استمع إلى الملخص
- "كونستاليس"، التي توظف 20 ألف شخص وتعمل في 39 دولة، تعتبر امتداداً لشركة "بلاك ووتر" المثيرة للجدل، بينما "أوربيس" تقدم خطة لإدارة المواد الغذائية في غزة.
- تواجه الخطة انتقادات بسبب تاريخ الشركات في الفساد وسوء إدارة العقود، وتثير تساؤلات حول التكاليف والمساءلة القانونية.
تدرس الحكومة الإسرائيلية الاستعانة بشركات الأمن الأميركية الخاصة للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، ما دفع شركات الأمن للتنافس على عقود ضخمة. وتدرس الحكومة الإسرائيلية، وفق غلوبس، نموذجاً تجريبياً سيتم بموجبه جلب شركة أمنية أميركية خاصة إلى شمال قطاع غزة لتوظيف جنود سابقين في جيوش غربية سيرافقون قوافل الغذاء والدواء إلى المراكز السكانية، ويمنعون سيطرة حماس بدلا من قيام جنود الجيش الإسرائيلي من القيام بهذه المهمة الخطيرة، وفق تعبير غلوبس.
ومن الأسماء التي ظهرت الشركتان الأميركيتان أوربيس وكونستاليس، وسبق أن استحوذت الأخيرة على أنشطة بلاك ووتر - أشهر شركة أمنية عسكرية خاصة في الولايات المتحدة، والتي فازت بعقود دسمة ومثيرة للجدل خلال حرب العراق الثانية.
وزعمت شركة ثالثة، هي شركة GDC، المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي موتي كاهانا، أنها تتفاوض لجلب شركة أمنية أميركية إلى غزة للعمل بالتعاون معها. وتتعامل شركة GDC مع إدارة الخدمات اللوجستية وتوصيل المواد الغذائية، وأحد الخيارات التي أثارها كاهانا في مقابلة مع وسائل الإعلام هو جلب كونستاليس إلى غزة، بعد أن تعيّن قدامى المحاربين في الوحدات القتالية من الجيوش الأميركية والبريطانية والفرنسية، وبعد التأكد من أنهم ليسوا يهوداً.
وفي الوقت نفسه، يعد كاهانا من المؤيدين المتحمسين للحزب الديمقراطي ودعم ترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس للرئاسة، ومن المحتمل أن يصعب ذلك مهمته في ظل إدارة ترامب الجديدة. لذلك، من الممكن أن تجد شريكته المحتملة طريقها إلى غزة حتى بدون كاهانا.
وكونستاليس هي التجسيد الحديث لشركة بلاك ووتر التي أسسها إريك برنس في الأيام التي تلت هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2001، وتتكون من العديد من المرتزقة وبزر اسمها بعد غزو العراق. وترك برنس بلاك ووتر في عام 2009 بعد عدة شؤون مثيرة للجدل تم التحقيق فيها مع انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات الأميركية. ونُسب إلى بلاك ووتر إطلاق النار على مدنيين عراقيين وزيادة استخدام الوسائل العسكرية ضد المدنيين.
وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم"، الثلاثاء، إنه حتّى الآن لم ينل "الاقتراح" المذكور موافقة مجلس الوزراء للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، بسبب صعوبات قانونية في تعريف الاحتلال وفقاً لصيغة القانون الدوليّ، وخصوصاً أن الشركة ذاتها ستكون مبعوثة لإسرائيل، وفعلياً تعمل بالإنابة عنها. ومن أجل الالتفاف على العقبات القانونية تفحص الأجهزة الأمنية استجلاب تمويل خارجي من منظمات المساعدات الإنسانية أو دولٍ أجنبية للشركة الخاصة المذكورة، والتي تبلغ كلفة تشغيلها عشرات ملايين الدولارات.
تنافس شركات من المرتزقة
وغيرت بلاك ووتر اسمها واندمجت مع شركات أخرى عملت مع الجيش الأميركي، لتكوين مجموعة تسمى "كونستاليس". وتوظف الشركة حاليا 20 ألف شخص في الولايات المتحدة وتنشط في 39 دولة أخرى في العالم، وفقا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، ومنشوراتها تحاول توظيف المرتزقة مع الوعد بالشروط الاجتماعية والتأمينات المتقدمة، و70% من موظفيها هم من قدامى الجنود في الوحدات العسكرية الأميركية.
وهناك شركة أميركية أخرى قدمت للحكومة خطة لإدارة وتوزيع المواد الغذائية في شمال قطاع غزة وهي شركة أوربيس، التي نوقشت خطتها في منتدى حكومي محدود في الماضي. Weekly Orbis هي شركة غير معروفة تقريبًا من ولاية كارولينا الجنوبية توظف 450 شخصًا وتعمل بالفعل منذ 20 عامًا في خدمة وزارة الدفاع الأميركية - بشكل رئيسي في توفير الخدمات اللوجستية والمشتريات وخدمات الصيانة وهندسة الكمبيوتر والدعم ضمن القواعد والمرافق الحربية أسسها ويديرها الأميركي جاي موسمان، وهو ضابط كبير سابق في البحرية الأميركية.
