سورية: أصحاب الجرارات الزراعية في السويداء بلا مازوت ويلوّحون بالتصعيد

29 مارس 2023
تُعتبر هذه الجرارات عصب الحياة لأكبر منطقة شجرية في السويداء (فرانس برس)
+ الخط -

قال عدد من أصحاب الجرارات الزراعية العاملة في منطقة ظهر الجبل شرقي مدينة السويداء، جنوب سورية، أن مدير الزراعة التابعة للنظام أوقف مخصصاتهم من المازوت منذ 5 أشهر، وأنهم في طريقهم إلى التصعيد بكل الطرق ما لم تستجب المديرية ومسؤولو النظام لمطالبهم. 

وتُعتبر هذه الجرارات  عصب الحياة لأكبر منطقة شجرية بالمحافظة وبالتالي أكبر كتلة بشرية مُستفيدة، حيث يعتمد عدد كبير من سكان المدينة وبعض البلدات المحيطة بمنطقة ظهر الجبل على مواسم التفاح والكرمة وأنواع الفواكه الأخرى في معيشتهم، ويرصدون لها جزءا كبيرا من جهدهم وموازنتهم السنوية، بحيث لا تتوقف أعمالهم في الحراثة والتسميد والري والرش والتقليم والعزالة والقطف والنقل وأخيراً الحراسة طوال العام بعدما أصبحت الأشجار المثمرة هدفاً للحطابين. 

يقول لؤي أبو ترابة، أحد أصحاب الجرارات الزراعية لـ"العربي الجديد"، أنه وعدد كبير من أصحاب الجرارات الزراعية، لم يحصلوا على مخصصاتهم من المازوت منذ عدة أشهر رغم موافقة المحافظ ومديريات التموين والمحروقات على منحهم الحد الأدنى لسير العمل وهو 50 لتراً كل 10 أيام. 

ويضيف أبو ترابة إن مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في محافظة السويداء "أيهم حامد" يدعي بعدم توفر المادة أحياناً، وبتأمين مخصصات الجرارات العاملة في السهول أحياناً أُخرى على الرغم من معرفة المزارعين بتوفر المادة والمخصصات في المحطات بشكل يومي تقريباً، (وبهذا التأجيل والتسويف تدفعنا المديرية وبعض المسؤولين لشراء "المازوت الحر" المتوفر بكثرة وبأسعار تعجيزية).

 كما قال المزارع أ.ش. لـ"العربي الجديد": "نحن مجموعة يطلق عليها "أصدقاء الجبل" مؤلفة من 476 مالك جرار زراعي، ومن خلفنا الآلاف من المزارعين أصحاب الحقول سنسعى بكل الطرق للحصول على حقوقنا لأن هذا العمل وهذه الحقول مصدر رزق لعشرات الآلاف من الناس ولن نقبل أن يحاربونا بلقمة عيش أطفالنا، ودفعنا لبيع أراضينا".

وفيما تدعي وزارة الزراعة ومن خلفها حكومة النظام، تشجيع الزراعات بأنواعها وتسعى للوصول بالمواطن والبلد للاكتفاء الذاتي في ظل الحصار الاقتصادي، يدعي المزارعون أن الحكومة تُعيق دورة الإنتاج الزراعي عاماً بعد عام، وصولاً للتصحر والجفاف، وموت المحاصيل. 

 المهندس وائل المتني كتب على حسابه في "الفيسبوك" قال إن "الإنتاج يحتاج إلى جدوى اقتصادية قبل البدء بالتحضير وهذه تحكمها عدة مؤثرات في سورية أهمها؛ ارتفاع أسعار المحروقات بشكل جنوني وغير مسبوق بحيث وصلت لألف ضعف عما كانت قبل الأزمة مقارنة بـ100 ضعف لسعر الصرف و10 أضعاف رواتب الوظائف الحكومية وهذا ترافق مع ارتفاع سعر الصرف ليصل لأرقام قياسية كل أسبوع".

