يزور وفد اقتصادي إيراني رفيع دمشق، لبحث المساهمة الإيرانية في مشاريع إعادة الإعمار المفترضة في سورية. إلا أن الأغراض السياسية تبقى هي الغاية الأساسية من وراء هذه الزيارة المعنونة اقتصاديا.
الوفد الذي يرأسه وزير الطرق وبناء المدن رستم قاسمي التقى أمس الأربعاء، مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومسؤولين آخرين، وسط حديث عن مشاريع إيرانية عديدة يجري التحضير لها، فيما اعتبر البعض انها مجرد مشاريع "إعلامية" وهدفها احتواء أبعاد التقارب المحتمل بين النظام السوري وبعض الدول العربية، إضافة الى مزاحمة الهيمنة الاقتصادية الروسية.
وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام أن لقاء قاسمي الذي هو أيضا رئيس اللجنة الاقتصادية السورية الإيرانية المشتركة، مع بشار الأسد تناول "أهمية إقامة مشاريع جديدة تحقق المنفعة الاستراتيجية المشتركة لسورية وإيران وتربط بين قطاع الأعمال في كلا البلدين"، إضافة الى "سبل توسيع مجالات العمل الثنائي في القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمارات المشتركة بهدف إعطاء دفعة جديدة للروابط التجارية والاقتصادية".
بدوره أكد قاسمي عزم الجانبين "السعي لبلوغ الشراكة الاقتصادية والتجارية الحقيقية"، مشيراً إلى أن زيارته تهدف إلى "مناقشة القضايا المتعلقة بتفعيل العلاقات الاقتصادية ولا سيما الربط البري والبحري وزيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين وتفعيل عملية انتقال السلع والخدمات وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما".
كما اجتمع الوزير الإيراني مع حاكم مصرف سورية المركزي محمد عصام هزيمة الذي تحدث عن تطوير التبادل التجاري والعلاقات المصرفية والمالية بين الجانبين، مؤكدا حسب "سانا"، استعداد المصرف المركزي لتشكيل فريق عمل للتعاون الفني لإيجاد قنوات مصرفية متبادلة.
من جانبه، أكد قاسمي أهمية تعزيز العلاقات المصرفية بين الجانبين لتسهيل عملية التبادل التجاري وتنمية حركة الصادرات بين الجانبين مؤكداً استعداد بلاده للمساهمة في مرحلة إعادة الإعمار في سورية.
وشهدت الشهور الأخيرة وخاصة بعد مجيء الحكومة الإيرانية الجديدة في أغسطس/آب الماضي، زخما في الزيارات المتبادلة بين الجانبين، في محاولة إيرانية كما يبدو لإحباط المحاولات الرامية لإبعاد النظام السوري عن إيران.
ومع بَداية هذا العام أعلن وزير الطرق والإسكان الإيراني رستم قاسمي، عن بدء الخطوات العملية لتنفيذ مشروع الربط السككي مع العراق وإلى سورية، مشيرا الى اتفاق بغداد وطهران على تأسيس شركة مشتركة للتنفيذ وإنشاء جسر لعبور القطارات بعد انتهاء المشروع.
وقال الباحث الاقتصادي معمر الهوش لـ"العربي الجديد" إن هذا الموضوع له أولوية في زيارة الوزير الإيراني إلى دمشق، والذي كان زار قبل أيام العاصمة العراقية بغداد للغرض نفسه، حيث جرى التوافق هناك على تنفيذ خط السكك الحديدية شلمجة ـ البصرة، الذي يربط إيران بالعراق، في إطار المشروع السككي الأوسع لربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط.
وكان وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة النظام السوري، سهيل عبد اللطيف، أعلن نهاية العام الماضي عن مباحثات بشأن صفقة جديدة تتعلق بتشييد مشاريع وشقق سكنية، وفق تقنيات البناء السريع، مع وفد إيراني من شركة "دريا القابضة للتجارة والمقاولات".
وقال عبد اللطيف: "ناقشت إمكانية التعاون مع الجانب الإيراني ضمن عدة نقاط، أهمها ما يتعلق بتشييد مساكن اجتماعية مع مرافقها ضمن إطار محدد (دراسة وتمويل وتنفيذ)، ووفق تقنيات التشييد السريع، وبتكلفة مناسبة لشرائح الدخل المحدود"، وفق ما نقلت صحيفة "الوطن" الموالية.
وأكد على "أهمية التعاون الثنائي المشترك وضرورة استثماره ضمن المجال الاقتصادي ومرحلة إعادة الإعمار والبناء"، مشيراً إلى أن وزارته "على استعداد لتقديم كافة التسهيلات اللازمة لتنفيذ المشاريع بما يدعم خطتها في مجال الإسكان، مشيراً إلى أن 26 منطقة تطوير عقاري باتت جاهزة ويمكن العمل فيها.
وتضم شركة "دريا القابضة للتجارة والمقاولات" عدة شركات فرعية متخصصة في العديد من المجالات التي تتعلق بالإسكان والإعمار، والمياه، والطاقة، والصناعة.
ويرى الباحث الهوش أن المشاريع الإيرانية في سورية لها طابع سياسي أكثر مما هي اقتصادية وقابلة للتطبيق على الأرض، وهدفها غالبا، بحسب الهوش، منع النظام من التجاوب مع المشاريع المطروحة عليه من جانب بعض الدول العربية التي انفتحت على النظام مؤخرا مثل الإمارات العربية والبحرين، إضافة الى محاولة مزاحمة الاستحواذ الروسي المتزايد على أهم المرافق الاقتصادية في سورية. ورأى أن إيران مهتمة بالتوسع السياسي والأيديولوجي أكثر من اهتمامها بالبحث عن فرص في الاقتصاد السوري المنهار.