لا يزال القمح يتخذ منحى صعوديا واضحا، حيث ارتفع سعره أكثر من 13% منذ الاثنين الماضي، تاريخ انتهاء أجل اتفاق الحبوب، بعدما رفضت موسكو تجديده وسحبت ضماناتها الأمنية لعمليات الشحن عبر البحر الأسود من الموانئ الأوكرانية، لتشتد الأزمة مع تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين، أن الاتفاق أصبح الآن "بلا معنى". فماذا في التطورات؟
بلغ سعر بوشل القمح في بورصة شيكاغو، فجر الاثنين الماضي غداة انتهاء أجل الاتفاق، 657.75 سنتاً أميركياً، ووصل خلال تعاملات اليوم الاثنين إلى 746.5 سنتاً، بزيادة نسبتها 13.5%، وفقاً لبيانات رصدها "العربي الجديد" على منصة "إنفستينغ دوت كوم" التي تتتبّع مؤشرات بورصة شيكاغو الأميركية.
تجدر الإشارة إلى أن وزن بوشل القمح يساوي 27.2 كليوغراماً، ما يعني أن سعر الكيلو وصل في تعاملات اليوم إلى 27 سنتاً.
25 دولة في افريقيا تستورد أكثر من ثلث وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا كل عام
وفي أوروبا، يُعتمد في الصفقات التجارية الطن (1000 كيلو) وحدةً لتداول القمح.
وبحسب خدمة "بزنس إنسايدر"، بلغ سعر الطن في تعاملات اليوم الاثنين 260.25 يورو أو 288.8775 دولاراً (اليورو= 1.11 دولار)، ما يعني أن سعر الكيلو في الأسواق الأوروبية يعادل تقريباً سعره في السوق الأميركية وبلغ 28 سنتاً.
وفي جديد المواقف، كتب الرئيس بوتين، في مقال نُشر في وقت مبكر على الموقع الإلكتروني للكرملين اليوم الاثنين، أن روسيا انسحبت من اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود، الذي يضمن التصدير الآمن للحبوب الأوكرانية، لأن الاتفاق "فقد معناه"، قائلا ما حرفيته إن "استمرار اتفاق الحبوب.. فقد معناه".
بوتين، الذي كتب مقاله قبل القمة الروسية الأفريقية الثانية التي ستعقد في سانت بطرسبرغ يومَي الخميس والجمعة المقبلين، قال: "أريد أن أؤكد أن بلادنا قادرة على استبدال الحبوب الأوكرانية تجاريا ومجانا، خاصة أننا نتوقع مرة أخرى حصادا قياسيا هذا العام"، وفقا لوكالة "رويترز".
وتتنافس روسيا والغرب بشكل متزايد على النفوذ في أفريقيا.
وعلى الرغم من أن موسكو لم تستثمر حتى الآن سوى القليل جدا هناك وفقا لبيانات من الأمم المتحدة، إلا أنها كانت تنفذ حملة دبلوماسية لكسب دعم القارة.
وخلال تصويت الأمم المتحدة في مارس/ آذار 2022 لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، صوتت 28 دولة أفريقية لصالح القرار، لكن 25 دولة إما امتنعت عن التصويت أو لم تصوت على الإطلاق.
وسبق أن قالت موسكو إنه جرى تجاهل شروطها لتمديد الاتفاق، وانسحبت الأسبوع الماضي من الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا قبل عام بتصدير الحبوب من موانئها المطلة على البحر الأسود، على الرغم من الحرب، للتخفيف من أزمة غذاء عالمية.
بعد الانسحاب من الاتفاق، دأبت روسيا على قصف موانئ تصدير المواد الغذائية الأوكرانية بشكل شبه يومي
ومع ذلك، فإن المطالب الرئيسية التي قدمها بوتين الأسبوع الماضي لعودة روسيا إلى الاتفاق لم تشر بشكل مباشر إلى الأغراض الإنسانية.
وبعد الانسحاب من الاتفاق، دأبت روسيا على قصف موانئ تصدير المواد الغذائية الأوكرانية بشكل شبه يومي.
وأسفر هجوم على ميناء أوديسا الجنوبي، أمس الأحد، عن مقتل شخص وإصابة العشرات.
لكن الرئيس بوتين تعهد بتوفير الحبوب للدول الأفريقية التي لا تستطيع الحصول عليها من أوكرانيا، سواء تجارياً أو مجاناً، مشيرا إلى أن "أوساط الأعمال في الولايات المتحدة وأوروبا تستخدم صفقة الحبوب لإثراء نفسها"، وأن 70% من الحبوب الأوكرانية تذهب إلى البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط.
كما أوضح أن دولاً مثل إثيوبيا والسودان والصومال واليمن وأفغانستان لم تحصل إلا على 3% من الحبوب الأوكرانية التي صدّرت بموجب اتفاقية شحن الحبوب عبر البحر الأسود.
وذكر أن بلاده أرسلت 11.5 مليون طن من الحبوب إلى أفريقيا في 2022، و10 ملايين طن من الحبوب في النصف الأول من عام 2023، بحسب "الأناضول".
يذكر أن 25 دولة في افريقيا تستورد أكثر من ثلث وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا كل عام.
دول مثل إثيوبيا والسودان والصومال واليمن وأفغانستان لم تحصل إلا على 3% من الحبوب الأوكرانية التي صدّرت بموجب اتفاقية الحبوب
ووقعت الاتفاقية الخاصة بالحبوب في إسطنبول في يوليو/ تموز 2022، بين روسيا وأوكرانيا بوساطة تركيا والأمم المتحدة، للمساعدة في معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط من العام نفسه، ومددت 3 مرات قبل أن تعلق موسكو العمل بها.
وتعد روسيا وأوكرانيا الموردين الرئيسيين للقمح والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من المنتجات الغذائية ذات الأسعار المعقولة التي تعتمد عليها الدول النامية.