رفع الدعم عن الأدوية يهدد حياة اللبنانيين.. وأزمة خبز تلوح في الأفق

18 نوفمبر 2021
داخل أحد الأفران في بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

رفعت حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، التي تولت السلطة في سبتمبر/ أيلول، الدعم عن السلع الأساسية، بما في ذلك الوقود والدواء، لكنها فشلت في توفير شبكة أمان اجتماعي لمن يعانون من فقر متزايد، فيما أعلن أصحاب الأفران عن أزمة خبز قد تكون وشيكة في البلاد. 

وقال فراس أبيض، وزير الصحة العامة، لـ"رويترز"، إن أشكالا من الدعم لا تزال سارية على كثير من الأدوية، بينها الأدوية الأغلى سعرا والأكثر أهمية، ويمكن للمواطنين الحصول على بعض الأدوية مجانا في مراكز الرعاية الصحية الأولية.

وأعرب أبيض عن أسفه لعدم وجود شبكة أمان حكومية، واصفا ذلك بأنه "جريمة"، لكنه قال إن خطوة الدعم تستند إلى الضرورة المالية، وستؤدي إلى توفر الأدوية، التي كانت تختفي لشهور، في غضون أسبوعين. وأضاف أن "هذه أول محاولة لإيجاد حلول واقعية مستدامة".

ويُوصف الانهيار الاقتصادي في لبنان، الناجم عن فساد مستشر في الدولة والهدر وسوء الإدارة، بأنه بين الأسوأ في العالم، حيث يعاني ثلاثة أرباع السكان حاليا من الفقر بحسب الأمم المتحدة. لكن خبيرا في مكافحة الفقر بالمنظمة الدولية قال الأسبوع الماضي إن المسؤولين اللبنانيين يعيشون في "عالم خيالي"، وليس لديهم أي شعور بضرورة التحرك العاجل لتخفيف الأزمة.

وشرح النائب عاصم عراجي، رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب، أنه تم خفض الدعم الطبي بشكل عام الآن من 120 مليون دولار شهريا إلى نحو 35 مليون دولار. وأضاف أن التغيير مقلق، وأن الناس سيتضررون كثيرا.

تصاعد أزمة الدواء

وأثر الارتفاع على أسعار الأدوية الضرورية الخاصة بأمراض مزمنة، مثل الأنسولين، الذي ارتفع سعره أربعة أضعاف من حوالي 180 ألف ليرة لبنانية (نحو 120 دولارا بالسعر الرسمي أو نحو ثمانية دولارات بسعر السوق السوداء) إلى 730 ألف ليرة، وهو ما يعني أن تكلفته الآن تزيد عن الحد الأدنى الشهري للأجور.

وشرح الصيدلي علي هويلو عن نقص الأنسولين: "الآن يوجد مواطنون يتضررون من أزمة الأنسولين، وبعضهم وصل إلى شفير الموت". وقال عدد من الصيادلة في بيروت إنهم لم يشهدوا بعد زيادة في إمدادات الأدوية ويخشون أن يعجز معظم الناس عن شرائها.

وقال رابح الشعار، مدير صيدلية الشعار، إن زبونة أصيبت بنوبة فزع في صيدليته هذا الأسبوع عندما لم تجد دواء مهما لمرض نفسي. وأضاف أن زبائن يدخلون صيدليته ويقدمون للموظفين قوائم أدوية، لكن يجري تبليغهم أنها غير متوفرة في المخازن، موضحا: "سيتوفر مزيد من الأدوية قريبا لكن لن يكون بمقدور الناس شراؤها".

وقال السائق حسين شيخ (75 عاما) إنه اضطر إلى اقتراض مال من رئيسه، ليتمكن من شراء الدواء اللازم لعلاجه من الربو المزمن بعدما ارتفع سعره من 37 ألف ليرة إلى 126 ألفا.

 وانتقد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، خلال مؤتمر صحافي اليوم الخميس، رفع الدعم عن الدواء وفلتان أسعار المحروقات والسلع الغذائية، وعدم إقرار البطاقة التمويلية والدوائية، وتأزم الواقع السياسي وتداعياته على الوضع الاقتصادي.

وتابع الأسمر: "حذرنا منذ أكثر من سنة ونفذنا إضرابات عدة لعدم رفع الدعم من دون خطة بديلة، خصوصا في إطار الدواء والمحروقات والمواد الغذائية. واليوم نرى أن الحكومة تجتمع فقط لرفع الدعم عن السلع وعن كل شيء، وليس لدعم المواطنين". وأسف "لأن يجتمع الوزراء لرفع الدعم من دون وجود خطة بديلة، أهمها البطاقتان التمويلية والاستشفائية".

صناعة الرغيف

من جهته، أوضح اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان، في بيان، أن "التقلبات الحادة في أسعار المواد الداخلة في صناعة الرغيف باتت تهدد استمرار إنتاج الخبز، لأن أكثر من 70 في المائة من هذه المواد باتت تسدد نقدا بالدولار وفق سعر السوق، ومنها النايلون، السكر والخميرة، وخصوصا مادة المازوت الأساسية لعمل الأفران، وأسعار بوليصة تأمين الفرن تسدد بالدولار نقدا".

ولفت إلى ارتفاع سعر القمح العالمي، الذي بلغ 400 دولار للطن الواحد، ما يؤشر إلى ارتفاع أسعار الطحين، وكلفة نقله إلى الأفران باتت تشكل ما نسبته 25 في المائة من ثمن الطحين، كما أن أجور النقل وتأمين المياه التي تسدد بالليرة اللبنانية ارتفعت أضعاف ما كانت عليه.

 
وأعلن الاتحاد أنه "في ظل هذا الواقع الصعب، تتحمل الأفران والمطاحن خسائر مالية كبيرة يصعب الاستمرار في تحملها في الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي تسير من سيئ إلى أسوأ، الأمر الذي يتطلب معالجات جذرية تأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع الذي يعيشه قطاعنا، وتنصف الأفران للتمكن من الاستمرار في تأمين الرغيف للمواطنين".

وسأل الاتحاد، في ختام بيانه: "هل نحن مسؤولون عن ارتفاع أسعار المازوت والمواد الداخلة في صناعة الرغيف؟ هل نحن مسؤولون عن التقلبات الحادة في سعر صرف الدولار الأميركي؟ إذ لا يمكننا الاستمرار وسط هكذا مناخ في تأمين الرغيف للمواطنين".

المساهمون