- تخفيض مواصفات المنتجات السورية لمواجهة ارتفاع التكاليف، مما أسفر عن خسارة المنافسة مع المنتجات العربية والصينية والتركية، خصوصًا في قطاع الألبسة والمنسوجات، وبحث الصناعيين عن بدائل في دول أخرى.
- تبرير حكومة الأسد لرفع أسعار الكهرباء الصناعي بالحاجة لتقليل الخسائر، بينما يرى الاقتصاديون أن هذه السياسات تضر بالصناعة السورية وتدفع نحو هجرة الأموال والمنشآت، مما يهدد بكارثة اقتصادية.
تزايدت تكاليف الإنتاج على الصناعيين السوريين، بعد رفع أسعار المحروقات والكهرباء أخيراً، ما زاد من الخسائر، وأفقد المنتجات المحلية المنافسة خارج الحدود.
وأدى ذلك إلى هجرة المستثمرين الصناعيين إلى دول الجوار، وبالتالي تراجعت الصادرات بشكل ملحوظ خلال الفترات الأخيرة.
وحسب الصناعي السوري محمد طيب العلو لـ"العربي الجديد"، ينذر ارتفاع تكلفة الإنتاج بإغلاق المزيد من الأعمال، بعد مراحل تخفيض الإنتاج وتقليص عدد العمال التي يناور خلالها الصناعيون منذ سنوات من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويقول العلو إن تراجع القدرة الشرائية بالسوق المحلي دفع كثير من الصناعيين إلى تخفيض مواصفات المنتجات، الأمر الذي أدى إلى خسارة المنافسة مع الإنتاج المماثل، (العربي والصيني والتركي)، خاصة بقطاع الألبسة والمنسوجات.
حكومة الأسد رفعت سعر المازوت على القطاع الصناعي من 3000 إلى 4500 ليرة للتر، أسعار المشتقات النفطية غير المدعومة
واعتبر أن نهج حكومة بشار الأسد بالرفع المتتالي لأسعار حوامل الطاقة دفع كثيرين للهجرة إلى مصر خلال الفترة الأخيرة، بعد هجرة كبار الصناعيين إلى تركيا والأردن.
المضمون والتحذير ذاته يكرره نائب رئيس غرفة صناعة حلب، عبد اللطيف حميدة بقوله: "صناعتنا الوطنية بين مطرقة الحكومة وسندان أسعار المشتقات النفطية ويحق لنا كقطاع اقتصادي وطني أن نسأل الفريق الحكومي بكل شفافية عن العقلية التي يدار بها اقتصادنا وصناعتنا الوطنية، خصوصاً مع تراكم المشكلات التي باتت دون حل وتحولت من مشكلات طارئة إلى عقبات مستعصية".
ويضيف حميدة لموقع "أثر برس" بدمشق: "لقد وصلت أسعار المشتقات النفطية إلى مستويات قياسية، بل وأعلى من الأسعار العالمية والدول المجاورة مع تدني جودتها وخصوصاً لمادة الفيول، ما زاد من أوجاع صناعتنا الوطنية وأدخلها في حالة أقرب ما تكون إلى الموت السريري" مشيراً إلى أثر أسعار الطاقة المباشرة على كلفة المنتج الوطني وقدرته التنافسية داخلياً وخارجياً مكرراً "نعم نحن لسنا بخير".
بالمقابل، حذر عضو غرفة صناعة دمشق وريفها، محمود المفتي، من إغلاق عدد من المنشآت الصناعية أبوابها مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، ولاسيما بعد غلاء حوامل الطاقة، ومنها الكهرباء بالدرجة الأولى.
ويبيّن عضو غرفة صناعة دمشق أن التعرفة الجديدة لأسعار الكهرباء الصناعي أعلى من الأسعار العالمية وحتى أغلى من دول الجوار، وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى تراجع كبير في الصناعات الوطنية، ما يؤثر على الدخل القومي.
