ذُعر استثماري أوروبي.. أسواق المال قلقة من اجتياح اليمين الفرنسي

02 يوليو 2024
يعبر أمام ملصق انتخابي لمارين لوبان في باريس، 23 يونيو 2024 (ريمون هازن/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ظهور نتائج الانتخابات الفرنسية كشف عن اكتساح لليمين المتطرف، مما أثار قلقاً حول السياسات المالية والنقدية المستقبلية وتأثيرها على أسواق المال الأوروبية وعلاقات فرنسا الدولية.
- المخاوف من سياسة مالية توسعية تؤدي إلى عجز كبير في الموازنة، مع توقعات بارتفاع الديون الفرنسية إلى 112% من الناتج الاقتصادي بحلول 2024، مما يثير تساؤلات حول استدامة الديون.
- رغم القلق، شهدت الأسواق المالية استجابة إيجابية مبدئية بعد الانتخابات، مع ارتفاع الأسهم الأوروبية واليورو، لكن هناك تحذيرات من تقلبات مستقبلية محتملة بسبب تعقيدات الجولة الإعادة الانتخابية والبرلمان المعلق.

ما إن ظهرت نتائج الانتخابات الفرنسية وما أفضت إليه من اكتساح واضح لليمين المتطرّف حتى سادت مباعث القلق على عدة مستويات، سواء في الداخل الفرنسي وطبيعة اتجاه السياسات المالية والنقدية في المرحلة المقبلة، أو على مستوى أسواق مال أوروبا ككل، مع بروز عوامل قلق جدية يرصدها المحللون على مستوى علاقة باريس ببقية العواصم وجاذبية الاقتصاد الأوروبي بأسره في عيون المستثمرين، فضلاً عن انعكاس نتائج الانتخابات في الأسواق المالية، خاصة في أسواق النفط والعملة والأسهم والسندات.

ومن بين الخبراء الذين تثير مجريات الانتخابات قلقهم المدير الإداري لاستراتيجية الاستثمار في "أو سي بي سي" (OCBC)، فاسو مينون، الذي نقلت عنه "رويترز" قوله يوم الاثنين، إن "المستثمرين يشعرون بالقلق من أنه إذا فاز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان بالأغلبية، فإن ذلك قد يمهّد الطريق أمام فرنسا للاشتباك مع الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي قد يعطل أسواق أوروبا وعلمة اليورو بحدة"، فيما قال محلل السوق في "أي جي" (IG) توني سيكامور إن "هناك شعوراً بالارتياح، لأن الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية لم تكن لمصلحة لوبان تماماً كما أشارت استطلاعات الرأي".

ويشعر المستثمرون بالقلق من أن الحكومة الفرنسية الجديدة التي يقودها حزب التجمع الوطني أو الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية ستتبع سياسة مالية توسعية من شأنها أن تؤدي إلى عجز متضخم في الموازنة العامة. وفي هذا الصدد، نقلت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية أمس الأحد، عن استراتيجي السوق العالمية في بنك جيه بي مورغان لإدارة الأصول، فنسنت جوفينز، قوله: "بالنسبة لي، لا يزال الأمر في حالة انتظار وترقب، ويجب أن أقول إنني مندهش بعض الشيء من ردة فعل السوق"، محذراً من أن السياسات المالية لكلا المعسكرين مدمرة للاقتصاد الفرنسي وآفاق الديون الفرنسية.

بالنسبة للمستثمرين، فإن علاوة العائد على السندات الفرنسية مقارنة بالسندات الألمانية هي علامة على المخاطر التي تهدد موازنة فرنسا، ومع بلوغ نسبته 5.3% من الناتج المتوقع هذا العام، فإن العجز يتجاوز بكثير نسبة 3% من الناتج الاقتصادي المسموح بها بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي، بينما من المتوقع أن ترتفع ديون فرنسا إلى 112% من الناتج الاقتصادي في عام 2024، وفقاً لأحدث تقارير صندوق النقد الدولي.

وفي هذا السياق، تنقل "بلومبيرغ" عن الخبيرة الاستراتيجية في مؤسسة "ميزوهو" إيفلين غوميز ليختي قولها: "بينما نتوقع بعض التقلص في فروق أسعار السندات (OAT-Bund)، لا يزال الغموض يكتنف المستقبل. ويشير تحليلنا إلى أن أي تشديد كبير سيكون غير مستقر نظراً لديناميكيات مثيرة للقلق بخصوص القدرة على تحمّل فرنسا الديون". لكن إذا ما بدأت التحالفات التي تم تشكيلها لمنع لوبان من الإمساك بزمام السلطة المطلقة، فمن المرجح أن تتعافى الأسواق الفرنسية، وفقاً لمديرة الأبحاث في "إكس تي بي" (XTB) كاثلين بروكس التي قالت لشبكة "بلومبيرغ" إن ما يحصل "قد يجعل من الصعب إنجاز أي شيء في البرلمان الفرنسي الحالي، وهو بالضبط ما تترقبه الأسواق".

لكن مع ذلك يحذر الاستراتيجيون من احتمال حدوث تقلبات مستقبلاً، حيث تصبح الحسابات الانتخابية معقدة في جولة الإعادة، ويشير البعض إلى أن البرلمان المعلق قد لا يكون أفضل بكثير لمالية البلاد من حكومة يمينية متطرفة. وحول هذه النقطة، تقول كبيرة الاستراتيجيين في الأصول المتعددة لدى شركة "ستيت ستريت غلوبال ماركتس" ماريا فايتمان: "لديك وضع بين برلمان معلق وحكومة يمينية متطرفة، لذلك لا يُعد أي منهما جذاباً، فأنا نفسي سأبقى خارج فرنسا".

ولم يتأخر صدى نتائج الانتخابات الفرنسية عن التردّد في أسواق المال مع بداية تعاملات الأسبوع الجاري أمس الاثنين، حيث ارتفعت الأسهم الأوروبية وسط تصدر للأسهم الفرنسية، ليقفز المؤشر كاك 40 الفرنسي 2.6% متفوقاً على مؤشرات أسواق المنطقة بدعم من أداء البنوك الرئيسية ومنها "بي إن بي باريبا" و"سوسيتيه جنرال" و"كريدي أغريكول" التي تراوحت مكاسبها بين 4.8% إلى 7.9%. وساهم ذلك في صعود المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1% خلال التعاملات بعد أربع جلسات متتالية من الخسائر.

كما ارتفع اليورو أمس، بينما يكافح الين للابتعاد عن أدنى مستوياته في 38 عاماً. وارتفع اليورو، الذي انخفض نحو 0.8% منذ دعا الرئيس إيمانويل ماكرون لإجراء الانتخابات في 9 يونيو/ حزيران الماضي، 0.4% إلى 1.0756 دولار، بعدما لامس أعلى مستوى في أسبوعين في وقت سابق من الجلسة. وانخفض مؤشر الدولار 0.11% إلى 105.61، بعدما سجل في وقت سابق أدنى مستوى في أسبوع.

وأدت حالة عدم اليقين بشأن توقعات أسعار الفائدة الأميركية إلى إبقاء الأسهم الآسيوية مستقرة أمس، في حين ارتفع اليورو بعد فوز اليمين المتطرف في الجولة الأولى من التصويت المفاجئ في الانتخابات الفرنسية المفاجئة، وإن كان بحصة أقل من وتوقعت بعض استطلاعات الرأي. وفي أسواق السلع الأساسية، ارتفعت سعر برميل النفط، مع صعود العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.39% إلى 85.33 دولاراً، وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 0.39% إلى 81.86 دولاراً.

المساهمون