روسيا العاجزة المترددة

12 ابريل 2022
روسيا مترددة في مواجهة العقوبات الغربية/Getty)
+ الخط -

تبدو روسيا في موقف المتردد، وأحيانا العاجز، تجاه صد الضربات العنيفة والموجعة التي يوجهها الغرب لاقتصادها وأسواقها المالية والتجارية وصادراتها الخارجية وقطاعها النفطي والمصرفي والمالي منذ غزو قواتها أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط الماضي.

وعلى مدى شهر ونصف تخرج قرارات وتصريحات عن موسكو بمواقف مناوئة للعقوبات الغربية ثم يتم التراجع عنها بعد ذلك، بل والتنصل منها ووصفها بأنها محض خيال من الإعلام الأميركي المعادي.

في منتصف شهر مارس/آذار الماضي هددت روسيا بمصادرة أصول الشركات الأجنبية التي قررت الانسحاب من أسواقها على خلفية غزو أوكرانيا ومنها شركات عالمية كبرى، بل ولوحت باحتمال توقيف مسؤولي هذه الشركات ومصادرة أصولهم وأموالهم.

هددت روسيا بمصادرة أصول الشركات الأجنبية التي قررت الانسحاب من أسواقها وتوقيق مسؤوليها ثم تراجعت عن القرار

لكن بعد فترة تراجعت السلطات الروسية عن موقفها تجاه الاستثمارات الأجنبية المنسحبة أو الشركات التي قررت تجميد نشاطها، وتتجه حاليا إلى تعليق مشروع قانون مثير للجدل يقضي بتأميم الشركات الأجنبية التي أعلنت عن الانسحاب أو تعليق أعمالها اعتراضا على غزو أوكرانيا.

لم تقف موسكو عند هذا التراجع، بل وصفت السفارة الروسية في واشنطن الأخبار التي تتحدث عن خطط لتأميم الشركات الغربية المنسحبة بالادعاءات والمزاعم وأنها محض خيال، رغم أن النيابة العامّة الروسيّة أمرت بالفعل بفرض رقابة صارمة على الشركات الأجنبيّة التي أعلنت تعليق أنشطتها، واعلان حزب روسيا الموحدة الحاكم أن لجنة حكومية أيدت اقتراحه بتأميم مصانع وشركات مملوكة لأجانب أوقفت عملياتها وأنشطتها بسبب الحرب على أوكرانيا.

وفي 8 مارس الماضي هددت روسيا، على لسان نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا، في حال حظر الغرب استيراد النفط والغاز الروسيين.

ساعتها أبدت عواصم أوروبية عدة قلقها الشديد، بل وانزعاجها، من التهديد الروسي، خاصة وأن الغاز الروسي يلبي نحو 40% من احتياجات القارة.

لكن التهديد الروسي بقطع الإمدادات من النفط والغاز ظل حبراً على ورق، وواصلت موسكو ضخ الغاز للقارة وبغزارة مع الالتزام بالتعاقدات والكميات المتفق عليها مع الجانب الأوروبي في وقت سابق.

التهديد الروسي بقطع الإمدادات من النفط والغاز عن أوروبا ظل حبراً على ورق، وواصلت موسكو ضخ الغاز للقارة وبغزارة

وفي يوم 23 مارس الماضي أعلن فلاديمير بوتين أن بيع الغاز الطبيعي الروسي للدول "غير الصديقة"، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، سيكون بعملة الروبل، وأن عملة السداد ستكون هي العملة المحلية بدلا من الدولار أو اليورو، وأن القواعد الجديدة لبيع الغاز إلى "الدول غير الصديقة" ستدخل حيز التنفيذ في الأول من شهر إبريل/نيسان. بل وشدد على أن بلاده ستوقف العقود الحالية لشراء الغاز في حال رفض الدفع بالروبل.

وبعدها بأسبوع، وتحديدا يوم 31 مارس، وقع بوتين مرسوما بهذا الشأن، وهو ما اعتبره الغرب نوعاً من الابتزاز ومخالفاً للعقود التي تم إبرامها لتوريد الغاز.

ولم تتمسك موسكو بقرارها عدة أيام إذا خرجت تصريحات عن الكرملين تؤكد إن روسيا لن تطالب على الفور المشترين بدفع ثمن صادراتها من الغاز بالروبل، وأن القرار سيتم تطبيقه بشكل تدريجي وسيعتمد في المستقبل القريب.

روسيا تلقت، وما زالت، ضربات اقتصادية موجعة من الغرب عقابا على غزوها أوكرانيا، وأخطر الضربات تجميد نحو نصف احتياطياتها من النقد الأجنبي والمودعة في البنوك الغربية وبما يعادل 300 مليار دولار، وحظر واردات النفط والغاز الروسي، ومصادرة أصول وفرض عقوبات على كل البنوك الروسية.

ورغم ذلك لم تتخذ موسكو خطوات جدية لصد تلك الحرب الاقتصادية الموجعة سوى بالتهديد والتسريبات ومشروعات القوانين، لأنها تدرك أنها في موقف صعب، فأي عقوبات مضادة سترتد عليها في شكل خسائر فادحة.

ويكفي القول إن حظر تصدير النفط والغاز للخارج سيكبدها خسائر تتجاوز 100 مليار دولار في السنة.

المساهمون