سرّ استبعاد ضرب إسرائيل منشآت الطاقة النفطية والنووية الإيرانية

17 أكتوبر 2024
إيران تبكي شهداءها، 15 أكتوبر 2024(مرتضى نكوبازل/Getty)
+ الخط -

رغم إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على ضرب منشآت الطاقة والمنشآت النووية الإيرانية، إلا أن تقارير عبرية استبعدت ذلك. وذكرت أن إسرائيل لا تملك القدرات العسكرية لوحدها لتنفيذ هذه المهمة، كما أن ضرب منشآت الطاقة الإيرانية ستكون لها ارتدادات على منشآت الغاز والمصافي الإسرائيلية وربما منشآت الطاقة في المنطقة ككل. ورفضت طهران حتى الآن ضمان سلامة المنشآت النفطية الخليجية التي تقع في مرمى الجماعات الموالية لإيران.

ويتوقع محللون أن تكون لضربة المنشآت النفطية الإيرانية عواقب على الاقتصاد العالمي برمته، خاصة اقتصاديات أوروبا الهشة. وذكرت وسائل إعلام أميركية، يوم الاثنين، أن إسرائيل أكدت للبيت الأبيض أن الهجوم الانتقامي المخطط له على إيران لن يستهدف المنشآت النووية أو النفطية في إيران.
وقالت صحيفة واشنطن بوست، يوم الاثنين، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تذكر أسماءهم، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طمأن البيت الأبيض بأن الضربة المضادة التي يفكر فيها ستستهدف المواقع العسكرية فقط.
وتقول تقارير عبرية رداً على إطلاق إيران 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل: "تحتاج إسرائيل إلى اختيار أهداف إيرانية بإمكانها مهاجمتها دون أن يؤدي ذلك إلى حرب شاملة".

ووفق "تايمز أوف إسرائيل"، إن إسرائيل مترددة في ضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية، ووفق الصحيفة العبرية قال مجلس الوزراء الإسرائيلي إنه عازم على الرد عسكرياً، لكنه لم يقرر كيف؛ ويدرس المسؤولون أيضًا الاغتيالات المستهدفة والهجمات على الدفاعات الجوية؛ وكيفية تنسيق الرد مع الولايات المتحدة.
من جانبها، تقول صحيفة هآرتس العبرية، إن إسرائيل وحدها لا تملك القدرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، والتي تنتشر في عدة مواقع مختلفة على الأقل في الجغرافية الإيرانية الواسعة. وتعتبر إسرائيل أن المنشآت النووية تمثل لها خطراً وجودياً، ولكنها لا تستطيع وحدها القضاء عليها.

اعترف مسؤولون إسرائيليون كبار سابقون وحاليون بوجود شكوك حول ما إذا كانت لدى إسرائيل القدرة على إلحاق أضرار كبيرة بالمنشآت النووية والنفطية الإيرانية

وقال الرئيس جو بايدن، الأسبوع الماضي، بعدما اتفق مع قادة مجموعة الدول السبع على فرض عقوبات جديدة على إيران في الأسبوع الماضي: "نحن السبعة متفقون على أن لدى إسرائيل الحق في الرد، لكن يجب عليهم الرد بشكل متناسب، في أعقاب الهجوم الصاروخي الباليستي على البلاد". وردّ بايدن بعدما سأله أحد الصحافيين عما إذا كان سيؤيد أي قرار إسرائيلي بضرب المنشآت النووية الإيرانية، بقوله "الجواب هو لا". 

ووفق صحيفة يو أس أي توداي الأميركية يمكن أن يؤدي الهجوم على منشآت النفط الإيرانية إلى تدمير اقتصاد البلاد، وأي من الردود غير المدروسة يمكن أن يمثل تصعيدًا آخر، بعد مرور عام تقريبًا على الحرب المستمرة التي بدأت بعد عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023.

من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز، في المقابلات التي أجرتها مع مسؤولين في تل أبيب، إن مسؤولين إسرائيليين كباراً سابقين وحاليين اعترفوا بوجود شكوك حول ما إذا كانت لدى إسرائيل القدرة على إلحاق أضرار كبيرة بالمنشآت النووية والنفطية الإيرانية. ومع ذلك، خلال الأيام القليلة الماضية، كان مسؤولو البنتاغون يتساءلون بهدوء عما إذا كان الإسرائيليون يستعدون للقيام بذلك بمفردهم، بعدما خلصوا إلى أنهم قد لا يحظون بلحظة مثل هذه مرة أخرى.
وحذر بايدن إسرائيل من ضرب المواقع النووية أو مواقع الطاقة الإيرانية، قائلاً إن أي رد يجب أن يكون "متناسباً" مع الهجوم الإيراني على إسرائيل الأسبوع الماضي، معترفاً بشكل أساسي بأن بعض الضربات المضادة مناسبة. 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، الذي شغل أيضًا منصب وزير الدفاع ووزير الخارجية ورئيس أركان الجيش، لصحيفة ذا غارديان البريطانية، إن نموذج الرد الإسرائيلي يمكن رؤيته في الغارات الجوية الانتقامية التي شنت قبل أيام ضد المنشآت النفطية ومحطات الطاقة والأرصفة التي يسيطر عليها الحوثيون في ميناء الحديدة اليمني، بعد يوم من إطلاق الحوثيين صواريخ استهدفت مطار إسرائيل الدولي خارج تل أبيب.

