رجال أعمال مصريون يرفضون رفع الفائدة على الجنيه: ضربة قاصمة للصناعة

24 ديسمبر 2022
زيادة الفائدة ستحول دون دخول استثمارات محلية جديدة في السوق (فرانس برس)
+ الخط -

شن رجال الأعمال هجوما شديدا على قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، برفع الفائدة بنسبة 3٪، نهاية الأسبوع الماضي، ولجوء الحكومة إلى الاستمرار في سياسة التشدد النقدي، للسيطرة على سعر الدولار والتضخم، بحلول تقليدية، عطلت الاستثمارات والعمل بالمصانع والشركات، وأدخلت البلاد في حالة ركود تضخمي، غير معلومة المدة.

وصف محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري برج العرب والبرلماني السابق قرار رفع الفائدة بـ "الضربة القاصمة للصناعة المصرية".

وقال المهندس حسن الشافعي عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال ورئيس لجنة المشروعات الصغيرة، لــ"العربي الجديد": "لا أمل في نهضة صناعية أو زراعية في البلد، في ظل تزايد الفائدة، واستمرار نفس السياسات النقدية التي تحول دون قدرة أصحاب المشروعات على الاستمرار في أعمالهم".

شدد الشافعي على أن ارتفاع الفائدة في البنوك، جاء مواكبا لاتفاق البنك المركزي مع صندوق النقد الدولي، على إلغاء برامج دعم الفائدة الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، التي تساعد الشباب على البدء في مشروعات، في ظل عدم قدرتهم على التمويل، ومساعدة الكفاءات الأضعف من صغار المستثمرين، في امتلاك مشروعات خاصة بهم، فإذا بها تحول بينهم وبين القدرة على تمويل أية مشروعات جديدة، وفقا لهذه المعدلات التي لن تمكن أيا منهم من الاقتراض أو العمل، لارتفاع تكلفتها عن أي عوائد متوقعة للأرباح.

أكد الشافعي أن زيادة الفائدة ستحول دون دخول استثمارات محلية جديدة في السوق، وتخيف أصحاب الأعمال الأجانب من توجيه استثماراتهم، في سوق يعاني من البيروقراطية الإدارية، وزادت عليه تكاليف الفائدة والتشغيل. 

وقال الشافعي إن مجالات الصناعة والزراعة ستكون الأكثر تضررا من زيادة الفائدة التي بلغت معدلات تصيب المستثمرين بالإفلاس، وتترك الباب مفتوحا لعدد محدود من رجال الأعمال القادرين على تمويل مشروعاتهم، ودخول الاحتكارات الأجنبية التي ستهيمن على الإنتاج المحلي، وتنهي دور المستثمرين المصريين، وخاصة أصحاب المشروعات الصغيرة، التي صنعت إمبراطوريات صناعية كبيرة، على مدار السنوات الماضية.

وأضاف الشافعي في اتصال مع "العربي الجديد": "إذا لم نساعد المصانع والمزارعين على إقامة مشروعاتهم، وتوفير التمويل للتشغيل، فلن يبقى بالسوق إلا الأجانب، وننسى توسعات المصانع الحالية، لأنها تسير في ركاب حلول غير منطقية لإدارة الأزمة الاقتصادية". 

وجاء قرار لجنة السياسات النقدية، برفع أسعار الفائدة بواقع 3٪، نهاية الأسبوع الماضي، لتزيد بمعدل 8٪، خلال عام 2022، وتصل إلى متوسطات 16.25٪ و17.25٪، و16.75٪.

واستهدفت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، تخفيض معدلات التضخم، التي بلغت 21.5٪، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومواجهة الدولرة، والسيطرة على ارتفاع الأسعار، وفقا لاتفاق جديد مع صندوق النقد، لإعادة هيكلة الاقتصاد، وتحرير سعر الصرف وفقا لآليات السوق، والسماح بدخول الواردات، بإلغاء قيود الاستيراد التي طبقها البنك المركزي، منذ مارس الماضي. 

ووصف مسؤولون حكوميون القرار بأنه يواجه الضغط على طلب الدولار، مع إعادة فتح أبواب الاستيراد مطلع الشهر المقبل، مشيرين إلى تراجع متوسط سعر البيع في السوق السوداء للدولار من 37 جنيها إلى نحو 32 جنيها، خلال الساعات الماضية، مع توقع نزوله إلى ما دون 30 جنيها، الأسبوع الحالي.

وأشار المسؤولون إلى توجه البنوك إلى إصدار شهادات إيداع تصل عوائدها على 22٪، مع خفض حدود بطاقات الائتمان، أثناء السفر بالخارج، والتدفق العكسي السريع للأموال الساخنة، لمنع هروب العملة الصعبة. 

ويعتبر وائل النحاس الخبير الاقتصادي أن قرار رفع الفائدة، جاء متأخرا، بعد التخفيض الذي أحدثه البنك المركزي، في 27 أكتوبر الماضي، بنحو 14٪ للجنيه دفعة واحدة، بما سيؤدي إلى مزيد من التراجع في قيمة الجنيه، الذي فقد 57٪ من قيمته العام الحالي، ليستقر وفقا لأسعار السوق السوداء، عند 33 – 34 جنيها للدولار.

وأكد في تصريح لـ "العربي الجديد" أن التأثير السلبي للقرار سيصل إلى جميع الأنشطة الاقتصادية والأسواق، على شكل موجات ارتفاعات سعرية لكافة السلع والخدمات، ومستلزمات الإنتاج، التي سيتحمل المواطن تكلفتها في نهاية المطاف.

ويذكر أن التراجع في قيمة الدولار أو الذهب، سيكون بنسب محدودة، تأثرا بارتفاع تكلفة حيازتهما والاستثمار بهما الفترة الماضية. 

وتوقع محللون عدم قدرة البنك المركزي على ضخ احتياجات الموردين من الدولارات، مع استمرار حالة شح الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة، وعدم وجود بدائل واضحة في الأفق، من مصادر التمويل الدولية، بما يزيد من عدم قدرة المصانع على تدبير احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج، وبما يرفع معدلات الانكماش في طلب الشركات وحالة الركود التي وقعت بها منذ عدة أشهر.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويخشى محللون من تأثير زيادة الفائدة سلبا على سوق الأوراق المالية وتعاملات البورصة، مشيرين إلى أن ارتفاع الطلب على سهم بعض الشركات حاليا مرتبط برفع قيمتها الاسمية، وفقا لسعر الدولار.

وشدد أعضاء جمعية رجال الأعمال على أن رفع الفائدة أصبح توجها متصاعدا للسياسات النقدية والمالية للحكومة والبنك المركزي، بما سيدفع بالدولة إلى مواجهة الركود التضخمي المصحوب بزيادة معدلات البطالة، مع تراجع الصناعة والزراعة والتصدير.

ويؤكد رجال الأعمال أن اعتماد الحكومة على الاستثمار العقاري الذي توقفت أنشطته، والمالي والريعي، الذي سيتخفض العائد منه، سيزيد عمق الركود التضخمي، مع زيادة معدلات الفائدة.

المساهمون