تواجه الثقة بهيمنة الدولار اختباراً قاسياً على ضوء شراسة الانتخابات الرئاسية الأميركية بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس، وذلك وفقاً لتقرير أوردته شبكة بلومبيرغ، اليوم الخميس، قبل أيام من انطلاق عملية الاقتراع، الثلاثاء المقبل.
ففي عام 2009، بعد أن تسبب انهيار الأوراق المالية العقارية الأميركية في اندلاع أكبر أزمة مالية منذ الكساد الأعظم، أصدر رئيس البنك المركزي الصيني في ذلك الوقت دعوة بارزة إلى تحريك النظام المالي العالمي بعيداً من الدولار. لكن بعد 15 عاماً، لا يزال الدولار مسيطراً على العالم، بعدما صمد في وجه الحروب التجارية خلال عهد إدارة دونالد ترمب السابق وسلسلة عقوبات أميركية على عدد من الدول تمخض عنها بعض المخاطر، فيما يظل الدولار العملة الرئيسية المفضلة في الاحتياطيات العالمية، ويهيمن بشكل هائل على سوق الصرف الأجنبي.
بيد أن "بلومبيرغ" تلاحظ أن التاريخ يُظهر أن العملة الأساسية في العالم قد تفقد مكانتها، كما حدث مع الجنيه البريطاني في القرن العشرين. فالاقتصاد الأميركي أصبح الآن أصغر كثيراً كنسبة من الناتج العالمي مقارنة بما كان عليه بعد الحرب العالمية الثانية، عندما بدأت هيمنته. فالآن، يُعرب بعض المستثمرين عن مخاوفهم بشأن احتمال ظهور صور فوضوية من الانتخابات الأميركية، من شأنها أن تقوّض الثقة بسيادة القانون الأميركي والنظام السياسي الأوسع.
وقد أبرز العديد من القائمين على السياسة الاقتصادية الأميركية على مدى عقود، أهمية الحكم الديمقراطي الشفاف واحترام القانون في دعم دور الدولار الأميركي، مع الإشارة إلى حدوث محاولة عنيفة لتعطيل انتقال السلطة، في أعقاب الانتخابات الأخيرة التي أفضت إلى فوز الرئيس الحالي جو بايدن على حساب ترامب قبل نحو أربع سنوات، ولم يكن لها تأثير يذكر على الأسواق. لكن البعض يحذر من أن المزيد من الحالات قد يكون له عواقب على الدولار.
في هذا الصدد، نقلت "بلومبيرغ" عن الرئيس التنفيذي لشركة بي إن واي ميلون، روبن فينس، وهو أحد أكبر أمناء الأصول المالية في العالم، في مقابلة الأسبوع الماضي، قوله: "لا يمكنك أن تكون راضياً عن أي من هذه الأشياء في ما يتصل بالدولار، وكما هي الحال مع العديد من نقاط التحوّل، لا نعرف تماماً متى نقترب منها حتى نتجاوز الجانب الآخر".
بدوره، قال تييري ويزمان، وهو من قدامى البارزين في "وول ستريت" منذ ثلاثة عقود، إن "رواية الاستثنائية الأميركية قد تنتهي إذا فقد المتداولون الثقة في المؤسسات الأميركية". وأضاف استراتيجي العملات العالمية وأسعار الفائدة في شركة ماكواري، أن "الطريقة التي يمكن أن يحدث بها ذلك في الأسابيع القليلة المقبلة هي إذا أجرينا انتخابات من دون نتيجة نهائية لعدة أسابيع، حيث لا يستطيع الناس الوثوق في المؤسسات للفصل في أي من النزاعات".