وقال باراك: "قبل ما يزيد قليلاً عن عقد من الزمن، كنت على الأرجح الشخص الأكثر تشدداً في القيادة الإسرائيلية الذي جادل بأن الأمر يستحق النظر فيه بجدية شديدة، ويقصد بذلك ضرب المنشآت النووية لأنه كانت هناك قدرة فعلية على تأخير قدرة إيران لإنتاج أسلحة نووية لعدة سنوات". وقال في لقاء مع "ذا غارديان": "هذا ليس هو الحال الآن".

وبموجب الاتفاق النووي متعدد الأطراف لعام 2015، قبلت طهران قيودًا مشددة على تخصيب اليورانيوم وعناصر أخرى من برنامجها مقابل تخفيف العقوبات، لكن هذا الاتفاق انهار بشكل مطرد منذ الانسحاب الأميركي في عهد دونالد ترامب في عام 2018 من الاتفاق.

ووفق تقرير وكالة الطاقة النووية، تمتلك إيران الآن مخزونًا من اليورانيوم المخصب أعلى 30 مرة من الحد المتفق عليه في عام 2015، وتقوم طهران بتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة جدًا من 90% من المواد الانشطارية المستخدمة في صنع الأسلحة، من حيث المعالجة الإضافية المطلوبة. وبموجب اتفاق عام 2015، كانت "فترة الاختراق" لإيران وهي الفترة التي ستحتاجها لإنتاج قنبلة نووية سنة على الأقل. والآن هو بضعة أسابيع.
وعلى صعيد النفط، قال جو بايدن، يوم الخميس الماضي، إن مناقشات جرت في واشنطن حول هجوم إسرائيلي محتمل على قطاع النفط الإيراني، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أو يوضح.

ويقول خبراء طاقة إن تعطيل حركة المرور البحري في البحر الأحمر من قبل الحوثيين المدعومين من إيران هو في الواقع مشكلة مستمرة دون حل واضح، لكنه لم يشكل تهديدا كبيرا لتوافر إمدادات الطاقة من المنطقة وأصبح إلى حد كبير حقيقة من حقائق الحياة التي تعيشها السوق الآن. ولكن إن احتمال أن يبدأ الصراع بإحداث تأثير مباشر أكثر بكثير على الأسواق بسبب المخاطر الناشئة بسرعة على قطاع الطاقة الإقليمي تبلور الأسبوع الماضي. إذ إن الاقتراحات الإسرائيلية بأن قطاع النفط الإيراني يمكن أن يصبح هدفاً، رداً على الهجوم الصاروخي الباليستي الأخير الذي شنته طهران على أراضيها، أخذت على محمل الجد من قبل السوق التي بدت محصنة إلى حد كبير ضد الصراع قبل ذلك، مع رد فعل الأسعار القياسية على شكل ما يقرب من 10 دولارات للبرميل. زيادة في فترة أسبوع واحد.

يرى الخبير كولبي كونيللي في تحليل بمعهد الشرق الأوسط، أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع التكرير الإيراني قد لا يتمكن من تدمير كامل الطاقة الإيرانية

ويرى الخبير كولبي كونيللي في تحليل بمعهد الشرق الأوسط، أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع التكرير الإيراني قد لا يتمكن من تدمير كامل الطاقة الإيرانية، وبالتالي قد يتم تجنب صدمة العرض الأوسع في الأسواق العالمية، إلا أنه ليس هناك ضمان يذكر لمثل هذه النتيجة، ويقول كونيللي في تحليله: "النتيجة التي تبدو أقل احتمالا على نحو متزايد مع مرور الوقت هي التداعيات المتوقعة في المنطقة وعلى منشآت الطاقة الإسرائيلية. في الواقع، إذا دخل هذا الصراع مرحلة يصبح فيها الاستهداف المباشر لأصول الطاقة هو القاعدة، فلن يهم كثيرًا أين بدأ، حيث إن المشهد الإقليمي بأكمله تقريبًا من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج مليء بما يمكن أن يكون هدفاً للحرب".

وتمثل دورة التصعيد المستمرة في هذا الاتجاه تهديدًا خطيرًا للأسواق العالمية التي تعافت أخيرًا من التقلبات الجيوسياسية لعام 2022، ومن شأنها أن تهدد إمدادات الطاقة اليومية وسبل عيش الملايين في المنطقة نفسها، حيث إن البلدان المنتجة التي تعتمد على عائدات التصدير لتمويل ميزانياتها الوطنية أو تنويع اقتصاداتها لعصر ما بعد النفط ستخسر المليارات من الإيرادات في هذه العملية وتواجه انتكاسات لا توصف في التحضير للتحول في مجال الطاقة.

المساهمون