وتابع أنه "بشكل طبيعي يلحق هذا الارتفاع غلاء فاحش في أسعار الأسمدة والأدوية وكافة المستلزمات الزراعية بشكل كبير لتعلقها بسعر الصرف والسياسة الحكومية (خاصة الضرائب والجمارك والقوانين التعقيدية التي تزيد فوق قيصر قياصر)".

ويضاف إلى هذا كله ارتفاع أجور اليد العاملة وندرتها بسبب ظروف الحرب والهجرة وعدم الرغبة في العمل الزراعي بعدما أظهر نتائج سلبية. 

وأضاف أن "المشروع الزراعي في أي مكان يحتاج لدراسة جدوى اقتصادية تبين للمزارع أو المستثمر التكاليف الأولية للزراعة ودورة العمل الإنتاجي وصولاً للتصريف والإنتاج وهذه الدراسة ترتبط عضوياً بالمؤثرات الاقتصادية والسياسية والطبيعية وحتى الأمنية في سورية، فالمزارع السوري يقف عاجزاً أمام غلاء التجهيزات الأولية للزراعة وندرتها أحيانا وإنقطاع سبل المتابعة والعناية وصولاً لمعوقات التصريف أو التسويق؛ من احتكار الدولة لبعض الأصناف مروراً بأعمال المضاربة والابتزاز، وصولاً للعبور خارج الوحدات الإدارية عبر الحواجز الأمنية أو الحدود والجمارك".

أما الصحافي علي عبود فقد كتب في صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب التابع للنظام السوري: "لم تعد وزارة الزراعة قادرة على معرفة الإنتاج المتوقّع من القمح، فهي تتنبّأ برقم طموح لتتفاجأ في نهاية الموسم أن حسابات الحقل أقلّ بكثير من حسابات البيدر، أيّ الحصاد!".

وبما أن الوزارة أعلنت بتاريخ 20/ 2/ 2023 عن زراعة 1.25 مليون هكتار بالقمح، فإنها للمرة الأولى تجاهلت الكميات التي ستنتجها هذه المساحة من محصول استراتيجي كانت سورية تنتج منه ما لا يقلّ عن 4 ملايين طن سنوياً.

ويرى عبود أن الوزارة يُمكن أن تتنبأ وتُخطئ بمردودها في المساحات البعلية لأنها مرتبطة بالهطولات المطرية، أما بالنسبة للمساحات المروية فالأمر مختلف تماماً إذ يُمكن معرفة حجم الإنتاج مسبقاً مقارنة بأعوام الإنتاج السابقة، وبناءً عليه يمكننا تقدير إنتاج القمح من المساحات المروية 1.15 مليون طن هذا إذا تمكن المُنتج من الحصول على المحروقات والأسمدة ومياه الري في وقتها المناسب.

في السياق أيضاً، يقول المزارع محمد الصالح لـ"العربي الجديد": "لا يمكن للدولة ذاتها في هذه الظروف السيئة والتي هي جزء منها وضع دراسات جدوى اقتصادية ناجحة لأي مشروع إنتاجي وخاصة الزراعي، ولا نرى فيها نحن المزارعين سوى جهة مُعيقة لدورة إنتاجنا إن لم تكن في موقع الاستغلال".

وهذا، برأيه، "ما ظهر واضحاً خلال المواسم السابقة، فسعر 1 كيلو "الثوم" انحدر دون 1000 ليرة سورية في الوقت الذي تزيد تكلفة إنتاجه عن 2000 ليرة، وكذلك موسم البصل احتكره عدد من المتنفذين بعد أن اضطر المزارعون لبيعه دون سعر التكلفة، فنحن نواجه كمزارعين فساد مؤسسات الدولة إلى جانب الظرف الاقتصادي والظروف الطبيعية". 

يُذكر أن أصحاب الجرارات الزراعية في السويداء قد قاموا بأكثر من احتجاج في السابق عن طريق قطع الطرقات والاعتصام بجراراتهم أمام مؤسسات التموين والمحروقات واستطاعوا من خلالها تأمين الحد الأدنى من مخصصاتهم. والآن يدعون إلى اجتماع خلال الأيام القادمة ويُنذرون بتصعيد حراكهم حتى يحصلوا على حقهم الطبيعي المنهوب.

المساهمون