سجلت صادرات النفط العماني ما يقرب من 153 مليون برميل خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق بيانات صادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات (حكومي)، وسط مؤشرات على "ذروة تاريخية" للإنتاج، بلغت مليوناً و57 ألفاً و200 برميل يومياً.
وسبقت تلك الذروة إعلان شركة أوكسيدنتال عُمان، المملوكة لمجموعة أوكسيدنتال للبترول الأميركية، في 7 أغسطس/آب، تقديرات أولية لإنتاج النفط بحقل ضمن البلوك 65، في سلطنة عمان، تصل إلى 6 آلاف برميل من مكافئ النفط يومياً (وحدة قياس للطاقة)، وهي أعلى نتيجة اكتشافية مقدرة في عُمان على مدار العقد الماضي.
ومن شأن الاكتشاف الجديد، في منطقة عبري بمحافظة الظاهرة، أن يدعم إجمالي احتياطيات النفط بالسلطنة، الذي بلغ، عام 2022، نحو 4 مليارات و905 ملايين برميل، مرتفعاً بنسبة 1% عن عام 2021، حسب بيانات وزارة الطاقة والمعادن العمانية.
إغراء استثماري
ويشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن معدل إنتاج النفط الجديد في
جاء ارتفاعاً من متوسط 900 ألف برميل في العامين الماضيين، ما أسفر عن زيادة معتبرة في عائدات السلطنة المالية.
ويضيف الطوقي أن ارتفاع أسعار النفط العام الجاري، بما يفوق 80 دولاراً للبرميل، ضاعف من عوائد زيادة الإنتاج النفطي للسلطنة، ما يدعم الاستدامة المالية لبرامج الحكومة، ويمثل إسناداً للمشروعات التنموية، وسداد الدين العام في وقت مبكر، ما يقلل من فوائدها، فضلاً عن دعم برامج التوظيف.
ويلفت الخبير العماني إلى أن أثر الارتفاع في أسعار النفط بدأ في إنعاش الفوائض المالية للحكومة منذ نهاية عام 2022، وهو ما استمر في الربعين الأول والثاني من العام الجاري، مؤكداً أن استمرار زيادة الصادرات النفطية، مع ارتفاع الأسعار، سيكون لصالح الصادرات غير النفطية أيضاً، ما يعني أن الأثر الاقتصادي لزيادة إنتاج النفط لن يكون مالياً فقط، بل تنموياً بالدرجة الأولى، ويصب بقوة في دعم خطة التنمية الخمسية العاشرة، والتي بدأت عام 2020 وتنتهي عام 2025.
ويلفت الطوقي إلى أن الاكتشاف النفطي الجديد يرفد إنتاج السلطنة بنحو 6 آلاف برميل يومياً في مراحله الأولى، ومن شأن ذلك تشجيع شركات النفط العالمية على مزيد من الاستثمار في مجال الاستكشافات، بخاصة أن المناطق القريبة من حقل البلوك 65 مرشحة لاكتشافات جديدة أيضاً.
وبذلك تواصل مناطق الامتياز النفطي العمانية إثبات جدواها الاقتصادية لشركات التنقيب العالمية، ومنها شركة أوكسدنتال نفسها، التي لم يسبق لها اكتشاف نفطي بهذا الحجم منذ نحو 10 سنوات، بحسب الطوقي.
وحسب الخبير العماني، فإنّ قيمة اكتشاف "أوكسدنتال" تكمن فيما وراء حجم إنتاج النفط الحالي، إذ تفيد كل المؤشرات بأن مناطق الامتياز العمانية ما زالت حبلى بكميات أكبر من النفط، ما يغري كلاً من الشركات وحكومة السلطنة بمزيد من جذب الاستثمارات إليها، في ظل ارتفاع سعر النفط حالياً إلى نحو 85 دولاراً للبرميل.
ذروة تاريخية
يؤكد الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن إنتاج عمان النفطي في عام 2023، يمثل ذروة غير مسبوقة تاريخياً، وذلك بعدما بدأت السلطنة بعد عام 2000 باستقطاب شركات نفط أجنبية، وزادت من الرخص الاستثمارية الممنوحة في المناطق الاستكشافية لشركات، منها "توتال" و"شل" و"بريتيش بتروليوم".
كما زادت الحكومة العمانية مناطق الامتياز النفطي من 4 مناطق عام 2000 إلى 10 مناطق حالياً، وهناك مناطق أخرى تنوي السلطنة منح استثماراتها لشركات أجنبية أخرى، ما يصب في صالح التوقعات بنمو أكبر لإنتاج النفط العماني في السنوات القادمة، حسبما يرى الشوبكي.
وعن دلالات تخطي الإنتاج العماني عتبة المليون برميل، ينوه الخبير الأردني إلى حاجة السلطنة لاستغلال ثروات باطن الأرض، وبالتالي زيادة حجم الاقتصاد، ومن ثم زيادة حصة عمان من سوق النفط العالمية، مع سقف الإنتاج.
ويشير الشوبكي، في هذا الصدد، إلى أنّ زيادة الإنتاج النفطي لعمان تتزامن مع التخفيض المتفق عليه لإنتاج دول تكتل "أوبك+" في بداية 2024، والذي حدد حصة السلطنة بقرابة 840 ألف برميل يومياً فقط، ما يعني حاجة السلطنة إلى تغيير سقف إنتاجها ضمن التكتل؛ لكي تتوسع في إنتاجها، وتستفيد من الاستثمارات التي أضافتها في الآونة الأخيرة.
ومن شأن ذلك أن يدعم الخطط الاقتصادية المستقبلية للسلطنة، إضافة إلى خطط التحول الاقتصادي، بعيداً عن الاعتماد الأحادي على النفط، عبر توظيف الإيرادات الإضافية في تنويع مصادر الدخل، بحسب الشوبكي، مشيراً إلى أن مزيداً من الإيرادات الاستثنائية من النفط يحسّن من مركز السلطنة المالي، ويساعدها على تقليص الدين العام، وتحقيق فائض في الموازنة العامة.