حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المطالب بالاستقالة يدافع عن نفسه.. والقضاء يحاصره محلياً وفرنسياً
يعزز حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ظهوره الإعلامي محليا ودوليا، محاولا الدفاع عن نفسه، بينما يجد نفسه محاصرا بين قضاء محلي وآخر فرنسي يضيّقان الخناق عليه، واتجاه سياسي رفيع المستوى يطالبه باستقالة يرفض التقدم بها قبل انتهاء ولايته قريبا.
واليوم الخميس، دعا نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي، في تصريح لوكالة "رويترز"، سلامة إلى الاستقالة بعدما أصدرت فرنسا مذكرة اعتقال بحقه في إطار تحقيق في اتهامات احتيال. وقال: "عندما يُتهم شخص في أي دولة بمثل هذه الجرائم، ينبغي ألا يظل في موقع مسؤولية ويجب أن يتنحى فورا".
وسبق لسلامة أن قال إنه سيطعن بمذكرة الاعتقال.
وقال حاكم مصرف لبنان، في تصريحات نقلتها "رويترز" عن قناة "الحدث" الخميس، إن نائبه الأول (للحاكم 4 نواب) سيتسلم المنصب بعد انتهاء ولايته، مؤكدا تعاونه مع القضاء. وذكر: "طلبنا من القاضية الفرنسية تبلغينا حسب الأصول وهي رفضت"، معتبرا أن التبليغ لم يكن حسب أصول الاتفاقية بين لبنان وفرنسا، و"كل الضجة القائمة حول التحقيقات الفرنسية لا أساس له، سأحضر أي جلسة تحقيق يجرى تبليغي بها حسب الأصول"، ومضيفا أن "المسار القانوني ظالم، لكنني مستعد له".
في جانب آخر، أكد سلامة أن "المصرف المركزي سيتدخل ولن يسمح بانفلات سعر الصرف أكثر، وهو مستعد لشراء كل العملة المحلية بالسوق".
وبشأن "القرض الحسن" التابع لـ"حزب الله"، قال حاكم مصرف لبنان إنه "غير مرخص من مصرف لبنان"، مشيرا إلى أن "السلطات التي رخصت القرض الحسن يجب أن تلاحقه".
ونصح سلامة القضاء "بالبدء بالسياسيين وليس بحاكم المصرف المركزي"، وشدد: "إذا صدر أي حكم بحقي فسأتنحى. لن أبقى في منصبي بعد انتهاء ولايتي، يمكن للودائع أن تعود لأصحابها كما هي بعيدا عن الشعبوية". ولفت إلى أن "تقرير البنك الدولي حول منصة صيرفة غبي، ويمكن للودائع أن تعود لأصحابها كما هي بعيدا عن الشعبوية".
القضاء يرد دفوعاً قدمها محامو رياض سلامة
في سياق متصل، نقلت "رويترز" عن "مصدر قضائي كبير"، الخميس، أن قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، الذي يشرف على قضية محلية ضد سلامة، رد الدفوع التي قدمها محامو الدفاع، ممهدا الطريق لعقد جلسة استماع لشقيقه رجا سلامة يوم 15 يونيو/حزيران.
ويجرى التحقيق مع سلامة ومساعدته ماريان الحويك وشقيقه رجا في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل، للاشتباه في استيلائهم على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي، ما أضر بالدولة اللبنانية.
وأعرب منتقدون في وقت سابق عن شكوكهم في أن يحقق القضاء بجدية مع شخص بمكانة سلامة، نظرا للدعم السياسي رفيع المستوى الذي يحظى به. وتعتمد تعيينات القضاة في لبنان على الدعم السياسي إلى حد كبير.
وكان أكبر قاض لبناني قد قال، في نوفمبر/ تشرين الثاني، إن التدخل السياسي في العمل القضائي أدى إلى وضع فوضوي يتطلب "ثورة في النهج" لحله.
وينفي الأخوان سلامة تلك الاتهامات. ولم يتسن لوسائل الإعلام الوصول إلى الحويك ومحاميها للتعليق.
