يشهد موسم رحلات العمرة، خلافات عميقة بين منظمي الرحلات ووزارة السياحة تهدد بتعطل بدء تشغيل قوافل المعتمرين قبل موعد انطلاقها رسمياً. تفجرت خلافات حادة بين مسؤولي غرف شركات السياحة بالإسكندرية والبحيرة ومطروح وفرع وسط الدلتا وغربه، في مواجهة لجنة تسيير الأعمال في غرفة السياحة والسفر المركزية بالقاهرة.
تؤكد مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" أن مسؤولي الغرف الإقليمية رفضوا الضوابط التي فرضتها الغرفة المركزية الخاصة بعدم تحديد حصص الشركات الراغبة في تنظيم الرحلات، متهمين قيادات بلجنة تسيير الأعمال، بالعمل على توجيه حركة السفر لصالح شركاتهم. ودعا مسؤولو الغرف الإقليمية وزير السياحة، أحمد عيسى، للإسراع في عقد جمعية عمومية طارئة لغرف الشركات، للاطلاع بنفسه على آراء مسؤولي الشركات قبل تنفيذ رحلات العمرة التي ستنطلق بدءاً من اليوم السبت.
بدأت الخلافات عقب توجيه خالد الببلاوي رئيس لجنة تسيير الأعمال في الغرفة المركزية، خطابا يخطر فيه مسؤولي الشركات، ببدء توثيق حجز رحلات المعتمرين عبر "بوابة العمرة" المصرية، مع إطلاق حرية كل شركة في تحديد الأعداد التي تقدر على تسفيرها من أول أكتوبر/ تشرين الأول إلى 15 يناير/ كانون الثاني المقبل.
وظهر في الوقت نفسه بيان أصدرته سامية سامي وكيلة أولى لوزارة السياحة ورئيسة اللجنة العليا للحج والعمرة، أعلنت فيه أن ضوابط العمرة، ستتم وفقا للقانون رقم 72 لسنة 2021، عن طريق البوابة المصرية للعمرة، بنفس ضوابط العام الماضي. وطالبت المسؤولة المواطنين بعدم حجز أي رحلات عمرة إلا من خلال شركات السياحة المرخصة، لضمان حقوقهم وعدم تعرضهم لأي محاولات نصب من قبل السماسرة والكيانات غير الشرعية.
مضاربات وتركّز
تشرح مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" أن شركات السياحة بالأقاليم فوجئت بأن عدداً محدوداً من الشركات الكبرى المملوكة لبعض المسؤولين في الغرفة المركزية جمعوا أعدادا هائلة من جوازات السفر، مستغلين شغف المصريين الذين حرموا من أداء العمرة منذ 3 سنوات، بالرغبة في السفر.
وشهد سوق العمرة مضاربات بين سماسرة الرحلات، أسفرت عن حجز عشرات الآلاف من المسافرين للعمرة بعيدا عن النظام الرسمي. ويحجز سماسرة تذاكر للمسافرين إلى دبي، عبر طيران الإمارات، ليؤدوا رحلة العمرة، في رحلة "ترانزيت"، بينما استغل آخرون وجود تأشيرات على جوازات السفر بدخول الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، بما يمكنهم من أداء العمرة مباشرة، من دون المرور بأية إجراءات مصرية.
في الوقت نفسه، فشلت شركات السياحة في التوصل إلى قرار من وزير السياحة، يقضي بتسهيل حصول الشركات على النقد الأجنبي من البنوك المحلية، ما يمكنهم من سداد مستحقات الفنادق والشركات السعودية، التي تشرف على خدمة المعتمرين داخل أراضي المملكة. كما رفضت شركة مصر للطيران الراعي الرسمي لرحلات الحج والعمرة، تحديد أسعار الرحلات، خلال أشهر ربيع أول وثان، ورجب وشعبان، لتتمكن الشركات من تحديد أسعار السفر النهائية، بينما أعلن الطيران السعودي فتح أبواب الحجز للرحلات.
ويبلغ سعر التذكرة 5413 جنيها للسفر من القاهرة – جدة – القاهرة، و5931 جنيها للقاهرة – جدة – المدينة – القاهرة، و7002 للقاهرة – المدينة – جدة – القاهرة، مع تحصيل 228 جنيهاً عن كل حقيبة في حيازة المعتمر. وسجل الدولار الواحد 19.53 جنيهاً الجمعة.
استحواذ على السوق
يقول علي المناسترلي رئيس غرفة شركات السياحة بالإسكندرية ومطروح والبحيرة في تصريح لـ"العربي الجديد" إن ما يشهده موسم رحلات العمرة، محاولة لالتفاف بعض المسؤولين بهدف الاستحواذ على السوق بما يهدر حقوق باقي الشركات، ويعرض مصالح المعتمرين للخطر، كما حدث في العام الماضي.
ويضيف المناسترلي أن هناك شركات جمعت 22 ألف جواز سفر حتى الآن تقدمت بهم لأداء العمرة، بينما كانت حصة كل شركة في العام الماضي لا تزيد عن 45 معتمرا طوال الموسم. وذكر إن الدولة وافقت العام الماضي على سفر 71 ألف معتمر فقط مع عودة السفر بعد إلغاء الغلق الإجباري بسبب انتشار كورونا، بينما كانت الرحلات في الماضي تتراوح ما بين 750 ألفا ومليون معتمر.
وينوه إلى أن الأزمة التي تواجه الدولة حاليا، تتعلق بإمكانية توفير العملة الصعبة، لدفع تكاليف الإقامة في السعودية، بينما الكبار المسيطرون على السوق سيجمعون جوازات السفر ليحصلوا على أكبر دعم لصالحهم، من دون مراعاة الشركات الأخرى التي تعاني من خسائر فادحة، وتكاليف تشغيل من دون عمل منذ عام 2020.
ووجه المناسترلي رسالة إلى وزير السياحة باسم الغرفة، يستنكر فيها ما أعلنه بعض مسؤولي اللجنة العليا للحج، وابلاغهم رئاسة الوزراء بأن رحلات العمرة ستتم بدون سقف لأعداد المعتمرين، محذرا من خطورة الأمر، مع توقع بأن يصل عدد الراغبين في السفر خلال الأيام الجارية، إلى نحو 200 ألف شخص لأداء عمرة المولد النبوي.
عدم إعلان الأسعار
ويلفت عضو بغرفة الشركات لـ "العربي الجديد"، رفض الإفصاح عن اسمه إلى أن "هناك من يوجه وزير السياحة القادم من قطاع البنوك في الاتجاه الذي يريده، مستفيداً من عدم خبرته، بينما سيتحمل المواطن توابع عدم التزام الوزارة ولجنة تسيير الأعمال بالغرفة المركزية بالضوابط التي اقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة العام الماضي.
وينوه المصدر إلى أن ارتباك السوق أدى إلى عدم إعلان شركات السياحة حتى الآن، أسعار الرحلات، رغم تجميع الطلبات من راغبي السفر، وكذا عدم الالتزام بجدول زمني لتنفيذ الرحلة بما يهدد بتكرار مشكلة العام الماضي حيث تأجلت الرحلات على مدار أربعة أشهر، وحُرم مئات الآلاف من السفر رغم دفعهم للتكاليف، وارتفعت أسعار الرحلات لمن سافروا بأضعاف القيمة المتعاقد عليها.
ويوضح أعضاء بالغرفة لـ"العربي الجديد" أن بعض المسؤولين، يحاولون"تجميد" جوازات السفر التي جمعوها لوضعها في أدراج شركاتهم، وحرمان الشركات الأخرى من مشاركتهم في العمل، بينما يضعون الأسعار التي تحلو لهم، بما يزيد الأعباء على المواطنين، الذين يعانون في الحصول على العملة الصعبة وخاصة الريال السعودي، الذي يباع في الأسواق الموازية بنحو 6.25 جنيهات.
في اتصالات عديدة من "العربي الجديد" بشركات لتنظيم العمرة، رفض مسؤولو الشركات الالتزام بوضع سعر محدد للرحلة، مكتفين بالإعلان عن سعر استرشادي، مبررين ذلك بالتغير اليومي في قيمة الجنيه مقابل الدولار والريال السعودي، وعدم تحديد مصر للطيران أسعار الرحلات.