"رويترز": مصر تزيد المعروض النقدي وتغامر بتفاقم التضخم

14 يوليو 2023
مصر تحل أزمة تفاقم العجز بزيادة المعروض النقدي (Getty)
+ الخط -

تغامر مصر بالتسبب في تفاقم تضخمها القياسي ووضع مزيد من الضغط على الجنيه، ما لم تبطئ وتيرة زيادة المعروض النقدي الذي يقول مصرفيون ومحللون إنه يُستخدم لسد العجز المتزايد في الموازنة.

وتظهر أرقام البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن1)، الذي يشمل العملة المحلية المتداولة والودائع تحت الطلب بالجنيه المصري، قفز 31.9% خلال عام حتى نهاية مايو/أيار 2023، بعدما زاد 23.1% في السنة المالية المنتهية في نهاية يونيو/حزيران 2022 و15.7% في السنة المالية 2021/2020.

وتسارع نمو المعروض النقدي بشكل حاد على مدى ثلاث سنوات تكشفت خلالها نقاط الضعف الأساسية في الاقتصاد المصري، بعد تعرضه لسلسلة من الصدمات، بما في ذلك جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.

كما تتعرض المالية العامة للدولة لضغوط بسبب عجز مستمر في العملة الأجنبية، كما الديون المتزايدة التي تحتاج لإعادة تمويل أو سداد 20 مليار دولار منها خلال الاثني عشر شهر المقبلة.

في غضون ذلك، ارتفع الإنفاق بدرجة كبيرة مع سعي الدولة لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة، تشمل مدنا جديدة وتوسعة كبيرة لشبكة الطرق، بينما تحاول الاستمرار في تقديم بعض الدعم في ظل تدني مستويات المعيشة.

وتتوقع وزارة المالية أن يبلغ عجز الميزانية 824.4 مليار جنيه (26.7 مليار دولار) في السنة المالية 2024/2023 التي بدأت في أول يوليو/تموز، ارتفاعا من عجز تقديري قدره 723 مليار جنيه في 2023/2022 و486.5 مليارا في 2022/2021.

كما تظهر بيانات الوزارة أنها تتوقع ارتفاع الإنفاق الإجمالي إلى 2.07 تريليون جنيه هذا العام من 1.81 تريليون جنيه في 2023/2022.

ويقول المحللون إن طباعة المزيد من الجنيهات بوتيرة سريعة يؤدي إلى زيادة التضخم وزيادة ضعف العملة.

وقال باترك كوران من تيليمر: "في ضوء القدرة المحدودة على الحصول على تمويل خارجي وتعرض القطاع المصرفي للديون الحكومية بنسبة كبيرة، فإن الإخفاق في كبح عجز الميزانية قد يؤدي إلى المزيد من تمويل العجز بزيادة المعروض النقدي وتفاقم مشاكل التضخم والعملات الأجنبية في مصر".

ولم يرد البنك المركزي ولا وزارة المالية على طلبات للتعليق التي تقدمت بها رويترز.

التضخم يقفز

تسارع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 35.7% في يونيو/حزيران متجاوزا مستواه القياسي السابق المسجل في 2017، ومقارنة مع 30.6% في إبريل/نيسان، بينما قفز التضخم الأساسي إلى مستوى قياسي أيضا مسجلا 41%.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، رفع "جيه بي مورغان" توقعاته لمتوسط معدل التضخم في السنة المالية الجديدة التي تنتهي في يونيو/حزيران 2024 إلى 22.7% من 21.3%، "نتيجة استمرار الضغوط (التضخمية) وبسبب مخاطر العملة الأجنبية". ومن المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم الأساسي 23.5%.

وتراجع سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري بواقع النصف أمام الدولار منذ مارس/آذار 2022، وبأكثر من ذلك في السوق السوداء. وتتوقع سوق العقود الآجلة للعملة أن يهبط السعر إلى 40 جنيهاً مقابل الدولار خلال العام المقبل، من حوالي 30 حاليا.

ويرجع جزء كبير من العجز في الميزانية المصرية إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الدين الداخلي والدين الخارجي، اللذين سجلا زيادة كبيرة خلال الثماني سنوات الماضية.

وتفاقمت فاتورة الفوائد بعدما بدأ بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة مطلع 2022، ما أدى إلى موجة خروج كبيرة للمستثمرين من الأسواق الناشئة.

وتتوقع وزارة المالية أن تستهلك مدفوعات خدمة الدين، الداخلي والخارجي، حوالي 52.3% من إيراداتها في السنة المالية 2024/2023.

ومن المقرر صرف قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي على مدى 46 شهرا بعد تأكيده في ديسمبر/كانون الأول، غير أن المراجعة الأولى للبرنامج تأجلت وسط عدم تيقن بشأن تعهد مصر بالانتقال إلى سعر صرف مرن لعملتها المحلية وبيع أصول مملوكة للدولة.

الاقتراض الحكومي

يقول مصرفيون ومحللون إن الطريقة الأساسية التي زاد بها البنك المركزي المعروض النقدي هي الإقراض المباشر للحكومة، بما يشمل شراء سندات حكومية.

وتمكن ملاحظة ذلك من خلال ما أعلنه البنك المركزي عن صافي المطالبات المستحقة على الحكومة الذي قفز إلى 1.48 تريليون جنيه بنهاية مايو/أيار 2023، من 1.06 تريليون جنيه بنهاية يونيو/حزيران 2022، بحسب بيانات البنك المركزي.

وقد ترتفع فاتورة الفائدة على الدين المحلي أكثر بعد رفع سعر الفائدة لأجل ليلة بمقدار ألف نقطة أساس (10%) منذ مارس/آذار 2022. وقفز سعر الفائدة على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 24.07% في أحدث مزاد في السادس من يوليو/تموز من 14.09% قبل عام.

وعلى مدى الأشهر الخمسة المنقضية، خفضت وكالات التصنيف الائتماني موديز وستاندرد أند بورز وفيتش تصنيف الدين السيادي لمصر. وفي مايو/أيار وضعت وكالة موديز مصر قيد المراجعة من أجل خفض آخر محتمل وعزت ذلك لبطء التقدم في بيع الأصول.

ومن شأن تخفيض آخر للتصنيف الائتماني من موديز أن يجعل تصنيف مصر يتراجع من ‭B3‬ إلى ‭Caa‬ على الأقل، بما يشير إلى "موقف ضعيف وتعرض لمخاطر ائتمانية مرتفعة". وتقول موديز إن مثل تلك المراجعات تستغرق عادة 90 يوماً.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون