شولتز في الصين لمحادثات تجارية

14 ابريل 2024
السوق الصينية تبقى حيوية لقطاعَي السيارات والكيماويات القويين في ألمانيا (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المستشار الألماني أولاف شولتز يزور الصين لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وسط توترات بسبب مواقف الصين من الحرب على أوكرانيا وقضية تايوان، مصحوبًا بوفد كبير من قادة الأعمال.
- الصين تظل الشريك التجاري الأول لألمانيا بتبادل تجاري يزيد عن 271 مليار دولار في 2023، رغم التحديات والدعوات الألمانية لتقليل الاعتماد على السوق الصينية.
- المباحثات بين شولتز والقادة الصينيين تتوقع أن تكون صعبة، مع التركيز على قضايا مثل دعم الصين لروسيا والمنافسة في قطاع التكنولوجيا، في محاولة لتعزيز التجارة مع الحفاظ على توازن في العلاقات.

وصل المستشار الألماني أولاف شولتز إلى الصين، الأحد، مستهلّا جولة يهدف خلالها إلى تعزيز العلاقات الاقتصاديّة مع أكبر شريك تجاري لبرلين. وتأتي رحلة شولتز في وقت يتعرّض الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي لم يدِن صراحة الحرب الروسية على أوكرانيا، لانتقادات شديدة بسبب قربه من موسكو ومن فلاديمير بوتين، وكذلك بسبب مطالباته بضم تايوان. وفيما النمو يسجّل تراجعا في القوّتين العظميين، وصل المستشار الألماني برفقة وفد كبير من قادة الأعمال، ما يعكس الدور المحوري للمسائل الاقتصادية في هذه الرحلة إلى الصين، وهي الثانية التي يقوم بها شولتز منذ توليه منصبه نهاية عام 2021. واعتبر شولتز، الجمعة، أن الصين ما زالت "شريكا اقتصاديا مهما" لألمانيا.

وفي حين اضطر المستشار الألماني لتقليص مدة زيارته إلى يوم في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 بسبب سياسة "صفر كوفيد" التي فرضتها الصين لمكافحة الوباء، سيزور هذه المرة ثلاث مدن. وفي البداية سيزور مدينة تشونغتشينغ الكبيرة في جنوب غرب الصين التي وصلها صباح الأحد، وفق مشاهد عرضتها محطة "سي سي تي في" الصينية الرسمية. وسيتوجّه بعدها إلى شنغهاي الواقعة على مسافة 1400 كيلومتر إلى الشرق لزيارة مصانع بشكل أساسي، قبل الانتقال إلى العاصمة بكين الثلاثاء للاجتماع مع الرئيس، ثم مع نظيره لي تشيانغ. 

تعتمد الشركات الألمانية مثل (بي إم دبليو) و(فولكس فاغن) بشكل كبير على السوق الصينية، حتى في الوقت الذي يؤدي فيه دعم بكين لروسيا إلى حدوث احتكاكات مع الغرب. واستفاد الاقتصاد الألماني من طلب الصين على الاستثمار والسلع المصنعة من السيارات وحتى المواد الكيميائية، لكن تلك العلاقات توترت وسط المنافسة المتزايدة من الشركات الصينية وتشديد القواعد التنظيمية. كما جرى إلقاء اللوم على التدخل السياسي في الانخفاض الحاد في الاستثمار الأجنبي.

وتقول الشركات الألمانية إنها تواجه حواجز سوقية غير عادلة في الصين، ودفعت الحكومة باتجاه سياسة "إزالة المخاطر" لتقليل الاعتماد على السوق والموردين الصينيين. وبالرغم من ذلك، ظلت الصين الشريك التجاري الأول لألمانيا للعام الثامن على التوالي في عام 2023، حيث جرى تبادل 254.1 مليار يورو (271 مليار دولار) من السلع والخدمات بين الجانبين، وهو ما يزيد قليلاً عما تداولته ألمانيا مع الولايات المتحدة.

ويتوقّع أن تكون المباحثات صعبة، في حين يخوض الاتحاد الأوروبي شدّ حبال مع الصين، متّهما إياها بزعزعة السوق الأوروبية من خلال إغراقها بمنتجات منخفضة الكلفة. كذلك، يندد الأميركيون بـ"فائض القدرة" الإنتاجية للصين، خصوصا في قطاع التكنولوجيا، من خلال دعم حكومي كبير. ويتوقّع أن يتطرّق شولتز أيضا إلى قضية المصنعين الألمان في الصين الذين يشتكي ثلثاهما تقريبا من "عوائق تنافسية" في ما يخص الوصول إلى السوق، وفقا لغرفة التجارة الألمانية في الصين.

وقال ماكس زينغلن، من معهد ميركاتور للدراسات الصينية، إن ألمانيا تؤدي "دورا مهما" فيما تفتقر الصين إلى الاستثمار الأجنبي، نظرا إلى الموقف الأكثر تشددا الذي تعتمده دول أخرى، مثل الولايات المتحدة أو اليابان.

واعتمدت برلين العام الماضي موقف الاتحاد الأوروبي، داعية الشركات الألمانية إلى تقليل المخاطر وخفض اعتمادها على الصين. لكن المهمة ليست سهلة بالنسبة إلى أكبر اقتصاد في أوروبا، إذ أن السوق الصينية تبقى حيوية لقطاعَي السيارات والكيماويات القويين. وبسبب ذلك، تبدو رحلة المستشار غير منسجمة إلى حد ما مع الاستراتيجية الأكثر صرامة تجاه الصين التي أعلنت في تموز/يوليو 2023.

وقال مصدر مقرب من المستشارية إن هذه الرحلة تهدف إلى "تعزيز التجارة مع الصين مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى "إزالة المخاطر" والتنويع". وأضاف "من الواضح أن كل المسائل الدولية الكبرى لا يمكن حلها إلا مع الصين"، متحدثا خصوصا عن التحول إلى الطاقة النظيفة، وهو ما قد يفسّر اصطحاب المستشار وزراءه الثلاثة للبيئة والنقل والزراعة إلى الصين.

أوكرانيا حاضرة في المباحثات

وعلى الصعيد الدبلوماسي، ستشكل أوكرانيا محور المحادثات، في وقت حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بلاده قد تخسر الحرب بسبب تعذّر الحصول على ذخائر كافية. قبل وصوله، نشر شولتز على منصة إكس أنه ناقش الهجمات الجوية الروسية "الضخمة" على البنية التحتية المدنية للطاقة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، وأعلن أن برلين "ستقف إلى جانب أوكرانيا".

وكان شولتز أكّد في مقابلة مع صحيفة تاتس نشرت الجمعة أن ذلك سيكون جزءا مهما من مباحثاته، وقال "يتعلق الأمر بضمان عدم دعم الصين لروسيا في رغبتها في شنّ حرب وحشية ضد أوكرانيا المجاورة لها. إن السلام في أوروبا وحرمة الحدود هما من القيم الأوروبية الأساسية". ورفعت واشنطن نبرتها أخيرا مهددة الصين بتحميلها "المسؤولية" إذا واصلت القوات الروسية تقدمها في أوكرانيا، ما أثار رد فعل قاطعا من بكّين التي رفضت أي "ضغوط" على علاقاتها مع الكرملين.

(فرانس برس، أسوشيتدبرس، العربي الجديد)

المساهمون