استمع إلى الملخص
- يواجه المزارعون تحديات كبيرة بسبب غياب خطط حكومية لتعويض الخسائر وغياب الصندوق الوطني للضمان الزراعي، مما أدى إلى خسائر في محاصيل الزيتون والتبغ والحمضيات والموز.
- تعاني جهود تعويض المزارعين من غياب الدعم الحكومي، مع تخوف من حلول ترقيعية وتعطيل إنشاء المصرف الوطني للإنماء الزراعي.
يشهد القطاع الزراعي في لبنان واحدة من أكبر أزماته نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي ألحق أضرارًا فادحة بالمزارعين وأراضيهم ومحاصيلهم، مع ترك حوالي 60 ألف مزارع أراضيهم، وتأثر نحو 900 ألف دونم من الأراضي الزراعية، حيث أصبح القطاع في الجنوب والبقاع في حالة شديدة من الانهيار، حسب بيانات رسمية.
تتزايد التساؤلات حول كيفية تعويض هذه الخسائر الضخمة، في ظل غياب خطط حكومية واضحة وفعّالة، واستمرار إهمال السلطات للقطاع الزراعي الذي يشكل مصدر رزق أساسيا لشريحة كبيرة من اللبنانيين.
في هذا السياق، يبرز غياب الصندوق الوطني للضمان الزراعي " حكومي" كعائق أساسي يحرم المزارعين من أي شبكة أمان تدعمهم في مواجهة الأزمات المتكررة.
هذه المأساة ليست مجرد أزمة زراعية عابرة، بل تعكس تدهورًا اقتصاديًا واجتماعيًا أعمق يتطلب حلولًا عاجلة ومستدامة لوقف نزيف هذا القطاع الحيوي الذي يرفد الأسواق المحلية باحتياجاتها من السلع الغذائية والمحاصيل والحبوب والخضر والفاكهة والزيتون والثروة الحيوانية، ويلعب دورا في زيادة الصادرات اللبنانية وتقليص عجز الميزان التجاري.
تعليقاً على تلك الأزمة، قال رئيس جمعية المزارعين، أنطوان الحويك، في حديث خاص لـ"العربي الجديد" إنه حتى اللحظة لا توجد تقديرات نهائية للخسائر التي يتعرض لها قطاع الزراعة اللبناني، إلا أنه يمكن القول إن هناك حوالي 60 ألف مزارع تركوا أراضيهم في الجنوب والبقاع، أي ما يعادل 30% من مجموع المزارعين في لبنان، إضافة إلى تأثر نحو 900 ألف دونم من الأراضي الزراعية نتيجة العدوان.
وأشار الحويك إلى أنه "لا يمكن تحديد قيمة الخسائر بشكل دقيق حاليًا، لكن يمكن تفصيل الزراعات المتضررة كما يلي: في الجنوب، تضررت بشكل كبير مواسم الزيتون والتبغ كمرحلة أولى. أما المرحلة الثانية، التي بدأت مع بداية العدوان في سبتمبر/أيلول الماضي، فتشمل الحمضيات، والموز، والأشجار الاستوائية".
ووفق الحويك فإن هناك مزارعين توقفوا عن رعاية أراضيهم بسبب القصف الذي طاول مشروع الليطاني، بالإضافة إلى تضرر الأشجار بشكل كبير جراء القصف الإسرائيلي. خلال الشهرين الماضيين، لم يتمكن المزارعون من حصاد مواسمهم، مما أدى إلى خسائر إضافية بسبب تلف المحاصيل.
وتُشكل الزراعة في لبنان ثالث أهم القطاعات الاقتصادية بعد قطاع الخدمات والصناعة. ويُساهم القطاع بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمن دخلا لنحو 15% من السكان.
وعن مسألة التعويضات، قال رئيس جمعية المزارعين إنه خلال حرب 2006، تم الحديث عن تعويضات للمزارعين، لكن القطاع الزراعي استُثني حينها من الدعم المالي. واليوم، نحن أمام 60 ألف مزارع متضرر، ولكن من سيعوّضهم؟ وأضاف أن هناك تخوفًا من اللجوء إلى "الترقيع" والفساد بدلاً من حلول جدّية.
لا حصر لخسائر زراعة لبنان
وأكد الحويك أن "لا جهة قادرة حاليا على إحصاء أعداد المزارعين المتضررين وحجم خسائرهم. قبل الأزمة، كان الجيش اللبناني يتدخل في بعض المشكلات الزراعية، وكان الحد الأقصى للدعم يشمل نحو 20 ألف مزارع، مثلما حدث في دعم موسم التفاح في عامي 2003 و2016. أما اليوم، فوزارة الزراعة غائبة تمامًا عن المشهد ولم تبادر إلى العمل لتعويض المزارعين".
وأضاف الحويك: "الطبقة السياسية التي تسببت في هذه الأزمات أصبحت عاجزة عن تأمين الدعم للقطاع الزراعي". كما أعرب عن خشيته من تكرار سيناريو 2006 بعدم تعويض المزارعين.
وأوضح الحويك أنه حتى اللحظة، لم تُعرف الآثار المباشرة للفوسفور على الأراضي الزراعية، خاصة في المناطق التي تعرضت للقصف المباشر أو القريبة منه. وأوضح أنه لا بد من أخذ عينات لتحديد المحاصيل التي يمكن توزيعها في الأسواق. قائلا: "هذه مأساة اللبنانيين"، في إشارة إلى العجز الكبير الذي يواجه القطاع الزراعي بسبب العدوان.
وأسف رئيس جمعية المزارعين، "لما آلت إليه أوضاع المزارعين اللبنانيين"، محملا "الأحزاب التي شاركت في السلطة ما بعد الطائف مسؤولية الكوارث التي تحل بالقطاع".
ولفت في بيان صحافي سابق، إلى أن "تعطيل إنشاء المصرف الوطني للإنماء الزراعي الذي كان الاتحاد الأوروبي قد وافق على المساعدة في تأسيسه وتمويله وتشغيله يعتبر خيانة وطنية، ولو كان هذا المصرف موجودا لساعد المزارعين وموّل إعادة إطلاق زراعاتهم بعد النكبة التي ألّمت بهم جراء الحرب المدمرة".