رسالة إلى وزير مالية مصر الجديد

05 يوليو 2024
أحمد كجوك - وزير المالية المصري الجديد (منصة إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تغيير القيادة في وزارة المالية المصرية**: غادر محمد معيط منصبه كوزير مالية مصر بعد قرابة ست سنوات، ليحل محله نائبه أحمد كجوك في التشكيل الوزاري الجديد.

- **التحديات والانتقادات التي واجهها معيط**: تعرض معيط لانتقادات بسبب فرض الضرائب والرسوم، الإفراط في الاقتراض، والاعتماد على الأموال الساخنة، مما أدى إلى زيادة الفقر والبطالة.

- **أولويات وتوجهات كجوك الجديدة**: يجب على كجوك التركيز على الشفافية، إدارة الدين العام، والتنسيق بين السياسات المالية والاقتصادية، والابتعاد عن تجميل الأرقام وتزييف الحقائق.

غادر محمد معيط وزير مالية مصر منصبه في التشكيل الوزاري الجديد لحكومة مصطفى مدبولي الذي تم الكشف عنه يوم الأربعاء بعد أن ظل بموقعه ما يقرب من ست سنوات، وحل نائبه أحمد كجوك بدلا منه في الوزارة الجديدة، ليبدأ الأخير إدارة واحدة من الوزارات الحيوية في مصر والمسؤولة عن إدارة إيرادات الدولة والدين العام، وتمويل النفقات العامة، وتدبير أموال الرواتب والدعم والاستثمارات الحكومية وسداد أعباء الديون، وتدبير الأموال اللازمة للسلع الاستراتيجية المستوردة ومنها القمح والأغذية والوقود.

ولمن كان يتابع أداء معيط فإن الرجل تعرض لانتقادات شديدة خلال فترة توليه الوزارة منذ العام 2018، أبرزها استسهال فرض الضرائب والرسوم لدى المصالح الحكومية، والأخطر الإفراط في الاقتراض الخارجي والمحلي، والاعتماد على الأموال الساخنة في تدبير النقد الأجنبي لمشروعات ومصروفات الحكومة، بل والتفاخر بتلك الأموال واعتبارها أحد منجزات ما يسمي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أسفر عن تفقير المصريين والقذف بالملايين منهم في أتون الفقر والبطالة والعشوائيات.

ومن هنا فإن كجوك مطالب بتفادي الأخطاء الكارثية التي وقع فيها سلفه، ولذا عليه أولا التوقف عن مبدأ الجباية ووضع يده في جيب المواطن وموظفي الحكومة، فالتوسع في فرض الضرائب والرسوم يضر بالاقتصاد وأنشطته قبل أن يعصر المواطن ويسرق ما تبقى في جيبه، والضرائب والقيمة المضافة يجب ألا تكون هي المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة كما كان يتفاخر معيط، بل الأهم موارد الأنشطة الاقتصادية وإدارة أصول الدولة بكفاءة.

على أحمد كجوك التوقف عن مبدأ الجباية ووضع يده في جيب المواطن وموظفي الحكومة، فالتوسع في فرض الضرائب والرسوم يضر بالاقتصاد وأنشطته قبل أن يعصر المواطن

كما يجب على كجوك البعد عن تجميل الأرقام وتزييف الحقائق، وأن يصارح الناس بحقيقة الموقف المالي للدولة، والعجز الحقيقي في الموازنة العامة، وأن يعترف بأن الجزء الأكبر من أسباب ذلك العجز يكمن في سوء إدارة وزارته موارد الدولة، والتوسع غير المحسوب في الاقتراض الخارجي والداخلي بشكل مثل عبئا شديدا على الموازنة العامة وحمّل الأجيال المستقبلية أعباء تنوء الجبال بحملها، فما بالك بمواطن يجد صعوبة شديدة في تسيير أمور حياته المعيشية وتدبير ثلاثة وجبات لأولاده في اليوم الواحد.

وبما أننا نتحدث عن تجميل الأرقام فيجب أن يتوقف الوزير الجديد عن الحديث عن الفائض الأولي من الموازنة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي كما كان يفعل سلفه، فمعيط والجميع يعرفون أن ذلك الفائض وهمي، وأنه يتلاشي أمام العجز المزمن في الموازنة العامة والبالغ 1.245 تريليون جنيه، بما يعادل 259 مليار دولار، خلال العام المالي الجاري.

موقف
التحديثات الحية

على كجوك أن يقلل من تصريحاته الصحافية، وأن يكون كلامه متزنا ومحسوبا بميزان الذهب، وألا يبالغ في التوقعات، أو يخدع المواطن، فهناك اثنان من المسؤولين الاقتصاديين يجب أن تقل تصريحاتهما إلى الحد الأدنى، هما وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، فمنصب وزير المالية يجب ألا يكون سياسياً، بل فنيا بالدرجة الأولى، وأن يخفف الوزير أيضا من المناصب وعضوية مجالس إدارات الشركات والبنوك والجمعيات، فالموقع الوزراي يحتاج كل دقيقة من وقته، ولا داعي للدخول في عشرات اللجان داخل الوزارة للحصول على مزيد من العلاوات والمزايا المالية.

الوقف عن الإشادة بالأموال الساخنة

وأن يتوقف الوزير الجديد كذلك كذلك عن الإشادة بالأموال الساخنة والترحيب بها، فالجميع يعلم ضررها الشديد على الموازنة والاقتصاد وإيرادات الدولة خاصة مع خروجها المفاجئ وعند أول خطر سواء داخلي أو خارجي.

وأن يزيد الوزير كجوك مستوى التنسيق بين السياسات المالية والاقتصادية والنقدية، فسياسة الجزر المنعزلة وعدم التنسيق بين وزارات المجموعة الاقتصادية كالمالية والصناعة والبترول والبنك المركزي تؤدي إلى كوارث، وهو ما لمسناه في السنوات الماضية خاصة في ملفات غاية في الحساسية مثل سوق الصرف الأجنبي والتضخم وإدارة الدين العام.

كما أن على وزير المالية الجديد الحرص على الشفافية وتوفير المعلومات والبيانات على موقع الوزارة وعدم حجبها كما كان يحدث في السنوات الماضية، فمن حق المواطن أن يعرف البيانات المتعلقة بالمركز المالي لبلده ومخصصات الدعم ومصير الضرائب التي يسددها بدلا من أن يجري وراء المصادر الأجنبية للحصول عليها، أو أن يتم حجبها عن المواطن مقابل تزويد الدائنين والمستثمرين الأجانب بها أولا بأول، وفي المقدمة صندوق النقد الدولي الذي يعرف كل صغيرة وكبيرة عن مركز مصر المالي وربما بشكل يفوق معلومات كبار المسؤولين أنفسهم.

المساهمون