الميزانية التقديرية لإدارة مثل هذا المشروع المعقد قد تصل إلى 200 مليون دولار لستة أشهر، كما قدر كاهانا في البداية، وتصل إلى مليارات الشواقل سنويا، بحسب المقدم يوحانان زراف، مستشار الشؤون العربية سابقا في الجيش الإسرائيلي.
وقال الأخير لغلوبس: "هذه ليست الشركات التي ستدير الحياة اليومية للسكان، دورها سيكون إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتوزيعها، ومن الممكن أن تشغل مواقع آمنة داخل القطاع. لكن المسؤولية الطرفية عن الحرب وكذلك المسؤولية المدنية نفسها ستظل في أيدي إسرائيل، لذلك يبدو أن الفكرة هي منع الوضعية التي يراد منها القول إن إسرائيل تدير حكومة عسكرية في القطاع، ومنع خسارة أرواح جنود إسرائيليين ليسوا ضمن المهام العسكرية.
وبخصوص التكاليف الباهظة لشركة الأمن والتي قد تصل إلى أكثر من مليار شيكل سنويا؟ يقول زراف إن "إسرائيل ستطلب من الولايات المتحدة أو أي طرف خارجي تمويل البرنامج، لكن من الممكن أن تضطر إلى تحمله بنفسها".
فساد الشركات الأمنية
وتشرح صحيفة الدفاع الأميركية "ديفينس وان"، في مقال نشر يوم الثلاثاء الماضي، أن الشركات الأمنية ارتبطت بالفضائح التي تحيط بالصناعة العسكرية الخاصة. وذكر بالاعتداءات الجنسية التي ارتكبها موظفو شركة دينكورب في البلقان، حيث صوّر مشرف موقع الشركة نفسه وهو يغتصب شابتين، وتمت معاقبة المبلّغ عن هذه المخالفات. كما تضمن قائمة الانتهاكات الاعتداءات التي تعرض لها السجناء في سجن أبو غريب في العراق على يد مقاولي شركة سي أيه سي آي، إضافة إلى مذبحة ساحة النسور التي ارتكبتها شركة بلاك ووتر في بغداد والتي أسفرت عن مقتل سبعة عشر شخصاً. وهناك عشرات الحوادث الأقل شهرة، مثل إطلاق عناصر شركة إيجيس النار على المدنيين، ثم تصويرهم مقطع فيديو نشروه على الإنترنت؛ وحادث إطلاق عنصر من شركة بلاك ووتر النار وهو في حالة سُكر على حارس لرئيس الوزراء العراقي فقتله في عشية عيد الميلاد.
وتلفت الصحيفة إلى أنه إذا كان التخطيط للاستعانة بخدمات شركات أمنية في غزة جاريا بالفعل، فإن الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الخطة لا بد أن يجيبوا عن بعض الأسئلة الأساسية قبل أن تتحول هذه الفكرة من مجرد فكرة سيئة إلى فشل سياسي، ولفتت إلى أن تاريخ المقاولين العسكريين الخاصين مليء بالعقود التي تمت إدارتها بشكل سيئ وبالفساد، فقد تم إهدار أو سرقة ما بين 31 مليار دولار إلى 60 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين في العراق وأفغانستان وحدهما، وفقًا للجنة التعاقدات في زمن الحرب التابعة للحكومة الأميركية.
أما الأسئلة الأخرى فترتبط بالجهة التي ستستأجر هذه الشركات ومن سيدفع لها؟ وهل سيتم استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين بأي طريقة مباشرة أو غير مباشرة؟ وكيف ستكون عملية المنافسة على التعاقد؟ وكيف سيتم التعامل مع احتياجات إدارة العقود والإشراف عليها؟ وما هي التكاليف المقبولة، وحتى أكثر من ذلك، هوامش الربح المسموح بها؟ وهل يُسمح لأي شخص اقترح هذه الفكرة أو شارك في المفاوضات بالاستفادة منها؟
ولفتت إلى أن برنس من بلاك ووتر، الذي جعل من اقتراح التعاقد مع جهات خارجية في كل أزمة دولية تقريباً صناعة منزلية، انتهك في الوقت نفسه حظر الأسلحة، وتورط في صفقات أسلحة "مشبوهة"، وقبل عقداً لتدريب قوة أمنية في الصين، ثم تساءلت "ديفينس وان" عن عمليات التحقق التي سوف تخضع لها أي شركة يتم التعاقد معها وأصحابها وموظفيها.
ونبهت الصحيفة نفسها إلى أن مسائل العقوبة الجنائية وحتى المدنية للمتورطين في انتهاكات أبو غريب ومقتل المدنيين في ميدان النسور استغرقت أكثر من عقد حتى تم حلها في المحاكم. كما تساءلت عن آليات المساءلة القانونية التي سوف تطبق لمعاقبة المخالفين سواء كان "القانون الجنائي الأميركي أو القانون المدني الأميركي أو النظام القانوني الإسرائيلي أو النظام القضائي للسلطة الفلسطينية أو حتى النظام القانوني الموازي لحماس أو لا شيء من ذلك"، على حد تعبيرها.