مع كل تصعيد للمواجهات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، لا تتردد الولايات المتحدة في إظهار دعمها الكامل لإسرائيل وجيشها وشعبها، باعتبارها الحليف الأهم في الشرق الأوسط.
وفيما لا يتوقف الدعم الأميركي لإسرائيل عند الشكل المالي، إذ يشمل تقريباً كل أنواع الدعم الأخرى، كالعسكري والمعلوماتي والدبلوماسي، يوجد أيضاً عدد من الشركات، الأميركية وغيرها، التي تقدم دعماً مالياً لإسرائيل، في صور متعددة، تشمل التبرعات والاستثمارات والمنح. ويساهم الدعم المالي الذي تقدمه هذه الشركات في دعم اقتصاد إسرائيل بقدر لا يستهان به.
بوينغ لتصنيع الطائرات:
تقدم شركة بوينغ دعماً مالياً لإسرائيل بعدة وسائل، تشمل التبرعات للجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية الإسرائيلية، حيث قدمت مؤسسة بوينغ الخيرية، وهي جزء من شركة بوينغ، ملايين الدولارات في التبرعات للجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية الإسرائيلية على مرّ السنين. وقد دعمت هذه التبرعات مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية وحماية البيئة في إسرائيل.
وقامت بوينغ بالاستثمار بمليارات الدولارات في الشركات الإسرائيلية على مرّ السنين، ما ساهم في خلق وظائف وتعزيز اقتصاد البلاد. وعلى سبيل المثال، في عام 2020، استثمرت بوينغ 300 مليون دولار في شركة الطيران الإسرائيلية AeroScout.
ورصد تقرير صادر عن منظمة "من يستفيد؟" (Who Profits) أهم الشركات التي تدعم الحكومة الإسرائيلية، حيث أظهر أن بوينغ تعد أكبر الشركات التي تقدم الدعم بأشكاله كافة إلى حكومة الاحتلال وجيشها. وقال التقرير إنه في عام 2022 بلغت قيمة المساعدات التي قدمتها الشركة إلى إسرائيل 1.2 مليار دولار، ويشمل هذا الرقم المساعدات العسكرية والمالية والفنية، وتتمثل بتمويل التدريب والتطوير للعاملين في القوات الجوية الإسرائيلية، وتقديم منح مالية للجامعات والمراكز البحثية الإسرائيلية، ودعم المشاريع الصناعية الإسرائيلية.
وتشمل المساعدات التي قدمتها الشركة إلى إسرائيل بيع الطائرات الحربية والدفاعية، وتقديم الدعم الفني والصيانة للقوات الجوية الإسرائيلية، بالإضافة إلى التعاون في مجال البحث والتطوير في مجال الطيران والدفاع.
وقدمت بوينغ في عام 2022 تمويلاً بقيمة 200 مليون دولار لتدريب الطيارين الإسرائيليين على طائرات F-35. وفي عام 2021، قدمت الشركة منحة بقيمة 100 مليون دولار لجامعة تل أبيب لإنشاء مركز بحثي في مجال الطيران، وفي عام 2020 قدمت الشركة دعماً بقيمة 50 مليون دولار لمشروع تطوير طائرة هليكوبتر إسرائيلية.
ويُثير حجم المساعدات التي تقدمها شركة بوينغ لإسرائيل جدلاً كبيراً. ويُجادل البعض بأن هذه المساعدات تشكل انتهاكاً للقانون الأميركي، الذي يحظر تقديم مساعدات عسكرية لدول الاحتلال، بينما يُجادل آخرون بأن هذه المساعدات ضرورية للحفاظ على أمن إسرائيل.
وبالإضافة إلى ذلك، قدمت بوينغ منحاً إلى الجامعات الإسرائيلية ومؤسسات البحث، بهدف دعم الأبحاث والتطوير في مجالات مثل الطيران والفضاء والأمن المعلوماتي. وفي عام 2021، قدمت بوينغ منحة بقيمة مليون دولار إلى معهد تكنيون (معهد إسرائيل للتكنولوجيا لدعم الأبحاث في تقنيات الطائرات من الجيل القادم).
