زيارة السلطان هيثم إلى طهران: أجندة اقتصادية ضخمة ومشاريع مشتركة

28 مايو 2023
السلطان هيثم بن طارق يستقبل وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان، ديسمبر الماضي (getty)
+ الخط -

توجه سلطان عُمان هيثم بن طارق، ظهر اليوم الأحد، إلى إيران في زيارة هي الأولى له تستمر يومين، تطغى عليها أجندة اقتصادية، تكشف عنها تصريحات المسؤولين في البلدين، فضلاً عن طبيعة أعضاء الوفد المرافق للسلطان العُماني والذي يضم عدداً كبيراً من كبار المسؤولين العُمانيين الاقتصاديين. 

تُعدّ سلطنة عُمان وسيطاً تاريخياً بين إيران والولايات المتحدة، نجحت وساطات سابقة في عدة ملفات حساسة بين الطرفين كان لها مردودها الاقتصادي الكبير لإيران، في مقدمتها الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي أدى إلى رفع العقوبات الأميركية والأممية ضد إيران. 

واليوم، يأمل الإيرانيون أن تؤدي مخرجات زيارة السلطان العُماني إلى طهران إلى كسر جليد المفاوضات النووية المتعثرة، مرة أخرى لإحياء الاتفاق النووي بغية رفع العقوبات الأميركية المشددة عن الاقتصاد الإيراني الذي أثقلت العقوبات كاهله ووضعت المواطن أمام ظروف معيشية صعبة. 

وإلى جانب مسؤولين سياسين وعسكريين، يضم الوفد المرافق لسلطان عُمان وزير المالية سُلطان بن سالم الحبسي ورئيس جهاز الاستثمار العُماني عبد السلام بن محمد المرشدي ووزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قيس بن محمد بن موسى اليوسف ووزير الطاقة والمعادن سالم بن ناصر العوفي.

ويكشف وجود هذا العدد الكبير من المسؤولين الاقتصاديين بين أعضاء الوفد المرافق للسلطان العُماني أن الزيارة يطغى عليها البعد الاقتصادي. علماً بأن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زار سلطنة عُمان في مايو/ أيار من العام الماضي، بدعوة من السلطان هيثم بن طارق، وتوّجت زيارته بتوقيع 8 مذكرات تفاهم اقتصادية و4 برامج تعاون بين البلدين في مجالات مختلفة أبرزها النفط والغاز. 

وخلال العام الأخير، جرت لقاءات واتصالات متعددة بين المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم العُمانيين لمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقيات التي شملت مجالات النفط والغاز والنقل، والدراسات الدبلوماسية والتدريب، والإذاعة والتلفزيون، والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والزراعة والثروة الحيوانية والسّمكية، ووقاية النباتات والحجر الزراعي، والمواصفات والمقاييس وتقييم المطابقة". 

وبرامج التعاون الأربعة المبرمة تمت خلال زيارة رئيسي إلى سلطنة عُمان. ويتعلق الأول بمجالات التجارة والاستثمار والخدمات، والثاني ببرنامج تنفيذي للتعاون الفني في مجالي العمل والتشغيل، والثالث ببرنامج تنفيذي للتعاون في مجال البيئة، بينما جاء البرنامج التنفيذي الرابع للتعاون في مجال الرياضة للعامين 2023-2025". 

التجارة الثنائية 

سجل التبادل التجاري بين البلدين، إيران وسلطنة عُمان، رقماً قياسياً خلال العامين الأخيرين، حيث ولأول مرة وصل حجمه خلال عام 2021 إلى مليار و335 مليون دولار، أي بزيادة أكثر من 50 في المائة مقارنة بعام 2020. كما أن حجم المبادلات زاد خلال عام 2022 بنسبة 41 في المائة ليصل إلى مليار و800 مليون دولار. 

ويعمل البلدان على تحقيق هدف 3 مليارات دولار للتجارة الثنائية السنوية في المستقبل. علماً بأن حجم التبادل التجاري عام 2013 كان مجرد 221 مليون دولار. وأهم السلع التي تصدرها إيران إلى عُمان هي الحديد والفولاذ والوقود الأحفوري والفحم الحجري والمواد الغذائية والمكسرات ومواد البناء. 

تصدير الغاز الإيراني 

يقول الخبير الاقتصادي الإيراني سعيد شاوردي لـ"العربي الجديد" إن إيران بصدد تصدير غازها ووقودها إلى العالم عبر موانئ عُمان، مشيراً في السياق إلى أنها بعد روسيا تحتل المركز الثاني في احتياطي الغاز، واليوم الدول الأوروبية بحاجة ماسة إلى الغاز الإيراني، وعُمان يمكنها أن تتحول إلى مركز لتصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا.

وقال السفير الإيراني السابق لدى سلطنة عُمان، حسين نوش أبادي، اليوم الأحد، إن زيارة سلطان عُمان إلى إيران "مهمة وحاسمة"، كاشفاً عن احتمال إتمام المباحثات بشأن تصدير الغاز الإيراني إلى عُمان.  

وأضاف نوش أبادي في تصريحات لوكالة "تسنيم" الإيرانية أن مسألة تصدير الغاز الإيراني إلى عُمان مطروحة منذ أكثر من عقد، مؤكداً أن ذلك يشكل "أحد مطالب العُمانيين". وأعرب الدبلوماسي الإيراني عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاقيات "جيدة" في مجالات الطاقة والتجارة والغاز.  

مشاريع عملاقة 

وتكشف التصريحات الإيرانية عن أن البلدين يعملان على تنفيذ مشاريع اقتصادية عملاقة، مثل توسيع حقل "هنغام" النفطي الوحيد المشترك بينهما، إذ سبق أن اتفق وزير النفط الإيراني جواد أوجي خلال العام الماضي خلال زيارته إلى مسقط إلى اتفاق مع نظيره العُماني محمد بن حمد بن سيف الرمحي على تشكيل لجنة فنية مشتركة لتطوير الحقل بشكل موحد.  

وقال أوجي في تصريحات إن "الاستخراج الموحد" من الحقول المشتركة في المنطقة "غير مسبوق"، مؤكداً أن الاستخراج التنافسي في الحقول يضرّ بها، لكن الاستخراج المشترك الموحّد يحقق أكبر قدر ممكن من الإنتاجية. إلى ذلك، تركز إيران في مباحثاتها مع السلطات العُمانية على تفعيل ممر "عشق آباد" للنقل.

في السياق، ناقش وزير النقل والطرق الإيراني مهرداد بذرباش في العاشر من الشهر الجاري، في مباحثاته مع نظيره العُماني، سعيد بن حمود المعولي، قضية تفعيل ممر "عشق أباد". وتولي إيران أهمية كبيرة لتفعيل هذا الممر في ظل الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وجرى التوقيع على اتفاقية "عشق آباد" للنقل عام 2011 بين إيران وعُمان وتركمانستان وقرغيزستان وأوزبكستان لتسهيل نقل السلع بين آسيا الوسطى والخليج. وتربط الاتفاقية الخليج بآسيا الوسطى والعكس، حيث توفر إمكانية نقل البضائع من دون قيود جمركية بين المنطقتين.

في الإطار، يقول الخبير الإيراني سعيد شاوردي، لـ"العربي الجديد"، إن الهدف من إنشاء ممر "عشق آباد" يتجاوز التجارة بين المنطقتين عبر إيران، مضيفاً أن الممر من شأنه أن يشكل معبراً لتصدير السلع من روسيا وبعض الدول الأوروبية إلى العالم عبر سلطنة عُمان بعد مرورها من الأراضي الإيرانية.

المساهمون