شح التمويل يضرب صناعة الأسلحة الأوكرانية

19 ابريل 2024
أنظمة إلكترونية ضد طائرات العدو المسيرة في أوكرانيا، 19 مارس 2024 (فيكتور فريدشون / Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- نمو صناعة الأسلحة الأوكرانية بشكل ملحوظ ردًا على الغزو الروسي، مع زيادة عدد الشركات المصنعة للأسلحة إلى حوالي 400 شركة خاصة مقابل 100 شركة مملوكة للدولة، ولكن تواجه تحديات تمويلية وبيروقراطية كبيرة.
- الشركات الأوكرانية تطالب بتسهيلات في التصدير لتمكينها من بيع إنتاجها الزائد، في ظل الدعم المحدود من الحلفاء والمساعدات العسكرية التي لم تكن كافية لتغطية جميع احتياجاتها الدفاعية.
- تواجه الشركات المصنعة للأسلحة في أوكرانيا تحديات أمنية كبيرة، بما في ذلك الحاجة إلى نقل مواقعها لتجنب الضربات الصاروخية الروسية، مع الحفاظ على روح وطنية عالية وتركيز على الابتكار وتطوير منتجات دفاعية.

تضاعف عدد شركات صناعة الأسلحة الأوكرانية خلال عامين، مستفيدة من تداعيات الغزو الروسي، غير أن الصناعيين يشكون الآن من شح التمويل والبيروقراطية الثقيلة التي تعقد عملهم. فقد ظهرت مئات الشركات الأوكرانية التي تصنع الأسلحة والمعدات العسكرية منذ الغزو الروسي واسع النطاق، لكن بعضها يواجه صعوبات في تمويل الإنتاج وتخشى كلها استهدافها في الضربات الصاروخية الروسية المكثفة.

ويقول أصحاب هذه الشركات لـ"رويترز" إنهم ضخوا أموالهم الخاصة من أجل البقاء ونقلوا المواقع على نفقتهم الخاصة، وهم الآن يحثون الحكومة على خفض ما يصفونه بالروتين المفرط المتعلق بمشترياتها من الأسلحة. كما يريد العديد منهم السماح لهم بالتصدير بذريعة أن الحكومة غير قادرة على شراء كل إنتاجهم. ووفقا لوزير الصناعات الاستراتيجية أولكسندر كاميشين، فإن الإنتاج السنوي المحتمل للمجمع الصناعي العسكري يراوح الآن بين 18 و20 مليار دولار. وقال لـ"رويترز" إن الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية لا يمكنها تمويل سوى نحو ثلث ذلك المبلغ.

ويقارن ذلك بمبلغ 120 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تلقتها كييف من الحلفاء منذ بدء الحرب، ومعظمها معدات عينية وليست أموالا نقدية. وقد مر العديد من مؤسسات الدفاع الضخمة المملوكة للدولة بأوقات عصيبة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. والآن، أنعشت الحرب صناعة الأسلحة في القطاع الخاص. ووفقا لوزارة الصناعات الاستراتيجية، فقد تضاعف عدد الشركات المصنعة للدفاع منذ الغزو، ليبلغ عدد الشركات الخاصة الآن حوالي 400 مقابل 100 شركة مملوكة للدولة رغم أن الأخيرة لا تزال توفر معظم الطاقة الإنتاجية.

صعوبة الحصول على تمويل لشركات الأسلحة الأوكرانية

ولحل مشكلة النقص النقدي، تطلب أوكرانيا من الشركاء الأجانب تمويل إنتاجها الدفاعي. وقدمت الدنمارك يوم الثلاثاء الفائت، أول تعهد من نوعه بقيمة 28.5 مليون دولار. ويقول بعض المصنعين إنهم يكافحون من أجل جمع الأموال، وهي مشكلة تتفاقم بسبب آلية المشتريات الحكومية التي يشكون من أنها بطيئة ومرهقة. وفي هذا الصدد، قال فلاديسلاف بيلباس، الرئيس التنفيذي لشركة Ukrainska Bronetekhnika، وهي إحدى الشركات الأوكرانية القليلة التي تصنع المركبات المدرعة وقذائف المدفعية، من بين منتجات أخرى، إن "التهديد الأول الذي يواجهه المصنعون عندما يبدأون العمل هو بيروقراطية المؤسسة العسكرية ومشترياتها". وأشار إلى حقيقة أن وزارة الدفاع لا تقدم سوى طلبات الشراء للعام الحالي فقط، الأمر الذي يعيق قدرة الشركات المصنعة على التخطيط على المدى الطويل.

