حسناً فعلت الحكومة السعودية حينما خرجت نهاية الأسبوع الماضي، وأكدت على لسان وزير المالية محمد الجدعان، عدم فرض أي نوع من الرسوم أو الضرائب على دخل المواطن أو المقيم أو أرباح الشركات السعودية حتى عام 2020، بل وأكدت أن هذا وعداً ملتزمة به بشكل مباشر.
ويعد هذا التأكيد خطوة بالغة الأهمية، إذ تبعث برسالة طمأنينة للجميع (الأسواق وأصحاب الشركات والعمالة)، خاصة مع حالة الركود الشديدة التي يشهدها القطاع الخاص بالمملكة، وتعثر شركات كبرى خاصة المؤسسات العاملة في مجال المقاولات، وضخامة المتأخرات المستحقة لهذه الشركات على الدولة، وبالتالي فإن الجميع بحاجة لدعم ومساندة وليس لتكلفة جديدة.
هذا التأكيد الحكومي بعدم فرض ضرائب على الدخول لا يعني أن الدراسات التي يبحثها مجلس الشورى السعودي بفرض ضرائب بنسبة 6% على تحويلات العمالة الوافدة سيتم تأجيلها بعض الوقت، لأن الحكومة التزمت بعدم فرض ضرائب على الدخول وليس على التحويلات الخارجية، وبالتالي فإن احتمال فرض ضرائب على التحويلات لا يزال قائماً، بل أن مجلس الشورى سيبحث المشروع المقدم بفرض الضريبة الأسبوع المقبل، وفي حال تمريره فإن التطبيق قد يكون في العام المقبل.
في المقابل اعترفت الحكومة باتخاذها قراراً آخر يقضي بفرض رسوم على العمالة الوافدة والأجانب المقيمين في المملكة البالغ عددهم وأسرهم ( 11.6 مليوناً)، موزعين على ما بين 7.4 مليون عامل و4.2 ملايين شخص مرافقين.
وهناك خلافات كبيرة حول قيمة الرسوم الجديدة التي سيتم فرضها على العمالة الوافدة، فمواقع ومصادر سعودية قالت الخميس الماضي إن الحكومة أقرت فرض رسوم على العمالة الوافدة بواقع 400 ريال شهريا خلال عام 2018 وذلك عن كل عامل لترتفع إلى 600 ريال في عام 2019 وتصل إلى 800 ريال شهريا في عام 2020.
وعادت مصادر أخرى لتؤكد أنه بدءاً من العام 2018 سيتم فرض رسوم على العمالة الوافدة الأقل من الموظفين السعوديين في كل منشأة بنحو 300 ريال في عام 2018 ترتفع لنحو 700 ريال في عام 2020.
أما صحف ومواقع سعودية أخرى فقالت إن رسم الشركات التي يزيد عدد عمالها الأجانب على السعوديين هي 200 ريال شهريا عن العدد الإضافي من العمال الأجانب حاليا، وسيزيد الرسم من 700 إلى 800 ريال عام 2020 على بقية العمالة الأجنبية.
لكن كل المواقع اتفقت على قيمة المبلغ الذي سيتم فرضه على المرافقين للوافدين بواقع 100 ريال شهريا يتزايد حتى عام 2020.
وهذا الغموض سببه أن الحكومة لم تكشف بعد عن الرقم الحقيقي للرسوم التي سيتم فرضها على العمالة الوافدة، وأكتفت بما قاله وزير المالية من أنها رأت أنه من المناسب أن يدفع المقيم مقابلاً مالياً بسيطاً على المرافقين، وأن هذا المقابل سيزيد تدريجياً، وأنه سيتم الإعلان عن تفاصيل هذا المقابل خلال الفترة المقبلة.
إذن هناك رسوم سيتم فرضها على العمالة الوافدة للسعودية، وهذه الرسوم ستحقق عدة أهداف منها مساعدة الحكومة في سد جزء من عجز الموازنة العامة للمملكة والبالغ نحو 53 مليار دولار عن العام المالي الحالي، إذ أن فرض رسوم على المقيمين ومرافقيهم، يتوقع أن يوفر للخزينة العامة أكثر من 2.5 مليار دولار في السنة الأولى، وسيرتفع الرقم كثيراً في حال إتمام الخطوة التالية وهي فرض رسوم على تحويلات العمالة الأجنبية للخارج، والبالغة نحو 157 مليار ريال في عام 2015.
الهدف الثاني الذي تسعى السلطات إليه من تطبيق هذه الرسوم هو الحد من العمالة الوافدة التي تستنزف عشرات المليارات من الدولار من احتياطي النقد الأجنبي، وهو ما يفتح الباب أمام توطين الوظائف والحد من البطالة.
لكن في المقابل هل درست السلطات السعودية تأثيرات هذه القرارات ومنها زيادة الرسوم سواء على العمالة الوافدة أو الشركات المستقبلة لهذه العمالة أو على مناخ الاستثمار داخل المملكة.