رأى خبراء أنه في حالة استمرار ليبيا في الإنفاق المالي من دون ضوابط، فإنها ستلجأ إلى صندوق النقد الدولي، محذرين من أن الإنفاق الاستهلاكي لا يحقق تنمية حقيقية، فيما لا يزال البلد عاجزا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية بفاعلية.
وفيما يُقدّر الدين المتراكم على الدولة الليبية بنحو 155 مليار دينار (34.5 مليار دولار)، قال الخبير الاقتصادي أحمد أبولسين إن "اقتصاد البلد هش، في حين أن الإنفاق المالي منفلت وسط مخاوف جديدة من التداعيات الجيوسياسية للأزمة الروسية الأوكرانية قد تطاول مختلف مناحي الحياة".
تأتي المخاوف المتصاعدة في ظل عدم قدرة المصارف التجارية على تحصيل قروض وتسهيلات ائتمانية بالغة 13.2 مليار دينار (2.9 مليار دولار)، أو ما نسبته 67% من إجمالي القروض.
وأوضح أبولسين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "عدم قدرة المصرف المركزي على رفع القدرة الشرائية للدينار بسبب الطلب المتزايد على النقد الأجنبي سيكون له آثار غير مرضية على المستوى الشعبي".
وأضاف أنه مع نقص الغذاء في ظل بلاد تعتمد على الاستيراد، وسط ضغوط تضخمية، وعدم شرعية الحكومات الموجودة، سيكون الوضع بمؤشرات حمراء.
بدوره، المحلل المالي علي سالم يؤكد، لـ"العربي الجديد"، أن إجمالي القروض الممنوحة من قبل المصارف التجارية وعدم تحصيلها خلال السنوات الماضية، أثر سلبا على الملاءة المالية للمصارف، وقال إن "الوضع المالي غير مطمئن، وبحاجة إلى وضع سياسات اصلاحية اقتصادية على مدى 3 سنوات عبر التقشف".
وأضاف أن المشكلة أن المصارف بحاجة إلى إنقاذ مالي للعودة الحياة مع عدم قدرة الدولة في الوقت الحاضر على جباية حتى رسوم الكهرباء.
وفيما رأى الباحث الاقتصادي محمد الشيباني أن "اقتصاد ليبيا بخير على مدى سنتين على الأقل"، وقال لـ"العربي الجديد" أن "ليبيا لديها أكثر من 70 مليار دولار احتياطيات، ودخلها اليومي من مبيعات النفط تسعون مليون دولار يوميا، ولا يوجد لديها دين خارجي، وتحتاج إلى بعض الاستقرار فقط".
وقال إنه "في حالة الاستمرار في الإنفاق المالي بدون ضوابط، فإن ليبيا ستلجأ إلى صندوق النقد الدولي"، فيما انزلقت ليبيا بشكل أعمق في الفوضى السياسية عندما صوّت البرلمان على تنصيب حكومة فتحي باشاغا الجديدة رغم اعتراضات رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبة على تسليم السلطة.
وكانت الدولة الغنية بالنفط الواقعة في شمال أفريقيا في مأزق سياسي بالفعل، بعد فشلها في إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها في ديسمبر/كانون الأول. وكان من المفترض أن تنهي الانتخابات أكثر من عقد من عدم الاستقرار الذي أصاب ليبيا منذ أن أطاحت الثورة معمر القذافي عام 2011.
وفي سياق متصل، حذرت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا من تآكل أرصدة 3 مصارف حكومية متخصصة، وهي "مصرف الادخار والاستثمار العقاري" و"مصرف التنمية" و"المصرف الزراعي"، وذلك لتراكم الخسائر المالية السابقة من دون انتهاج سياسات فاعلة لتقليل الخسائر وترشيد الإنفاق.
وذكرت النشرة الاقتصادية لمصرف ليبيا المركزي إنه زاد إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من المصارف التجارية من 17 مليار دينار إلى 19.6 مليار دينار في نهاية 2021، أي بمعدل نمو 15.5%، وقد شكلت القروض والتسهيلات الائتمانية الممنوحة إلى إجمالي الخصوم الإيداعية ما نسبته 21.3%، ومن إجمالي الأصول ما نسبته 14.4%.