رداءة المازوت وراء أعطال السيارات المستمرة في إدلب

09 سبتمبر 2024
المازوت الرديء منتشر في محطات الوقود بإدلب السورية (العربي الجديد)
+ الخط -

يواجه أصحاب السيارات في إدلب مشاكل عديدة ومستمرة تتعلق بكثرة أعطال سياراتهم بسبب نوعية المازوت المباع في المنطقة والذي يسمى بـ"المازوت المحسن"، وهو مكرر بطرق بدائية، تسببت في تكرار أعطال السيارات، ما أثقل كاهل أصحابها، خاصة مع ارتفاع أجور الصيانة والتصليح.

ويعج شمال غرب سورية بأنواع السيارات الأوروبية المستوردة، وهي سيارات مستعملة، يعتمد أغلبها على مادة الديزل، غير أن المازوت الموجود في إدلب كان السبب المباشر في زيادة تشغيل ورش صيانة السيارات، على حساب معاناة الكثيرين من أصحاب السيارات، نظراً إلى رداءته وكثرة الشوائب العالقة فيه. وتتركز الأعطال بشكل عام حول صعوبة التشغيل، وقلة سرعة السيارة وتراجع قواها، واهتزاز المحرك والظهور المستمر لضوء فحص الزيت والمحرك، وتسرب الوقود مع انسداد البخاخات، وفق عدد من أصحاب السيارات في إدلب ‏ممن تحدثوا مع "العربي الجديد".

وقال أحمد الحاج حسين إنه لا يكاد ينتهي من تصليح سيارته حتى يعود لتصليحها مرة أخرى بعد توقفها عن السير، ويضطر في كل مرة لدفع الكثير من الأموال، فقد أصبحت تشاركه مصروف الطعام والشراب اليومي لأسرته، والسبب كما أوضحه الميكانيكي الذي تولى تصليح سيارته هو رداءة المازوت. وأضاف: "حرفياً، كل أنواع المازوت في المنطقة هي غير نظامية ولا تتمتع بالجودة الكافية لتشغيل السيارات، غير أننا لا نجد بديلا عنها لتشغيل سياراتنا التي راحت تقبع في ورش الصيانة أكثر مما نستفيد منها في التنقل والحركة".

وأوضح أن أقل أجرة تصليح يدفعها لورش الصيانة لا تقل عن 50 دولاراً أميركياً، وأنه يحتاج أكثر من ثلاث زيارات لتلك الورش شهرياً على أقل تقدير، بينما لا يتجاوز دخله الشهري 300 دولار أميركي من عمله محاسباً في إحدى منظمات المجتمع المدني. أما مروان السمان، وهو يمتلك سيارة نوع بورتر يعمل عليها في بيع الخضراوات، فيقول إنه يزور ورش الصيانة كل فترة ليضطر مؤخراً لتنزيل محرك سيارته الذي كلفه تبديله بآخر جديد أكثر من 500 دولار أميركي، مشيراً ‏إلى أن هذا المبلغ لا يمكن أن يجمعه في أشهر عبر عمله، الذي بالكاد يحقق له دخلاً يكفي عائلته قوت يومهم.

وأوضح أن أجور الصيانة مرتفعة للغاية، وأن أي تصليح يقوم به الميكانيكي سيكلف صاحب السيارة الكثير، إذ لم تعد تحقق له سيارته ما يكفي لصيانتها وتصليحها الباهظ كل فترة. بدوره، ترك أمجد الرستم سيارته أمام باب منزله بعد عجزه عن إصلاحها الذي سيكلفه مبلغ 200 دولار أميركي، بينما لا يتجاوز راتبه في التدريس 150 دولارا، ففضل الذهاب إلى عمله بالنقل العام و"التقطيع" على أن يدفع مزيداً من المال أجوراً للتصليح والصيانة وثمن قطع التبديل، حال اعتماده في التنقل على سيارته.

وأشار إلى أن الوقود الموجود في إدلب يؤثر في انسداد وتلف بخاخات سيارته التي "تعد أهم جزء في السيارة، ومن دونها لن يعمل المحرك نهائيا، وهي مرتفعة الأسعار ولم يعد قادراً على تبديلها باستمرار، خاصة أنه بدلها للسبب نفسه أكثر من مرة خلال أقل من سنة". ولا ينكر الرستم وجود نوع آخر من المازوت، وهو الأوروبي المستورد، غير أن أسعاره مرتفعة جداً ولا تتناسب مع دخله المحدود، ولذا فإنه يلجأ، كما كثير من أصحاب السيارات، إلى تزويدها بالوقود منخفض الجودة الأكثر استعمالا، ما يجعل المركبة معرضة للأعطال كثيراً.

مدير العلاقات العامة في مديرية المشتقات النفطية أحمد سليمان قال لـ"العربي الجديد" إن إدلب ‏لديها مصدران للحصول على المازوت، الأول مستورد من الخارج عن طريق معبر باب الهوى ويسمى مازوت أول لجودته ومواصفاته العالمية وسعر الليتر منه 1.069 دولار أميركي، والثاني هو مازوت الأساس، أو المحلي، ويدخل عن طريق ريف حلب الشمالي، فيجرى تحسين جودته في وحدات المعالجة بإدلب، ويسمى المحسن، وسعر الليتر منه 0.680 دولار أميركي.

‏وأشار إلى أن المازوت المستورد يتمتع بجودة عالية ومواصفات عالمية، أما المحسن فهو أقل جودة بالطبع، ويُنتَج عن طريق وحدات تكرير بدائية في ريف حلب الشمالي، ثم تستكمل إجراءات التحسين بإدلب. ولا ينكر سليمان أن المازوت المحلي يحتوي على نسبة عالية من الرواسب والشوائب، التي تتسبب بأعطال الآليات في حال استخدامه بشكل مباشر، غير أنه وبعد إجراء عملية تحسينه، بسحب النسبة الأكبر من الرواسب والشوائب منه في وحدات المعالجة، يكون صالحاً للاستخدام، و"لكن الضرر الذي يسببه يكون على المدى الطويل"، وفقاً لسليمان. 

المساهمون