سورية: برنامج دعم الصادرات الزراعية يرفع الأسعار في الأسواق المحلية

12 سبتمبر 2022
ارتفعت الأسعار مع تراجع الكميات المعروضة في الأسواق المحلية (فرانس برس)
+ الخط -

قفزت أسعار الخضر والفواكه بالأسواق السورية أكثر من 10% خلال الأسبوع الجاري، بعد برنامج "دعم تصدير المنتجات الزراعية" التي أعلنته وزارة الاقتصاد بحكومة بشار الأسد وزيادة الصادرات باتجاه دول الخليج العربي.

وسجل الخيار أعلى سعر على الإطلاق بنحو 3000 ليرة للكيلو، ويستمر سعر البطاطا والبندورة (الطماطم) بالارتفاع، ما جعل المنتجات الزراعية السورية "صعبة المنال للسوريين" بحسب مصادر من العاصمة السورية دمشق.

تراجع الكميات محلياً

ويكشف تاجر الجملة زياد الدالي تراجع كميات الخضر الواردة إلى مراكز التوزيع "سوق الهال" بمنطقة الزبلطاني بدمشق، بسبب زيادة التصدير عبر الأردن إلى دول الخليج العربي، بالتزامن مع بدء تراجع الموسم الصيفي للخضر.

وأشار خلال اتصال مع "العربي الجديد" إلى ارتفاع الأسعار "إلى أعلى مستوى على الإطلاق، إذ لم يسبق لكيلو البطاطا أن وصل لثلاثة ألاف ليرة كما أن الخيار والبندورة اللذين طاولهما دعم التصدير، سجلا أسعاراً قياسية أيضاً.

ويشير الدالي من دمشق، إلى أنه رغم تراجع مستوى الاستهلاك محلياً، بسبب غلاء الأسعار وقلة المداخيل وانتشار شراء الخضر بالحبة، فإن معروض الخضر والفواكه تراجع بالسوق السورية، ناسباً السبب إلى زيادة الصادرات طلباً للدولار خاصة بعد التشجيع الحكومي بحجة دعم الإنتاج الزراعي وزيادة قيمة الصادرات السورية.

وكان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بحكومة بشار الأسد، محمد سامر الخليل قد أصدر قبل أيام، قراراً يتضمن الآلية التنفيذية لبرنامج دعم شحن وتصدير المنتجات الزراعية، والتركيز على مادتي البندورة والخيار.

ويمنح القرار مصدري الخيار والبندورة خلال الفترة من 1-8-2022 ولغاية 1-10-2022 دعم أجور شحن إلى جميع الدول بنسبة 20% من أجور الشحن البري والبحري على أن يكون تاريخ 1-12-2022 آخر موعد لاستلام واستكمال الوثائق المطلوبة لصرف الدعم.

وانعكس القرار على كميات الإنتاج الزراعي بالأسواق السورية، بحسب ما يكشف رئيس لجنة الخضر والفواكه في سوق الهال بدمشق، أسامة قزيز، الذي أكد خلال تصريحات إعلامية أمس، أن السوق تستقبل يومياً بين 500 و600 طن من البطاطا، و1000 و1500 طن من البندورة، مع 125 طناً من البصل. لكن هذه الكميات هي أقل بنسبة 20% مما كانت عليه الشهر الماضي، بحسب التاجر زياد الدالي.

ارتفاع قياسي للأسعار

وتشير مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد" إلى استمرار ارتفاع المنتجات الزراعية، إذ يزيد سعر كيلو البطاطا اليوم الإثنين، عن 3200 ليرة وتعدى سعر كيلو البندورة 1800 ليرة ووصل سعر كيلو الخيار إلى 3200 ليرة.

ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على الخضر مدعومة التصدير، بل طاول جميع المنتجات، فسعر كيلو القرنبيط بأسواق دمشق 1700 ليرة والفاصولياء والبامية الخضراء 4500 ليرة والباذنجان 1500 ليرة، حتى البطيخ الأحمر قفز سعر الكيلو من 700 ليرة مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، إلى 1200 ليرة اليوم.

ولم تزل سورية، بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) "مصدر قلق بالغ للغاية"، بسبب تدهور الأوضاع الحرجة، وواحدة من البلدان ذات نقاط الجوع الساخنة، حيث أدى الصراع المستمر إلى مزيد من الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

وبحسب تقرير حديث للمنظمة الأممية، فإن "عدداً كبيراً" من السوريين معرض لخطر الوقوع في حال "انعدام الأمن الغذائي" بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، وزيادة أسعار المواد الغذائية، بعد أن واجه 12 مليون شخص في سورية انعدام الأمن الغذائي العام الماضي، من بينهم 2.5 مليون شخص يعانون من "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، 1.8 مليون شخص منهم يعيشون ضمن مخيمات النازحين.

ويعتبر الاقتصادي السوري محمود حسين، أن استمرار تصدير قوت السوريين لتعويض فاقد الصادرات الصناعية "جريمة بحق السوريين"، مقدراً "حصة الخضر والفواكه بنحو 75% من مجمل الصادرات السورية للخارج".

ويضيف حسين لـ"العربي الجديد" أن وزارة الاقتصاد كان عليها أن تدعم الفلاحين والمستهلكين لزيادة الإنتاج والاستهلاك المحلي، لا أن "تلهث وراء الدولار، سواء عبر دعم تصدير الخضر أو اللحوم، وتترك السوريين الذين يزيد إنفاقهم عشرين ضعف الدخل يتشهون الغذاء".

واعتبر أن "تصدير الإنتاج الزراعي لتعويض الصادرات الصناعية بعد توقف المعامل وزيادة تكاليف الإنتاج، بسبب زيادة أسعار المواد الأولية والطاقة، ليس سياسة حكيمة"، وأن "الأولوية لكفاية السوريين وليس السعي لجسر عجز الميزان التجاري على حساب معدتهم".

ويبلغ عجز الميزان التجاري السوري، بحسب تصريحات سابقة لمعاون وزير الاقتصاد لشؤون العلاقات الدولية، رانيا الأحمد 3.33 مليار يورو العام الماضي، في وقت لم تزد الصادرات، بحسب الأحمد، عن 664 مليون يورو.

(الدولار=4480 ليرة تقريباً)

المساهمون