ووجهت إلى الثلاثة اتهامات بالاحتيال والاختلاس في قضيتين منفصلتين في لبنان، بما في ذلك مجموعة تهم رفعتها رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر نيابة عن الدولة.
وكان محامو سلامة قد اعترضوا على حضور القاضية هيلانة إسكندر جلسة استماع لمحققين أوروبيين لاستجواب سلامة في بيروت في مارس/ آذار.
وقال المصدر القضائي لـ"رويترز" إن القاضي أبو سمرا رد دفوع محامي الدفاع. وأضاف أنه حدد أيضا موعدا جديدا لجلسة استماع لاستجواب رجا سلامة في 15 يونيو/ حزيران.
وأصدر ممثلو ادعاء فرنسيون، يوم الثلاثاء، مذكرة اعتقال لرياض سلامة، هي الأولى التي صدرت من أي من التحقيقات الأجنبية معه. ووصف سلامة المذكرة بأنها "خرق لأبسط القوانين" وتعهد بالطعن فيها.
ويرغب سلامة في إنهاء فترة عمله التي استمرت 30 عاما حاكماً للمصرف المركزي حين تنتهي ولايته الحالية في يوليو/تموز.
ويعمل سلامة بتعاون وثيق مع شخصيات قوية، لكن مصادر تقول إن بعض قواعد دعمه التقليدية في لبنان والخارج بدأت تتضاءل. وسيمثل تركه المنصب علامة فارقة في الانهيار المالي، الذي نتج عن عقود من الإنفاق المسرف والفساد والسياسات غير المستدامة من جانب قادة لبنان.
رياض سلامة ورفاقه للاستجواب
كذلك، أفاد "تحالف متحدون"، في بيان الخميس، بأن "محكمة التمييز الجزائية - غرفة الرئيسة القاضية سهير الحركة، ردّت اليوم الطعن التمييزي الذي كان تقدّم به أحد المدّعى عليهم في دعوى "مكتّف" أنطون صحناوي بتاريخ 30 مارس/آذار المنصرم، في الشكل كما كان متوقعاً".
وكان صحناوي تذرّع بهذا الطعن بمجرد انعقاد جلسة التحقيق في 3 إبريل/نيسان، التي كانت مخصصة لاستجواب المدّعى عليهم رياض سلامة وميه دباغ وأنطون صحناوي ومصرف SGBL وشركتي مكتّف وبرايس ووتر هاوس كوبرز (PwC)، أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، ما اعتُبر بدعة لمجرّد المماطلة، أدّت إلى إطاحة الجلسة وإلى مزيد من عرقلة عمل القضاء، رغم انقضاء المهل القانونية والانتهاء من الطعون التمييزية بالكامل.
أضاف البيان: "بانتظار عودة ملف الدعوى إلى مرجعه قلم قضاء التحقيق، ليُصار إلى تحديد موعد جلسة، يؤمل أن تكون عاجلة كي يأخذ القضاء السّوي دوره الأساسي في استجواب سلامة وأعوانه في ظل تفاقم الضرر المتأتّي عن أفعالهم والتمادي في مسرحيات التحقيق الحالية ومحاولات استغباء المودعين واللبنانيين".
وشدد البيان: "أمام هذا الواقع المؤسف الذي يؤدي إلى إلحاق المزيد من الإساءة إلى سمعة القضاء اللبناني، ناهيك عمّا استفحل من بدع التعسّف في دعاوى الرد والنقل ومخاصمة الدولة، وأمام الارتباط الوثيق لـ"داتا مكتّف" بأعمال السطو على الودائع والتسبّب بانهيار الاقتصاد اللبناني وضرب قيمة العملة الوطنية، رغم ما تعرّضت له من عمليات قرصنة وابتزاز وتوظيف سياسي، يتطلّع المودعون المدّعون وسواهم إلى ما ستؤول إليه قضية المودعين هذه، وأي عدالة تنتظرهم، على أمل أن تأخذ مسارها الصحيح هذه المرّة".