ويضيف المفتي لجريدة تشرين الحكومية بدمشق أن تحميل الصناعة السورية أعباء ارتفاع أسعار الكهرباء سبب ارتفاعاً بأسعار المنتجات والسلع المحلية، إلى جانب انخفاض القدرة التنافسية والتي تعاني أساساً من مشكلات كثيرة، معتبراً أن نهج حكومة بشار الأسد يؤدي في المرحلة القادمة إلى إغلاق شبه تام لأغلب المنشآت الصناعية، وبالتالي خروج العديد من اليد العاملة من السوق.
عضو غرفة صناعة دمشق: نهج حكومة بشار الأسد يؤدي في المرحلة القادمة إلى إغلاق شبه تام لأغلب المنشآت الصناعية
وكانت حكومة بشار الأسد قد رفعت الشهر الماضي سعر المازوت على القطاع الصناعي من 3000 إلى 4500 ليرة للتر، كما رفعت أسعار المشتقات النفطية غير المدعومة لتتناسب، حسب وزارة التجارة الداخلية مع السعر العالمي، ليصل سعر لتر بنزين "أوكتان 90" إلى 10500 ليرة وبنزين "أوكتان 95" إلى 13825.
في حين ارتفع المازوت الحر في النشرة الأخيرة من 11675 إلى 12425 ليرة للتر الواحد، محدد بالوقت نفسه سعر طن الفيول للمنشآت الصناعية بـ7 ملايين و479 ألفاً و550 ليرة (الدولار = نحو 1400 ليرة).
كما تم رفع سعر الكيلو واط/ ساعة للمشتركين للأغراض الصناعية والحرفية والتجارية والسياحية ومنشآت وغرف الخزن والتبريد من 950 إلى 1900 ليرة سورية وللمنشآت الكبيرة التي لا تقطع عنها الكهرباء إلى 2400 ليرة للكيلو واط.
وبررت حكومة الأسد على لسان مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، أحمد سلامنة، أن الهدف من رفع أسعار الكهرباء الصناعي هو التقليل من الخسائر التي تتكبدها المؤسسة، وليس الهدف ربحاً كما يقال، موضحاً أن تعديل الأسعار يأتي بناء على متغيرات ظرفية تتعلق بأسعار الوقود وارتفاع تكاليف الإنتاج. وادعى خلال تصريحات أن تكلفة الكيلو الواط تزيد على 2500 ليرة سورية في حين يقدم للمستهلك بـ 1900 ليرة.
ويرى الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح، أن "ذهنية الجباية" هي المسيطرة على عقلية وأداء حكومة بشار الأسد، بصرف النظر عن أثر رفع تكاليف الإنتاج على استمرار عمل المنشآت أو امتصاص البطالة أو حتى قدرة الإنتاج السوري على المنافسة بالأسوق الداخلية أو الخارجية.
بررت حكومة الأسد الهدف من رفع أسعار الكهرباء الصناعي هو التقليل من الخسائر التي تتكبدها المؤسسة
ويضيف المصبح لـ"العربي الجديد" أن رفع أسعار المازوت والفيول دفع من تبقى من المنشآت بسورية للتوجه إلى الكهرباء، ولكن اليوم وبعد رفع أسعارها، المتوقع أن تتراجع الطاقة الإنتاجية ونرى تسريحاً للعمالة ومن ثم إغلاق وربما الهروب من سورية إلى دول الجوار، مبدياً أسفه على قتل الصناعة السورية وبمقدمتها النسيج والألبسة التي كانت رائدة فيها على مدى عقود.
ويشير الاقتصادي السوري إلى أن التضييق على الصناعيين والتجار سيزيد من هجرة الأموال والمنشآت، مقدراً حجم الأموال السورية التي هاجرت بعد ثورة عام 2011، بنحو 160 مليار دولار، وأهم الدولة التي هاجرت إليها لبنان ومصر وتركيا والإمارات.
وحول أثر رفع أسعار حوامل الطاقة على أسعار المنتجات بالسوق السورية يضيف المصبح أن الصناعيين لن يتحملوا الخسائر وسيتوجهون لرفع أسعار المنتجات، ولكن لا يوجد قوة شرائية لدى أكثر من 90% من السوريين، الأمر الذي ينذر بكارثة على جميع الأطراف.