خسرت العديد من شركات النفط مليارات الدولارات من صفقات التحوط التي أجرتها خلال العام الماضي 2020. ولجأت شركات الطاقة الأميركية، خاصة شركات الخامات الصخرية، إلى تنفيذ عمليات تحوط ضخمة خلال العام الماضي مقارنة بالعام السابق له 2019.
ويشير مسح بنشرة "ويرلد أويل" شمل 30 شركة نفط وغاز عالمية، أن 90% منها نفذت صفقات تحوط لإنتاجها خلال العام الماضي، مقارنة بعمليات التحوط التي نفذت في عام 2019. وعادة ما تستخدم شركات الطاقة في لحظات الاضطراب، آلية التحوط لإنتاجها النفطي في سوق الصفقات الآجلة، حتى تتمكن من الحصول على دخل ثابت من السيولة النقدية من الإنتاج النفطي يساهم في تسديد النفقات وتسيير عمليات الإنتاج دون الاضطرار إلى الاقتراض بشروط قاسية.
كما أن صفقات التحوط تحمي الشركات من الإفلاس في دورات انهيار أسعار الخامات. ويلاحظ أن العام الماضي كان من الأعوام الخطرة على الصناعة النفطية، بسبب انهيار الطلب العالمي على الخامات، وتبعاً لذلك انهارت الأسعار إلى مستويات تحت 20 دولاراً لخام برنت وأقل من 10 دولارات لخام غرب تكساس، في عدة شهور من العام.
وحتى الآن، كشفت عدة شركات نفط أميركية عن خسائرها من التحوط. من بين الشركات التي نفذت عمليات تحوط خاسرة، شركة "تشيزابيك" الأميركية التي نفذت صفقات تحوط حجمها 19 مليون برميل لإنتاج الربع الأول من العام الجاري 2021، بسعر 42.69 دولارا لخام غرب تكساس، بينما ارتفع سعر الخام في السوق الفوري فوق 60 دولاراً للبرميل.
كما حذرت شركة "بايونيير ناتشرال ريسورسس" الأميركية، يوم الثلاثاء، عن أن خسائرها من تجارة المشتقات، أي عمليات التحوط ربما تصل إلى 691 مليون دولار في الربع الأول. وذلك وفقا لسجلات الشركة في البورصة الأميركية. ونفذت شركة "بايونيير ناتشرال ريسورسس" صفقات تحوط حجمها 54 ألف برميل يومياً، لإنتاجها في الربع الثاني من العام الجاري وبسعر 41.85 دولارا للبرميل، كما نفذت كذلك صفقات تحوط حجمها 102 ألف برميل يومياً من نوعية خام برنت بسعر 46.48 دولارا للبرميل، بينما تجاوز خام برنت 70 دولارا للبرميل في بعض اللحظات خلال الشهور الماضية.
وتقدر نشرة "تراستد إنيرجي إنتيليجنس" الأميركية كميات صفقات التحوط الأميركية التي نفذت خلال العام الماضي بنحو 1.5 مليون برميل يومياً.
من جانبها، قالت شركة "كونوكو فيليبس"، إن خسائرها من صفقات التحوط قد تصل إلى 300 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري.
وحسب بيانات شركة "رايستاد إنيرجي" النرويجية، فإن العديد من الشركات التي باعت نفطها في صفقات التحوط لدى 42 دولاراً في المتوسط لإنتاج الربع الأول من العام الجاري، تكبدت خسائر باهظة بلغت أكثر من 13 دولاراً للبرميل، إذ أن الأسعار ارتفعت في المتوسط إلى 56 دولاراً لخام غرب تكساس، ولأكثر من 65 دولارا لخام برنت.
وكانت هذه الشركات تعتقد أن دورة انتعاش الأسعار لن تستمر طويلاً، بسبب اضطرار دول "أوبك+" للأموال بشدة خلال العام الجاري، وهو ما سيدفعها إلى عدم التقيد بسقف الإنتاج. ويقدر الخبير النفطي الأميركي في شركة "إنفراس"، أندرو ماك كون، في تعليقات نقلتها نشرة "أويل برايس" خسارة الشركات الأميركية من عمليات التحوط بنحو 7 مليارات دولار. ويذكر أن الضائقة المالية أجبرت العديد من شركات النفط الصخري على بيع نفطها في السوق الآجل للحصول على سيولة نقدية.
ولاحظ خبراء أن الشركات الكبرى في صناعة النفط والغاز لم تجر عمليات تحوط، لأنها تمكنت من تحقيق بعض الوفورات النقدية، بعد خفضها كلف الإنتاج وبيع العمليات غير الأساسية.
ويقدّر مصرف "جي بي مورغان" أن تتمكن الشركات النفطية الكبرى من حصد تدفقات نقدية قياسية خلال العام الجاري. ويقدّر المصرف الأميركي، التدفقات النقدية الصافية لشركات الطاقة الخمس الكبرى في العالم بنحو 80 مليار دولار. ويقدر أن شركة شل وحدها ستحصد تدفقات نقدية صافية تقدر بنحو 22 مليار دولار، بينما ستحصد شركة "أكسون موبيل" نحو 19 مليار دولار، و"بريتش بتروليوم ـ بي بي" نحو 11 مليار دولار.
ويرى تقرير مصرف "جي بي مورغان"، أن تتمكن هذه الشركات النفطية من توفير 35 مليار دولار خلال العام الجاري، حتى بعد دفع التوزيعات النقدية على المساهمين.