تستمر أزمة النقل داخل وما بين المدن السورية التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد، رغم تطبيق التعرفة الجديدة أمس، بعد أن رفعت وزارة التجارة الداخلية أجور النقل للشركات الخاصة المرخصة وفق قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991.
وتؤكد مصادر متطابقة من دمشق وحلب لـ"العربي الجديد" اشتداد أزمة النقل بعد التعرفة الجديدة، لأن أصحاب الحافلات سيلتزمون بالأسعار وهي لا تتناسب مع أسعار المحروقات والتكاليف الأخرى التي يتكبدها ملاك السيارات، من زيوت واهتلاكات.
ويصف المساهم بشركة نقل في مدينة حلب شمالي سورية، لؤي الحاج شعبان، التعرفة الجديدة بـ"غير العادلة" لأن الحكومة خفضت حصة السيارات من المحروقات بنسبة 25% الشهر الماضي، كما رفعت أسعار البنزين والمازوت الحر منتصف أيار الجاري، بالوقت الذي أخرت خلاله رسائل استلام المحروقات وفق البطاقة الذكية إلى 25 يوماً "ما يضطرنا لشراء المحروقات من السوق السوداء".
ويضيف الحاج شعبان لـ"العربي الجديد" أن هناك تكاليف كثيرة "لا تعرفها الوزارة" كاهتلاك المركبة والإطارات والزيوت وأجور السائق ومرافقيه والضرائب السنوية، وكل هذا عدا احتمال عدم امتلاء الحافلة، بالإياب، ما يعني خسائر لنا إن التزمنا بالتعرفة ومحاولة تصيدنا إن رفعنا أجور النقل.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة بشار الأسد، قد رفعت أمس الأول التعرفة الكيلومترية لشركات نقل الركاب من 25 إلى 32.40 ليرة سورية، مبررة الرفع خلال تعميم بارتفاع تكاليف التشغيل الثابتة والمتغيرة للحافلة سنوياً، من ارتفاع في أسعار الزيوت المعدنية وأجور الصيانة والإصلاح وقطع الغيار والرواتب والأجور وعدم تأمين المحروقات بالسعر الرسمي.
وألزم التعميم كافة شركات النقل المرخصة التقيد بالتعرفة الجديدة، والإعلان عنها بشكل واضح ضمن مكاتب قطع التذاكر، واعتبارها حداً أقصى لا يمكن تجاوزه وشدد على أن مخالفي أحكام هذا التعميم سيخضعون للعقوبات.
وبحسب مصادر إعلامية، ارتفعت تكلفة سفر الشخص من مدينة اللاذقية الساحلية غربي سورية، إلى العاصمة دمشق من 9 إلى 12 ألف ليرة في حين تزيد من مدن شمال شرق (الحسكة ودير الزور) إلى دمشق عن 40 ألف ليرة، ووصلت تعرفة نقل الشخص بسيارة الأجرة الخاصة 100 ألف ليرة سورية.
ورفعت حكومة الأسد منتصف مايو/أيار الجاري أسعار مادة البنزين الحر من 2500 إلى 3500 ليرة والمازوت الصناعي من 1700 إلى 2500 ليرة، ما انعكس مباشرة على أجور النقل وأسعار السلع والمنتجات بالأسواق السورية.
وتقول الطالبة الجامعية فاطمة الخالد من دمشق لـ"العربي الجديد" إن أجور النقل داخل العاصمة السورية، ارتفعت بنحو 65% أمس، رغم أن محافظة دمشق رفعت الأجور "تعرفة رسمية" بنحو 100% قبل 3 أشهر، ما حوّل تكاليف الذهاب للجامعة، إلى مصروف ثان لا طاقة للطلاب عليه.
كما أثرت أجور النقل على أسعار المنتجات والسلع بالأسواق، لأن مراكز إنتاج الخضر والفواكه، وحتى الإنتاج الصناعي، في الأرياف وبعيدة عن الأسواق الرئيسية، بحسب الموظف الحكومي خضر محمد.
ويضيف محمد خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن شحنات النفط من إيران لم تصل، رغم توقيع الخط الائتماني، واصفاً أزمة المحروقات والنقل بالخانقة.
ويشير الموظف السوري إلى أن أصحاب السيارات لا يتحملون المسؤولية، لأنهم يلبون حاجتهم من المحروقات من السوق السوداء بسعر 5 آلاف ليرة لليتر المازوت ونحو ستة آلاف لليتر البنزين، فلو أن الحكومة توفر المادة، رغم رفع السعر، لكان من حقها ملاحقة مخالفي التسعيرة، خاتماً أن السوريين يدفعون الثمن على الدوام بواقع غلاء المعيشة "راتب الموظف الشهري يكفيه للذهاب مع أسرته من دمشق إلى حلب... من دون العودة".