تواصل أسعار السلع والمنتجات بالأسواق السورية، ارتفاعاتها "من دون تدخل حكومي أو رقابة" ما حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار للمستهلكين، بحسب الاقتصادي علي الشامي من العاصمة السورية دمشق.
ويقول الشامي لـ"العربي الجديد" إن الأسعار ارتفعت بالتوازي مع زيادة التحويلات الخارجية وتراجع عرض المنتجات الغذائية المستوردة، لكنها لم تستقر أو تتراجع، بعد رمضان والعيد وتراجع تحويلات المغتربين، واصفاً الوضع بـ"المأساوي" خاصة بعد تطبيق قانون العقوبات الإلكترونية واعتبار من يشكو من تردي الواقع المعيشي، يمس بهيبة الدولة أو يتناول "شخص المسؤول".
ويشير الاقتصادي السوري إلى أن تراجع عرض المشتقات النفطية وارتفاع الأسعار بالسوق الموازي، إلى أكثر من 6 آلاف ليرة لليتر البنزين، في حين السعر الرسمي المدعوم للبنزين 1100 ليرة والسعر الحر 3 آلاف ليرة سورية، انعكس على تكاليف الإنتاج الصناعي ورفع أجور النقل بنحو 100% ما أثر أيضاً على أسعار المواد الغذائية بحجة ارتفاع أسعار نقل المنتجات.
وكان رئيس مجلس الوزراء بحكومة بشار الأسد، حسين عرنوس قد اعترف اليوم، بأن توريدات المشتقات النفطية انقطعت عن بلاده لمدة زادت على 30 يوماً ولم تفلح كل الجهود المبذولة لتجاوز ذلك ولا سيما مع احتجاز بعض النواقل ومنها ناقلة تحمل 800 ألف برميل من النفط ومنع وصولها.
ويضيف المسؤول السوري خلال تصريحات اليوم الإثنين، أن الحكومة اضطرت لترشيد توزيع الكميات المتوافرة بهدف إطالة أمد تزويد السوق بما يتوفر من كميات محدودة إضافة إلى ضمان استمرار تزويد بعض الجهات العامة كالمشافي والأفران ومحطات ضخ مياه الشرب وبعض القطاعات الزراعية وغيرها.
وحول فوضى الأسواق وارتفاع الأسعار، يقول عرنوس إن الحكومة تعمل على خطين متوازيين في آن معاً من خلال السعي لتوفير أكبر كمية ممكنة من المواد والسلع لتلبية احتياجات المواطنين من جهة وضبط صيغ توزيع الكميات المتوافرة منها لضمان أكبر قدر ممكن من العدالة والكفاءة سواء من خلال اتباع أساليب التوزيع عبر البطاقات الإلكترونية أو بالاعتماد على مؤسسات التدخل الإيجابي وبالتنسيق والتعاون مع الاتحادات والنقابات المعنية.
وبيّن أن مجلس الوزراء منح المؤسسة السورية للتجارة سلفة مالية بقيمة 73.5 مليار ليرة بهدف تمكينها من استجرار بعض المواد المدعومة وتقديمها للمواطنين إضافة إلى منح أولويات تمويل التوريدات إلى مكونات السلة الغذائية وقوائم الأدوية ومدخلات العملية الإنتاجية على وجه التحديد.
لكن الاقتصادي السوري الشامي، شكك بكلام عرنوس بقوله: "هذا الكلام نسمعه خلال كل اجتماع رسمي، لكن الأسواق بواد والخطب الحكومية بواد آخر، فحتى مؤسسة التدخل الإيجابي "السورية للتجارة" تعاني من نقص عرض المنتجات، وإن توفرت فأسعارها لا تقل كثيراً عن السوق، رغم أن الجودة أقل".
ويشير الشامي إلى أن تراجع سعر صرف الليرة إلى نحو 4000 مقابل الدولار الواحد، زاد من جوع وفقر السوريين الذين لا يزيد دخلهم الشهري عن 100 ألف في حين الإنفاق يزيد عن مليونين، مقدراً نسبة الفقراء بسورية اليوم بأكثر من 95%.
ورصد "العربي الجديد" عبر مصادر عدة من دمشق أسعار المنتجات الغذائية اليوم، إذ وصل سعر كيلو أرز الكبسة ماركة الشعلان إلى 10 آلاف ليرة سورية وكيلو البرغل إلى 6800 ليرة والعدس إلى 5 آلاف ليرة والفول إلى 5500 ليرة وتعدى كيلو السكر 4500 ليرة سورية.
وفي حين يستمر ارتفاع أسعار زيت دوار الشمس إلى 15 ألف ليرة لليتر وكيلو السمنة إلى 22 ألف ليرة سجلت أسعار مشتقات الألبان والأجبان ارتفاعاً جديداً بعد نهاية عطلة العيد، من دون أي مبررات واضحة من التجار، ليصل سعر كيلو اللبنة إلى 12 ألف ليرة والحليب إلى 2500 ليرة وارتفاع سعر كيلو اللبن "زبادي" إلى 3 آلاف ليرة.
ولم تسلم الخضر الموسمية والفواكه من جنون الأسعار، بحسب وصف المصادر، إذ وصل سعر كيلو البندورة (الطماطم) اليوم إلى 5 آلاف ليرة، الأمر الذي برره أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة بالظروف الجوية وحالة الطقس، في حين تؤكد المصادر استمرار تصدير الخضر والفواكه إلى أسواق الخليج، معتبرة ذلك السبب الأهم لتراجع العرض وارتفاع الأسعار.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد حذر أمس من تفاقم أزمة الغذاء في سورية جرّاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة تتجاوز الـ800% خلال العامين الماضيين، مما تسبب بوصول أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2013.
وقال المدير التنفيذي للبرنامج، ديفيد بيزلي، إن ملايين العائلات السورية تمضي أيامها قلقة من كيفية حصولها على الوجبة التالية، مشيرًا إلى ضرورة التحرك الفوري لإنقاذ السوريين من مستقبل "كارثي" بعد ما تشهده سورية من احتياجات غير مسبوقة.
وبحسب البيان الأممي، فإن 12 مليون سوري، يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي، بنسبة أكبر بـ51% عن عام 2019، إلى جانب وجود نحو مليون و900 ألف شخص معرضين لخطر الجوع تزامنًا مع تحول الوجبات الأساسية إلى رفاهية للملايين.
وأظهرت بيانات الأمم المتحدة بالعام الماضي، أن واحدًا من كل 8 أطفال في سورية يعاني من التقزم، بينما تظهر الأمهات الحوامل والمرضعات مستويات قياسية من الهزال الحاد، مما يشير إلى عواقب صحية مدمرة للأجيال القادمة، وفق البيان.