وجود شبهات تفيد بعلاقة تلك الشركات بتنظيم داعش".

وأضاف أنه "بعد التواصل مع السلطات المحلية والمركزية والقوات الأمنية، صدرت تعليمات بإجراء التدقيق الأمني للشركات الراغبة في العمل في الموصل، غير أن إنجاز التدقيق الأمني تأخر أربع سنوات إلى خمس، بسبب مرور الشركات بالتدقيق لدى جميع الأجهزة الأمنية، ابتداء من المخابرات والأمن الوطني والاستخبارات والداخلية وقيادة العمليات في نينوى واستخبارات الحشد".

ولفت إلى أنه وبعد صدور سلامة الموقف الأمني لم تمنح شركات الصيرفة الأذن بمزاولة العمل إلا بواسطة من السفارة الأميركية، بعد اتصالات أجراها محافظ نينوى السابق نجم الجبوري، مبيناً أن الأذن شمل 15 شركة تتعامل في بداية الأمر بالدينار العراقي فقط دون الدولار، وبعد ذلك سمح لذلك العدد المحدود من الشركات بالتعامل بالدولار على الصعيد المحلي.

وتابع أن "شركات الصيرفة في نينوى حاولت خلال العامين الماضيين الحصول على حصة المحافظة من الدولار والدخول لنافذة بيع العملة، واستجابت لجميع الشروط المفروضة من قبل البنك المركزي والمتمثلة بدمج عشر شركات في شركة واحدة لتكون شركة من الفئة (A) التي يسمح لها فقط بالدخول إلى منصة التعامل بالدولار الأميركي".

وأشار رئيس رابطة شركات الصيرفة إلى أن شركات المحافظة قدمت الالتزامات والشروط كافة التي وردت بتعليمات البنك المركزي، منذ نحو ستة أشهر، لكنها لم تدخل حتى اليوم في نافذة بيع الدولار.

استمرار التدقيق الأمني

وذكر أن 110 شركات من العاصمة بغداد فقط تدخل في المزاد، إلى جانب شركات من محافظات وسط وجنوب العراق، ولكن شركات الصرافة في نينوى والمحافظات التي شهدت عمليات عسكرية (الأنبار وكركوك وصلاح الدين) لم تدخل حتى الآن في النافذة، موضحاً أن الشركات التي تقدّمت بطلب الدخول إلى منصة بيع الدولار مُنحت الموافقة بعد شهر واحد من تقديم الطلبات والتعهدات الخاصة بشروط البنك المركزي، لكن شركات نينوى لم يمنح لها الأذن رغم تقديم التعهدات كافة قبل ستة أشهر.

كذلك شكا خليل من استمرار إجراءات التدقيق الأمني المعقدة التي تفرض على 32 شركة صرافة في الموصل حتى اليوم، والتي لم تحصل على موافقة في فترات سابقة. ودعا خليل البنك المركزي العراقي إلى شمول شركات نينوى بحق الدخول إلى نافذة بيع الدولار أسوة بباقي المحافظات العراقية، مشدداً على أن عدم دخولها يلحق الضرر الكبير بأبناء المحافظة وشركات الصيرفة العاملة فيها.

مصدر في البنك المركزي العراقي فرع نينوى أكد لـ"العربي الجديد" أن الطلبات التي قدمت من قبل شركات الصيرفة في نينوى تسير بشكل طبيعي ولا يوجد أي تأخير فيها. وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن هويته، إن "البنك المركزي أكمل المتطلبات كافة الخاصة بشركات الموصل للصرافة من أجل تسهيل دخولها إلى مزاد بيع العملة"، لكنّه أشار إلى أن الموافقة بالدخول إلى نافذة البيع تمنح من قبل البنك الفيدرالي الأميركي بسبب العقوبات والرقابة المشددة على ملف التعاملات المالية في العراق، مبيناً أن ذلك هو السبب الرئيسي في تأخير دخول شركات نينوى إلى المنصة حتى الآن.

خسائر اقتصادية

من جهته شدّد محافظ نينوى عبد القادر الدخيل على ضرورة إنهاء حالة حرمان نينوى من حقوقها، ومن بينها الحق في دخول نافذة بيع الدولار.

وقال الدخيل في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "إدارة محافظة نينوى تواصلت وما زالت مع البنك المركزي العراقي ومكتب رئيس الوزراء بشأن العودة الطبيعية لعمل شركات الصيرفة في الموصل بعد استقرار الوضع الأمني"، مبيناً أن إدارة نينوى تتابع هذا الموضوع مع بغداد، وذلك لأن شركات الصيرفة تجاوزت مسألة التدقيق الأمني وأثبتت سلامة موقفها، فيكون لها الحق في التعامل بالدولار كباقي الشركات في المحافظات العراقية، لافتاً إلى أن السلطات في المركزي العراقي والحكومة تبدي تجاوباً لحل هذه المشكلة، ومرجحاً أن يثمر هذا التجاوب عن عمل هذه الشركات قريباً بالوضع الطبيعي في الحوالات الخارجية إلى جانب حصول المحافظة على حصتها من الدولار.

من جهته رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة الموصل محمد مثنى أن عدم دخول نينوى في نافذة بيع العملة يحمل الكثير من الخسائر للمحافظة، وقال مثنى لـ"العربي الجديد" إن "كل شركة داخلة في نافذة بيع العملة تحصل على مليوني دولار أميركي من البنك المركزي أسبوعياً، وعدم دخول شركات نينوى إلى مزاد العملة يعني حرمانها من هذا الحق، وهذه أولى الخسائر".

وأضاف أن "الخسارة الثانية تتمثل في عدم وجود حوالات بين الموصل وخارج العراق، وهذا يعني أن أي مواطن يرغب في تحويل مبلغ مالي إلى قريبه الذي يعيش خارج البلاد، لغرض الدراسة أو العلاج أو غيرهما، سيضطر للذهاب إلى محافظات إقليم كردستان لتحويل المبلغ".

وأوضح أن الخسارة الثالثة والأهم تتمثل بعدم قدرة التجار في نينوى على الحصول على الدولار بسعر البنك المركزي البالغ 1300 دينار للدولار، ويضطرون لشرائه بمبلغ 1500 دينار، وذلك يعني أن البضاعة التي تدخل إلى نينوى تكون كلفتها أكثر، وبالتالي فإن المواطن هو من يتحمّل هذه التكلفة من خلال ارتفاع أسعار البضائع. وأشار إلى أن الخسارة الأخرى تظهر من خلال عدم قدرة الشركات الاستثمارية التي بدأت تدخل إلى الموصل بإجراءات الحوالات من الموصل وتضطر في الغالب إلى تحويل المبالغ المالية الخاصة بها إلى العاصمة بغداد.

المساهمون