استمع إلى الملخص
- تدرس الشركة خيارات لإنقاذها، مثل تقليص مشاريع المصانع أو بيع الشركات التابعة، وتعاقدت مع بنكي الاستثمار مورغان ستانلي وغولدمان ساكس لدعم اتخاذ القرارات.
- تأخرت إنتل في إنتاج المعدات اللازمة للذكاء الاصطناعي، مما أثر على أرباحها، وتتوقع مبيعات بقيمة 500 مليون دولار من أحدث رقائقها هذا العام.
تواجه شركة إنتل، وهي إحدى أهم الشركات في صناعة التكنولوجيا الحديثة، أزمة واسعة النطاق، تدفعها إلى قرارات وجودية عبر خفض النفقات بقيمة عشرة مليارات دولار، وتشمل إغلاق مصانع ووقف استثمارات وتخفيض يطاول 15 ألفاً في القوى العاملة. فيما تتجه إنتل نحو عامها الثالث على التوالي من انكماش المبيعات، ومن المتوقع أن تحقق إيرادات بقيمة 52 مليار دولار في عام 2024، أي 70% فقط مما حققته في عام 2021. بينما فقدت أسهمها أكثر من 60% من قيمتها هذا العام، ما جعلها ثاني أسوأ سهم أداءً في مؤشر ستاندرد أند بورز 500.
والقيمة السوقية للشركة اليوم أعلى بمليار دولار فقط من أدنى مستوى لها خلال الأزمة المالية في عام 2008. ولم تعد إنتل واحدة من أكثر عشر شركات تصنيع رقائق قيمة في العالم.
وكانت إنتل، التي تأسست في عام 1968 في منطقة جنوب سان فرانسيسكو، أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم من حيث الإيرادات مدة 30 عاماً تقريباً بدءاً من تسعينيات القرن العشرين، وصعدت إلى هذا المنصب جنباً إلى جنب مع ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصية.
وهذا الأسبوع، بدأت الشركة اجتماعات، الثلاثاء، تستمر ثلاثة أيام، تدرس فيها خططها المستقبلية بعد النمو المخيب للآمال في تقرير الأرباح الصادر في الأول من أغسطس/ آب، الذي أدى إلى هبوط أسهم الشركة، والقضاء على خطة باتريك جيلسنجر، الرئيس التنفيذي للشركة، والتي بدأها منذ توليه منصبه في 2021.
خيارات لإنقاذ شركة إنتل
وبينما لا يُتوقع صدور قرارات نهائية في الاجتماع نفسه، فإن الخيارات النهائية، وفق موقع "بلومبيرغ"، تشمل تقليص مشاريع المصانع التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، أو بيع الشركات التابعة، أو حتى تقسيم العمليات الأساسية لشركة إنتل إلى شركات منفصلة. وما هو على المحك هو مستقبل الشركة التي لم تهيمن على صناعة أشباه الموصلات لعقود من الزمان فحسب، بل أصبحت أيضًا محور خطة إدارة بايدن البالغة 50 مليار دولار لإعادة بناء صناعة أشباه الموصلات المحلية.
وبحسب تقرير لوكالة رويترز، تركز الخطط على بيع مجالات عمل غير مربحة وخفض كبير في الإنفاق. وعلى وجه الخصوص، يُناقَش بيع قسم الرقائق القابلة للبرمجة Altera، حيث لم تعد لدى إنتل الموارد المالية لدعم هذا العمل. كما قد يقع مشروع بقيمة 30 مليار يورو تقريبًا لمصنع جديد في ألمانيا ضحية لإعادة التصحيح. ووفقًا لمعلومات وكالة الأنباء الألمانية، تريد الحكومة الألمانية دعم إنشاء شركة تصنيع الرقائق الأميركية في ساكسونيا أنهالت بحصة تبلغ 9.9 مليارات يورو. وقد مُنح تصريح البناء للمصنع في ماغديبورغ مؤخراً.
ومن بين المواضيع الساخنة بشكل خاص، إمكانية فصل شركة ألتيرا عن الشركة الأم. وقد تُطرح هذه الشركة في البورصة أو تباع بالكامل، وفق موقع "آي تي دايلي". ويفترض خبراء الصناعة أن شركات مثل مارفيل قد تكون مهتمة بالاستحواذ عليها.
وقد تعاقدت شركة إنتل مع بنكي الاستثمار مورغان ستانلي وغولدمان ساكس لمساعدتها في اتخاذ القرارات الصحيحة. ومن المقرر أن يدعم هذان البنكان مجلس الإدارة في تحديد مجالات العمل التي ينبغي بيعها وتلك التي تظل ذات أهمية استراتيجية.
