قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن لدى موسكو طلبين في ما يتعلق بمبادرة الحبوب: الأول يتمثل بربط البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت، والثاني تأمين السفن المستخدمة في النقل.
وأضاف الرئيس التركي، في تصريحات أدلى بها للصحافيين على متن الطائرة، لدى عودته من مدينة سوتشي الروسية بعد لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين: "كما قال الرئيس بوتين، روسيا تصدّر الحبوب منذ 62 عاماً، ومن أجل القيام بذلك الآن، يجب ضمان تحويل الأموال ما بعد التصدير، وضمان تأمين سفن شحن الحبوب".
وأوضح أنه "لا بد من تأمين السفن من أجل نقل الحبوب إلى موانئ أوروبا ومناطق أخرى. وبسبب العقوبات المفروضة، لا تقوم شركة التأمين الإنكليزية بتأمين هذه السفن"، مضيفاً أنّ الأموال لا تُحوَّل إلى البنوك الروسية بسبب العقوبات، ومؤكداً أن "روسيا تشترط إزالة هاتين العقبتين".
وقد أُخرِجَت البنوك الروسية من نظام "سويفت" للحوالات المالية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، على خلفية غزو أوكرانيا، وتصدر موسكو ما يراوح بين 120 و130 مليون طن من الحبوب سنوياً.
ورداً على سؤال عن إشادة واشنطن والأمم المتحدة بالوساطة التي تجريها تركيا لإحياء مبادرة الحبوب، قال أردوغان: "ومع ذلك، ينظر الغرب إلى روسيا بطريقة مختلفة تماماً في ما يتعلق بسويفت وتأمين السفن". وشدد على أنه "بسبب هذا الاختلاف في الرؤية، يقول السيد بوتين: "الغرب لا يفي بوعوده لي، ولهذا السبب لن أدخل في تعاون مشترك معهم بهذا الشأن"".
وأشار أيضاً إلى أن 44% من الحبوب تذهب إلى أوروبا، بينما تذهب 14 بالمئة فقط إلى أفريقيا، لافتاً إلى أن بوتين أبلغه أن "أوروبا بالفعل عدوّ لي، ولن أتخذ أي خطوة بهذا الشأن حتى تفي بوعودها".
وأكد الرئيس التركي أن بلاده على اتصال وثيق بالأمم المتحدة، بشأن إحياء مبادرة حبوب البحر الأسود، وأنه سيناقشها مع الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريس، على هامش أعمال الجمعية العامة التي تعقد هذا الشهر.
ونقلت قناة "تي.آر.تي" و"خبر ترك" وقنوات أخرى عن أردوغان أن المقترح الأخير للأمم المتحدة عمل على تلبية بعض المطالب الروسية. وأضاف أنه يتضمن آلية مماثلة لنظام مدفوعات سويفت، وأن العمل يجري بشأن التأمين على السفن.
وتنعقد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في الفترة من 18 إلى 26 سبتمبر/ أيلول في نيويورك.
وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي مع بوتين أمس، إن تطلعات روسيا في ما يخص استئناف مبادرة الحبوب معروفة من قبل جميع الأطراف، مضيفاً: "عبّرنا أيضاً عن المسائل التي طرحها الأصدقاء الروس في مناسبات مختلفة، وما زلنا، ونعتقد أن المبادرة ينبغي أن تستمر من خلال معالجة ما يشوبها من نواقص، وشاركت بصدق وجهات نظرنا في هذه القضية مع صديقي العزيز (بوتين) خلال اجتماعنا الثنائي".
وأتاحت الاتفاقية التي جرى التوصل إليها في صيف عام 2022 برعاية تركيا والأمم المتحدة، تصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممرات آمنة في البحر الأسود.
وأنهت روسيا في يوليو/تموز الماضي العمل بهذا الاتفاق، في خطوة تلاها تصاعد التوتر في منطقة البحر الأسود، وأثارت قلقاً متزايداً بشأن أسعار المواد الغذائية.
نقل الغاز الروسي
في سياق مختلف، وتعليقاً على سؤال عن حالة الجهود المتعلقة بنقل الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا، قال أردوغان إنه بحث مع بوتين في قطاع الطاقة أيضاً، وأن تركيا ستنجز مشاريع مختلفة في سبيل نقل منتجات الطاقة عبر أراضيها إلى أوروبا والعالم.
وأضاف: "سيُسجَّل تقدم في كل من نقل الطاقة وتسعيرها من خلال إنشاء مركز غاز في تركيا، قلنا إننا سنجعل بلدنا مركزاً للطاقة، ونحن نوفر البنية التحتية والإمكانات اللازمة لذلك". وتابع: "من خلال استثماراتنا الأخيرة، سنجعل تركيا مركزاً مهماً للغاز الطبيعي في المنطقة، نحن نقترب بخطى واثقة من هدفنا المتمثل بجعل تركيا مركزاً للطاقة في المنطقة أولاً، ومن ثم في العالم".
وأردف: "أثبتنا من خلال نجاحاتنا في الدبلوماسية بمجال الطاقة أنه لا يمكن اتخاذ أي خطوة في شرق البحر الأبيض المتوسط دون تركيا". وأكد أنه "من خلال اتفاقياتنا في مجال الغاز الطبيعي، نجعل بلدنا مركزاً للطاقة. نحن مصممون على مواصلة علاقة الطاقة بين تركيا وروسيا القائمة على أساس الربح المتبادل لصالح البلدين".
وأشار إلى أن تركيا لديها خطة لإنشاء مركز للغاز، على غرار مراكز التمويل في إسطنبول ولندن وهامبورغ، وأنها ستبحث الأمر مع روسيا. وذكر أن بلاده تخطط لأن لا يكون المركز مختصاً بالغاز الطبيعي فحسب، بل بالطاقة والمعادن عموماً، لافتاً إلى أنّ "من الممكن تخصيص قسم من مركز التمويل القائم في منطقة أتاشهير بإسطنبول لإنشاء هذا المركز".
(الأناضول، رويترز، العربي الجديد)