وسلّطت أربع شركات مصنعة لأسلحة مختلفة الضوء على مجموعة من القضايا، أبرزها الانتظار لعدة أشهر لمعرفة ما إذا كانت الدولة مهتمة بشراء إنتاجها، والتنقل بين الإدارات في وزارة الدفاع ومؤسسات القوات المسلحة، وعدم وجود ضمانات لمبيعات مستقبلية تساعدتهم على التخطيط للإنتاج. ولم ترد وزارة الدفاع فورا على طلب "رويترز" التعليق على الشكاوى، مع أنها كانت قد أعلنت سابقا أنها تعكف على إرساء "آلية جديدة" للمشتريات الدفاعية، وعيّنت رئيسا جديدا للوكالة المسؤولة عن مشتريات الأسلحة في وقت سابق من هذا العام.

وكان الاستثمار الخاص يلقى الزخم أساسا برجال الأعمال المحليين الذين كثيرا ما يقولون إنهم مدفوعون بالوطنية وليس الربح. وقال مصدر في الحكومة الأوكرانية تحدث لـ"رويترز" شرط عدم كشف هويته، إن الاستثمار الخاص ليس منتشرا بالتساوي، مضيفا أن "الجميع يريد الاستثمار في منتجات مثيرة مثل الطائرات المسيّرة، لكن لا أحد يريد الخوض في شيء صعب مثل القذائف المدفعية".

وتتمثل إحدى طرق جمع الأموال في منح الشركات تراخيص لتصدير المنتجات التي لا تشتريها الحكومة الأوكرانية بسبب نقص التمويل. وذكرت ثلاث شركات مصنعة لـ"رويترز" أنها ترغب في منح تراخيص التصدير شرط أن تكون لدى الشركة المصنعة طاقة غير مستخدمة لا تغطيها الطلبات الواردة من أوكرانيا. وقال كاميشين إن ذلك غير ممكن، مضيفا أن "من العدل أن يطالب المصنعون إما بتقليص طاقتهم بالكامل أو منحهم إمكانية التصدير، لكن هذا الموقف لا يحظى بدعم سياسي، لذلك نحن نبحث عن تمويل لمؤسساتنا، بحيث يبقى كل الإنتاج في أوكرانيا".

تغيير مواقع مصانع الأسلحة لأسباب أمنية

وبصرف النظر عن الصعوبات المالية، فإن صنع الأسلحة في أوكرانيا خلال حرب واسعة النطاق أمر محفوف بالمخاطر. فعندما زارت "رويترز" مصنعا لشركة أوكراينسكا برونيتكنيكا، وافق رئيس المصنع الذي ذكر أن اسمه رسلان، على التحدث فقط إذا لم يظهر وجهه لحمايته من أن يصبح هدفا لأجهزة المخابرات الروسية. وكان المصنع، الذي يوظف حوالي 100 شخص ويصنع المركبات المدرعة ومدافع الهاون، في طور التفكيك ونقله إلى موقع آخر. وقال رسلان إن السبب في ذلك هو الحاجة إلى مبنى أكبر لاستيعاب المزيد من الموظفين، وكذلك لجعل الأمر أكثر صعوبة على الروس في العثور على المصنع، علما أن بعض الشركات المصنعة للأسلحة تنقل مواقعها كل ثلاثة أشهر لأسباب أمنية.

بدوره، قال بيلباس من شركة أوكرينسكا برونيتكنيكا إن "من المصنعين الذين أتحدث إليهم، لم تحصل أي شركة خاصة على تعويض (الدولة) مقابل النقل". وثمة مشكلة أخرى تواجه الشركات المصنعة وهي التهديد بانقطاع التيار الكهربائي، حيث تقصف روسيا البنية التحتية للطاقة فيما تنفد ذخائر الدفاع الجوي لحماية سمائها في أوكرانيا. وقال بلباس: "في 2022-2023، لم تكن لدينا كهرباء لثلثي ساعات عملنا، وفي ظل هذه الظروف من الصعب جدا تصنيع أي شيء"، فيما ذكر مصدر حكومي أن الشركات المصنعة ليست لديها حاليا أي مشكلات مع إمدادات الطاقة.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون