روسيا تهدّد العالم بالجوع

21 يوليو 2023
قلق جماعي على خلفية تحركات روسيا لمنع تصدير القمح الأوكراني (Getty)
+ الخط -

زاد التوتر في أسواق السلع، ومعه ارتفعت أسعار القمح والحبوب بنسبة تزيد عن 12% خلال 4 أيام فقط، وقفز أمس منسوب القلق العالمي بشدة في ظل التطورات الخطيرة التي شهدها ملف صادرات القمح الأوكراني، وزيادة حدة المواجهة الروسية الغربية سواء على أرض أوكرانيا، أو في سوق الغذاء.

وحدث ما كان الجميع يخشونه من قفزات أسعار الحبوب وفي المقدمة الدول المستوردة للقمح والذرة وغيرها من الأغذية، والدول التي تعاني من مجاعات، أو نقص حاد في إنتاج السلع الغذائية، أو تعاني نقصا في النقد الأجنبي، وكذا الأطراف المعنية بالملف مثل سوق الحبوب العالمي، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة "فاو" وغيرها.

القلق وصل حتى إلى الدول الكبرى التي باتت تخشى من اندلاع أزمة غذاء عالمية ليس في مقدور أحد التعامل معها حاليا مع التطورات الأخيرة في ملف حرب أوكرانيا، والظروف المناخية الصعبة والطقس الحار أو الأمطار الغزيرة.

أزمة الحبوب ليس وقتها في ظل تراكم أزمات طاحنة أخرى منها الغلاء وتفاقم الديون والتصحر والحروب التجارية والمخاطر الجيوسياسية

أزمة ليس هذا وقتها من وجهة نظر الجميع في ظل تراكم أزمات طاحنة أخرى في مقدمتها الغلاء والتضخم وتفاقم الديون والتصحر والحروب التجارية والمخاطر الجيوسياسية وغيرها.

هذا القلق الجماعي جاء على خلفية تحركات روسيا الأخيرة لمنع تصدير القمح الأوكراني بالغ الأهمية لأسواق الحبوب في العالم لغزارته ورخصه وتسهيلات بيعه.

فالمراقب يلحظ أن روسيا لم تكتف بالانسحاب من اتفاقية الحبوب في البحر الأسود والتي كانت توفر وسيلة آمنة لتصدير القمح الأوكراني لأسواق العالم عبر ذلك الشريان الحيوي، بل اتخذت خطوات تصعيدية أدت إلى وضع قيود شديدة على الإمدادات من منطقة البحر الأسود.

وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب بشكل حاد، وزيادة أسعار القمح في البورصة الأوروبية بنسبة 8.2% في يوم واحد هو الأربعاء، وأكثر من 12% منذ يوم الاثنين، ليصل ثمن الطن الواحد إلى 253.75 يورو، وهي أكبر زيادة يومية في 10 سنوات.

بينما ارتفعت أسعار حبوب الذرة بنسبة 5.4%، وقفزت قيمة العقود الآجلة للقمح الأميركي بنسبة 8.5%، وهي أعلى نسبة ارتفاع في اليوم الواحد، منذ الغزو الروسي لأوكرنيا.

من بين تلك الخطوات التصعيدية، قصف روسيا الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود والتي كان يتم من خلالها تصدير شحنات القمح لأسواق العالم، وتهديد روسيا باستهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الأوكرانية والتعامل معها كأهداف عسكرية.

استهدفت روسيا عمدا مستودعات الحبوب والبنية التحتية في ميناء أوديسا، مما أسفر عن تدمير 60 ألف طن من الحبوب الأوكرانية كان يجري تجهيزها للتصدير

كما بات الجيش الروسي يستهدف أيضا صوامع الحبوب الأوكرانية بعد انسحاب موسكو من اتفاق البحر الأسود، واستهدفت الضربات الجوية الروسية ميناء ميكولايف يوم الأربعاء، واستهدفت غارات جوية أخرى ميناء أوديسا.

وأول من أمس استهدفت روسيا عمدا مستودعات الحبوب والبنية التحتية في ميناء أوديسا، مما أسفر عن تدمير 60 ألف طن من الحبوب الأوكرانية كان يجري تجهيزها للتصدير، وألحقت أضرارا بجانب كبير من البنية التحتية لتصديرها وفق تصريحات وزير الزراعة الأوكراني ميكورا سولسكي.

موقف
التحديثات الحية

سوق الحبوب العالمي بات في فوهة بركان وعلى صفيح ساخن عقب قفزة سعر القمح والذرة والشعير في الأسواق الدولية.

ما زاد سخونة الأحداث في هذا السوق بالغ الحساسية هو عدم وجود أفق لاحتواء الأزمة في ظل تصاعد التهديدات الروسية، وتبادل الاتهامات بين روسيا والغرب.

فقد اتهمت موسكو أوكرانيا باستخدام ممر الحبوب في البحر الأسود لأهداف قتالية، واتهم بوتين الغرب باستخدام صفقة الحبوب على أنها "ابتزاز سياسي"، ورد متحدث باسم البيت الأبيض متهما موسكو بالتخطيط لتحميل أوكرانيا مسؤولية الهجمات على السفن المدنية.

أزمة الحبوب مرشحة للتصعيد مع ربط روسيا بين تجديد اتفاق الحبوب وعدة شروط منها تخفيف العقوبات الغربية عليها

أزمة الحبوب مرشحة للتصعيد خاصة مع ربط روسيا بين تجديد اتفاق الحبوب وعدة شروط منها تخفيف العقوبات الغربية عليها، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة وأوروبا بشدة، والخاسر الأكبر هنا تلك الدول التي تعتمد على الخارج في إطعام مواطنيها وصناعة الخبز وتزويد مخازنها بالحبوب المستوردة.