وتقول بوينغ إن دعم المجتمعات التي تعمل فيها أمر مهم، وهي ملتزمة بشكل خاص بدعم إسرائيل بسبب علاقتها الخاصة مع الولايات المتحدة.
كوكاكولا:
ورصدت منظمة "من يستفيد؟" في تقرير آخر حجم المساعدات التي تقدمها كوكاكولا إلى إسرائيل، من خلال مجموعة متنوعة من البرامج، بما في ذلك دعم المدارس والمستشفيات الإسرائيلية وتمويل المشاريع الاجتماعية والرياضية الإسرائيلية وتقديم منح للطلاب الإسرائيليين.
وفي 2017، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن أن شركة كوكاكولا تبرعت بمبلغ 50 ألف شيكل (حوالى 14 ألف دولار) لمنظمة "إم تيرتسو" اليمينية المتطرفة في إسرائيل. وطلبت المنظمة من الشركة إبقاء هذا التبرع سراً.
وأثار اكتشاف هذا التبرع انتقادات واسعة من النشطاء الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يعارضون سياسات إسرائيل، حيث اتهموا الشركة بأنها تدعم اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي يقف وراء سياسة الاحتلال والضم. وردت شركة كوكاكولا على هذه الانتقادات قائلة إنها "تدعم السلام والتفاهم بين المحتل والفلسطينيين". وقالت الشركة إنها "تأسف" للتبرع الذي قدمته لمنظمة "إم تيرتسو".
جنرال إلكتريك:
كذلك ذكرت "من يستفيد؟" أن شركة جنرال إلكتريك قدمت مساعدات بحجم 200 مليون دولار إلى إسرائيل في العام المنصرم، وتتمثل تلك المساعدات ببرامج متنوعة مثل بيع المعدات العسكرية والدفاعية لجيش الاحتلال، وتقديم الدعم الفني والصيانة، والتعاون والبحث من أجل تعزيز الدفاعات. وقدمت الشركة العام الماضي طائرات هليكوبتر بقيمة 100 مليون دولار لحكومة الاحتلال.
إنتل:
وتُقدم شركة إنتل المساعدات إلى إسرائيل من خلال مجموعة متنوعة من البرامج، مثل دعم البحث والتطوير في مجال الإلكترونيات والذكاء الاصطناعي وتدريب القوى العاملة الإسرائيلية وتمويل المشاريع الاجتماعية والرياضية الإسرائيلية.
وفي عام 2022، قدمت الشركة تمويلاً بقيمة 50 مليون دولار إلى مشروع تطوير معالجات ذكاء اصطناعي إسرائيلية. وقبل انتصاف العام الحالي، وافقت شركة إنتل من حيث المبدأ على بناء مصنع جديد في إسرائيل.
وأعلنت وزارة المالية الإسرائيلية، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، توجهاً قريباً لتوقيع الصفقة. وأكدت شركة إنتل عزمها على توسيع قدرة التصنيع في البلاد.
وستكون المنشأة الإسرائيلية الجديدة مخصصة لتصنيع الرقائق، وهو الجزء الذي يصنع بالفعل في إسرائيل، التي تعد واحداً من أربعة مزودين رئيسيين للشركة الأم، وتصنع العديد من أنواع الرقائق والشرائح الإلكترونية.
وقدّر نتنياهو قيمة الصفقة بـ 25 مليار دولار، وقال إنها أكبر استثمار أجنبي في إسرائيل، "وتعد تعبيراً عن الثقة" في اقتصاد الدولة، رغم أن أحد العالمين ببواطن الأمور قال إن هذا المبلغ يشمل استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار، سبق الإعلان عنها في عام 2021.
ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، سيضيف المشروع آلاف الوظائف إلى ما يقرب من 12 ألف عامل توظفهم شركة إنتل حالياً في البلاد. وقالت الحكومة الإسرائيلية إن المصنع الجديد سينضم إلى مصنع قائم في كريات جات، جنوب تل أبيب، ومن المقرر أن يبدأ عملياته بحلول عام 2027، على أن يبقى في الخدمة حتى عام 2035، على أقل تقدير. وكجزء من الاتفاق، ستدفع إنتل ضرائب بنسبة 7.5% في إسرائيل بدلاً من 5% التي تدفعها الآن.
أوراكل:
توفر أوراكل الدعم المالي لإسرائيل بعدة طرق، بما في ذلك التبرعات للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية فيها. وعلى مرّ السنين، تبرعت الشركة بملايين الدولارات، ما وفر دعماً لمجموعة واسعة من القضايا.
وفي عام 2022، تبرعت شركة أوراكل بمليون دولار أميركي لمعهد التكنيون (إسرائيل للتكنولوجيا لدعم الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي)، واستثمرت الشركة مليارات الدولارات في الشركات الإسرائيلية على مرّ السنين. وفي عام 2021، استحوذت شركة أوراكل على شركة الحوسبة السحابية الإسرائيلية Ravello Systems مقابل 500 مليون دولار.
أيضاً قدمت شركة أوراكل منحاً للجامعات والمؤسسات البحثية الإسرائيلية لدعم البحث والتطوير في مجالات مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. وفي عام 2020، قدمت الشركة منحة بقيمة مليون دولار إلى الجامعة العبرية في القدس لدعم الأبحاث حول تقنيات الحوسبة السحابية من الجيل التالي.
وبالإضافة إلى هذا الدعم المالي، تقدم أوراكل أيضاً إلى إسرائيل دعماً عينياً، مثل التدريب والمساعدة الفنية. وفي عام 2019، أطلقت شركة أوراكل برنامجاً لتدريب 20 ألف عامل إسرائيلي على تقنيات الحوسبة السحابية.
هيوليت باكارد HP:
تقدم شركة HP الدعم المالي إلى إسرائيل بعدة طرق، شملت تبرعات قُدِّمَت على مرّ السنين بملايين الدولارات للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية الإسرائيلية.
وفي عام 2022، تبرعت شركة HP بمبلغ مليون دولار أميركي لمعهد التكنيون (معهد إسرائيل للتكنولوجيا لدعم الأبحاث المتعلقة بتقنيات الطاقة المستدامة).
أيضاً استثمرت شركة HP مليارات الدولارات في الشركات الإسرائيلية، ما ساعد على خلق فرص عمل في إسرائيل وتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي. وفي عام 2021، استحوذت شركة HP على شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية Niara مقابل 486 مليون دولار.
وقدمت HP، في عام 2020، منحة بقيمة مليون دولار للجامعة العبرية في القدس لدعم الأبحاث حول تقنيات الطباعة من الجيل التالي.
وبالإضافة إلى هذا الدعم المالي، تقدم HP أيضاً لإسرائيل دعماً عينياً. وفي عام 2019، أطلقت شركة HP برنامجاً لتدريب 10000 عامل إسرائيلي على تقنيات الحوسبة السحابية.
وفي عام 2018، تبرعت شركة HP بمبلغ مليون دولار أميركي لمعهد التكنيون (معهد إسرائيل للتكنولوجيا لدعم تطوير تقنية طباعة ثلاثية الأبعاد جديدة للزرعات الطبية). وتتمتع هذه التكنولوجيا بالقدرة على إحداث ثورة في طريقة تصنيع واستخدام الغرسات الطبية.
وأدى التعاون بين HP وتكنيون إلى تطوير عملية طباعة ثلاثية الأبعاد جديدة، يمكنها إنشاء غرسات طبية ذات هياكل وأشكال هندسية معقدة لا يمكن تحقيقها باستخدام طرق التصنيع التقليدية. يمكن استخدام هذه العملية الجديدة لإنشاء غرسات لمجموعة متنوعة من الحالات الطبية، بما في ذلك كسور العظام ومشاكل الأسنان وإصابات النخاع الشوكي.
جونسون آند جونسون:
وتُقدم شركة جونسون آند جونسون المساعدات لإسرائيل من خلال مجموعة متنوعة من البرامج، مثل دعم البحث والتطوير في مجال الرعاية الصحية، وتدريب القوى العاملة الإسرائيلية في مجال الرعاية الصحية وتمويل المشاريع الاجتماعية والصحية لحكومة الاحتلال. والعام الماضي وحده، قدمت جونسون آند جونسون تمويلاً بقيمة 25 مليون دولار لمشروع تطوير لقاح ضد فيروس كورونا في الأراضي المحتلة.
وبالرغم من أن الشركة واجهت في عام 2021 انتقادات واسعة من النشطاء حول العالم، إلا أنها دافعت بأنها قالت: "نحن ندعم السلام والتفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ونحن ملتزمون احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم".
مايكروسوفت:
وتشمل المساعدات التقنية التي تقدمها شركة مايكروسوفت إلى إسرائيل بيع منتجات وخدمات مايكروسوفت للشركات الإسرائيلية، وتقديم الدعم الفني والصيانة لمنتجاتها، والتعاون في مجال البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا.
والعام الماضي، قدمت الشركة تمويلاً بقيمة 25 مليون دولار لتدريب العاملين في الشركات الإسرائيلية على استخدام منتجات وخدمات مايكروسوفت.
ستاربكس:
تقدم الشركة المالكة لمقاهي ستاربكس مجموعة متنوعة من المساعدات إلى إسرائيل، حيث توفر ستاربكس فرص عمل متعددة للمستوطنين في الأراضي المحتلة. وهذا العام، أكدت تقارير صحافية عمل 600 موظف في متاجر ستاربكس الموجودة في الأراضي المحتلة. وأسهمت ستاربكس في النمو الاقتصادي الإسرائيلي بمبلغ 100 مليون دولار العام الماضي.
ومع ذلك، تقول ستاربكس إنها لا تقدم أي دعم مالي إلى إسرائيل. وفي عام 2014، أصدرت ستاربكس بياناً نافياً للشائعات التي تشير إلى أن الشركة أو الرئيس التنفيذي لها، هوارد شولتز، يقدمان أي دعم مالي إلى حكومة إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي. وأشار البيان إلى أن ستاربكس منظمة غير سياسية ولا تدعم أي قضية سياسية أو دينية.
وأغلقت ستاربكس متاجرها في إسرائيل في عام 2003 بسبب التحديات التشغيلية، إلا أنها أعادت تشغيل بعضها، وفتحت متاجر جديدة في وقت لاحق.
ويعتقد البعض أن ستاربكس تقدم دعماً مالياً إلى إسرائيل بسبب وجود الرئيس التنفيذي للشركة، هوارد شولتز، يهودي الديانة، والحريص على إظهار تمسكه بالتعاليم اليهودية. ومع ذلك، لا توجد أي أدلة تدعم هذه الادعاءات. وكررت ستاربكس في العديد من المناسبات نفيها تقديم أي دعم مالي إلى إسرائيل.
لكن ستاربكس تقول إنها تقدم دعماً مالياً لمجموعة متنوعة من القضايا الأخرى، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية وحماية البيئة. وقد قدمت مؤسسة ستاربكس الخيرية (جزء من ستاربكس) ملايين الدولارات في تبرعات إلى مؤسسات غير ربحية حول العالم.
وأخيراً، اتخذت ستاربكس قراراً واضحاً بعدم تقديم دعم مالي إلى إسرائيل، مؤكدة أن هذا القرار يتسق مع التزام الشركة عدم الانخراط في السياسة.