وكان من المفترض أن تجعل قوة إنتل في تصنيع الرقائق لمراكز البيانات نفسها في وضع جيد لمواجهة الارتفاع المفاجئ في الطلب على الذكاء الاصطناعي. لكنها تأخرت في السباق لإنتاج النوع المحدد من المعدات اللازمة لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، وفاتتها بالكامل تقريبا فرصة الطفرة الأخيرة.
إن هذا يشكل انتكاسة مؤلمة لجيلسنجر الذي تولى إدارة إنتل لمواجهة أزمة وجودية ناجمة عن سنوات من الركود في عهد أسلافه. ففي ذلك الوقت، كانت إنتل قد تخلفت عن منافسيها في إنتاج أكثر الرقائق تقدماً، وأرجأت إطلاق منتجات رئيسية. وكانت تفكر علناً في الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج أكثر رقائقها تقدماً، وهو اعتراف يكاد يكون غير قابل للتصديق بالهزيمة بالنسبة لشركة كانت دوماً متفوقة في التصنيع، بحسب "بلومبيرغ".
أسوأ تقرير مالي على الإطلاق لشركة إنتل
وفي تقريرها المالي الصادر في أغسطس/آب والذي وصفه المحللون بأنه أسوأ تقرير أرباح لها على الإطلاق، فشلت الشركة في تحقيق أهداف الربع الثاني من حيث الأرباح والإيرادات، وعلقت دفع الأرباح وتوقعت خسارة في حين كان المحللون يعتمدون على الربح. وبالإضافة إلى خفض الوظائف، تعمل إنتل أيضاً على تقليص الاستثمارات الرأسمالية التي كانت ذات يوم في صميم آمالها في الإحياء.
وفي مذكرة الأسبوع الماضي، كتبت المحللة ستاسي راسجون من مجموعة بيرنشتاين سوسييتيه جنرال: "في حين أن الاستراتيجية العامة ربما كانت منطقية في البداية، فإن المسار الحالي للأعمال لا يبدو أنه يوفر الدعم الكافي لإيصال الشركة إلى النهاية. من الواضح أن شيئاً ما يجب أن يحدث. ولكن ماذا؟".
لقد بدأت قبضة إنتل في التراخي قبل نحو عقد من الزمان. وقد حدث هذا لعدد من الأسباب، بما في ذلك الثقافة الداخلية التي اتسمت بالرضا المتزايد والنفور من المخاطرة؛ وفشل رئيسين تنفيذيين متعاقبين في توقع الاتجاهات التكنولوجية ومواكبة المنافسين؛ والتحول العام لصناعة أشباه الموصلات من الولايات المتحدة إلى آسيا.
وبحلول الوقت الذي تولى فيه جيلسنجر منصبه، تبين أن الأمر سيستغرق سنوات من الاستثمار الرأسمالي لاستعادة القدرة على تصنيع أشباه الموصلات المتطورة.
ووفق فاينانشال تايمز، تتوقع إنتل مبيعات بقيمة 500 مليون دولار من أحدث رقائقها من طراز غاودي 3 هذا العام، مقارنة بمبيعات منافستها إنفيديا التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات. وعلى مدار العام الماضي، أضافت إنفيديا 1.4 تريليون دولار إلى قيمتها السوقية التي تسارعت إلى 2.6 تريليون دولار. وعلى النقيض من ذلك، خسرت إنتل نحو 70 مليار دولار من قيمتها السوقية لتبلغ 83 مليار دولار فقط.
"أعتقد أن أكبر مشكلة يواجهها جيلسنجر الآن هي فقدان مصداقيته وشرعيته"، كما قال جي دان هاتشيسون من شركة "تيكنيسايت" لـ"فاينانشال تايمز، وتابع: "لقد كان يُنظر إليه باعتباره المنقذ لشركة إنتل. ولو كان تسريح العمال حدث في بداية خطة جيلسنجر الخمسية، لكانت أسهم الشركة قد ارتفعت بدلاً من الخسائر".
وقال هاتشيسون إنه إذا تمكنت إنتل من تجاوز العاصفة، فقد تصل إلى "حالة مربحة للغاية" في عام 2026 أو 2027 إذا نجحت في عملية تصنيع جديدة تسمى 18A، والتي صُمّمت لإنشاء أحدث الرقائق المتطورة، "المشكلة هي أنه يتعين عليك الانتظار حتى ذلك الحين".