استمع إلى الملخص
- بعد إعادة انتخاب الرئيس أردوغان وتعيين شيمشك، شهدت تركيا تحولاً في السياسة الاقتصادية أدى إلى تدفق قياسي لرؤوس الأموال الأجنبية واستغلال تدفق اللاجئين لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي.
- شيمشك يؤكد على توجه تركيا نحو استقطاب الاستثمارات طويلة الأجل وتخفيف الترتيبات الخاصة بالأسواق الخارجية، مع التأكيد على التقدم الملحوظ في توسيع القاعدة الضريبية ومكافحة اقتصاد الظل في ظل الإصلاحات الاقتصادية الجارية.
نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن وزير المالية والخزانة التركي محمد شيمشك، اليوم الاثنين، قوله إن بلاده بصدد استخدام تدفقات مالية قياسية لخدمة الديون التركية العامة، مشيرة إلى أنه لا يزال أمام تركيا طريق طويل لتقطعه، حيث يبلغ معدل التضخم حوالي 70% وتشير التوقعات إلى أنه سيرتفع هذا الشهر. ومع ذلك، فإن معظم المستثمرين الأجانب واثقون الآن من أن ارتفاع الأسعار سوف يتباطأ بسرعة بحلول نهاية عام 2024، وفقاً لبلومبيرغ.
كما أن السكان المحليين أكثر إيجابية، حيث ينقل الكثير منهم أموالهم من حسابات الدولار إلى حسابات الليرة التركية بما يساعد العملة الوطنية على تعويض بعض الخسائر التي مُنيت بها هذا العام. وقال شيمشك للوكالة في مقابلة في أنقرة: "لقد غمرتنا التدفقات الوافدة"، مضيفاً أن الجمع بين السياسات السليمة والتحوّل الهيكلي يُعد عاملاً جيداً يمكّن من استعادة ثقة المستثمرين، وهذا ما يساعد في تعزيز تفضيلات المحفظة الاستثمارية لصالح الأصول التركية ويُترجَم إلى تدفقات يمكن توظيفها بالمساعدة في استقرار سعر الصرف الحقيقي لليرة التركية.
عودة استثمارية بعد انسحاب أجنبي من الديون التركية
ولاحظت الوكالة أن هذه التصريحات تأتي بعدما تخلى مستثمرون أجانب عن سوق السندات التي تمثل الديون التركية الحكومية، حيث أدى ضغط الرئيس رجب طيب أردوغان سابقاً لخفض أسعار الفائدة إلى جموح التضخم. لكن إعادة انتخاب الزعيم التركي قبل عام، ثم تعيينه شيمشك وزيراً، كان بمثابة تحول في السياسات، حيث سجّل تدفق الرساميل الأجنبية وتيرة قياسية في الآونة الأخيرة.
واستغلت تركيا تدفق اللاجئين بشراء الدولارات لتعزيز خزائنها المستنزفة، وزاد احتياطي النقد الأجنبي الأساسي لدى البنك المركزي التركي بمقدار 49 مليار دولار منذ مارس/آذار الماضي، وهي أكبر زيادة على الإطلاق، وفقاً لمجموعة "غولدمان ساكس". ومن خلال توجيه المكاسب غير المتوقعة إلى الاحتياطيات، تتجنب تركيا ما سمّاه شيمشك الارتفاع المفرط في قيمة الليرة التي انخفضت بنحو 8% هذا العام، لكن الوزير يُبدي حرصاً على تجنب ارتفاعها أكثر من اللازم من الآن، وهو أمر من شأنه أن يضر بحركة الصادرات التركية إلى الخارج.
تركيا لا تعارض تدفقات الأموال الساخنة
وتوصي بنوك كبرى، مثل بي إن بي باريبا، المستثمرين بشراء سندات الليرة قصيرة الأجل، والتي تناهز عائداتها 40%. ولا يعارض شيمشك ما يسمى بتدفقات الأموال الساخنة التي سبق وألقى أردوغان باللوم عليها لسنوات في زعزعة استقرار اقتصاد يبلغ ناتجه الإجمالي الآن 1.1 تريليون دولار، لكنه يعتقد أن التحوّل إلى الأوراق المالية أو السندات التي تمثل الديون التركية طويلة الأجل ليس سوى مسألة وقت.
وقال شيمشك إن "برنامجنا لا يعتمد على الأموال الساخنة"، مضيفاً: "سأكون مندهشاً للغاية إذا لم يتحمّل المستثمرون مخاطر المدة"، في إشارة إلى السندات الحكومية طويلة الأجل، علماً أن تدفقات المحافظ الاستثمارية إلى الأصول التركية تجاوزت 25 مليار دولار منذ نهاية مارس الفائت، أي نحو ثلاثة أضعاف المبلغ في الأشهر الخمسة السابقة، وفقاً لمصرف كيو إن بي فاينناسبنك (QNB Finansbank). ومع ارتفاع المشتريات الأجنبية، تدفق حوالي خُمس الإجمالي إلى الدين المحلي، الذي ذهب معظمه إلى "منتجات سندات قصيرة الأجل تشبه اتفاقيات إعادة الشراء"، حسبما نقلت بلومبيرغ عن تقرير سابق صادر عن البنك المركزي التركي، فيما تشير التقديرات إلى أن بقية الأموال موّلت استثمارات في تجارة المناقلة بالليرة التركية ذات العائد المرتفع.
كما قال شيمشك إن تركيا تستكشف طرقاً لتخفيف الترتيبات الخاصة بالأسواق الخارجية، ويمكن أن تبدأ بمقايضات طويلة الأجل، مضيفاً: "نعلم ما ينبغي القيام به، لكن توقيته وتسلسله وجرعته أمور لم تتحدد بعد". وعلى صعيد الإصلاحات الاقتصادية، قال شيمشك: "ما زلنا في المراحل الأولى من التنفيذ"، في إشارة إلى الجهود المبذولة لتوسيع القاعدة الضريبية ومكافحة اقتصاد الظل، مضيفاً: "لا أقول إننا تغلبنا على كل التحديات، لكننا أحرزنا تقدماً لائقاً".