كشفت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، عن سرقة نحو 800 مليون دولار من حسابات حكومية في مصرف الرافدين الحكومي، معلنة فتح تحقيق موسع بالملف الذي قالت إنها تمتلك وثائق وأدلة حوله.
وأكد عضو اللجنة، أحمد طه الربيعي، أنّ هذه الأموال سُرقت من حسابات الهيئة العامة للضرائب لدى مصرف الرافدين، مشيراً في وثيقة صادرة عن مكتبه مطلع الأسبوع الجاري، إلى مخاطبة وزارة المالية للتحقيق في الأمر، وبيان الأرقام الحقيقية للمبالغ والأشخاص المشتبه في استحواذهم على تلك الأموال.
وأضاف الربيعي، أنّ الوزارة أجابت بأنها شكلت لجنة للتحقيق في الموضوع، ولفتت إلى أنّ "فقدان هذه المبالغ الهائلة من حساب الهيئة العامة للضرائب كان خلال فترة إدارة شخصيات جرى تغيير مناصبهم، وبانتظار التحقيق القضائي" داعياً الجهات الحكومية والرقابية إلى منع سفر بعض المديرين والكوادر العليا في هيئة الضرائب، الذين جرى تغييرهم في وقتٍ سابق، لحين انتهاء التحقيق الإداري والقضائي.
وحتى الآن لم تعلق حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على القضية، التي تفاعلت بالساعات الماضية شعبياً، لكنّ مصادر في وزارة المالية أشارت في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الأشخاص المعنيين بهذا الملف، محسوبون على حزب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي".
في السياق قال الباحث في الشأن الاقتصادي، طاهر الجنابي، إنّ حالة الفساد في الدولة توصف بالمنظمة، لأنّ هناك جهات متنفذة لا يمكن لأيّ سلطة محاسبتها في الوقت الراهن. وأضاف الجنابي لـ"العربي الجديد"، أن "عدم وجود نظام إلكتروني وطني يمكن من خلاله استقطاع المبالغ الضريبية، وربطه بشبكة إلكترونية تضم مديرية التحويلات في البنك المركزي وهيئتي الجمارك والضرائب، أسس لعمليات فساد مُنظم داخل هذه المؤسسات".
وكشف أنّ الاعتمادات والاستقطاعات الضريبية في العراق تجرى بشكل بدائي من خلال سجلات وإيصالات ورقية، مشيراً إلى أنّ مبالغ الاستقطاعات الضريبية الموثقة في سجلات الاستلام تختلف تماماً عن أرقام المبالغ التي تودع لدى خزينة الدولة، وأن ما يجري تسليمه منها للدولة أقل بكثير مما يُستلم خاصةً في المنافذ الحدودية.
وأضاف أنّ مجموع الأموال المحولة إلى خارج العراق بداعي الاستيراد، تصل سنوياً إلى أكثر من 60 مليار دولار، فيما حجم الضرائب المُعتمدة في العراق لا يقل عن 10% من قيمة كل بضاعة يجري استيرادها، مما يعني أن القيمة النهائية للضرائب تصل إلى 6 مليارات دولارات سنوياً، إلّا أنّ ما يُعلن عنه رسمياً لا يتجاوز مليار دولار فقط، ما يعني أنّ هناك 5 مليارات دولار جرى اختلاسها.
في السياق ذاته أكد قانونيون وجود عمليات فساد كبيرة في جميع مؤسسات الدولة، منها المصارف الحكومية، وأنّ الأموال المسروقة المهربة للخارج (منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003) تقدر بـ500 مليار دولار.
وقالت المستشارة القانونية زينب الساعدي، لـ"العربي الجديد" إنّ ما يصدره القضاء العراقي اليوم من قرارات حكم بحق سُرّاق المال العام، لا تتناسب مع حجم جريمة السرقة التي قاموا بها، لأن المُدان يقضي مدة محكوميته المبسطة في السجن دون إرجاع المبالغ التي جرى اختلاسها.
وشددت الساعدي على ضرورة أن تكون هناك قوة ضاربة وفق القانون للحد من عمليات الفساد والسرقة. وطالبت بضرورة إعادة دوائر المفتش العام في جميع الوزارات، لغرض المتابعة والمراقبة، وإحالة جميع المشتبه بهم إلى الجهات القضائية المعنية.