دولة القائم بالأعمال في مصر... هل نضبت الدولة من الخبرات؟

04 سبتمبر 2024
تجديد تكليف حسن عبد الله، قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي/ واشنطن 14-10-2022 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أهمية الاستقرار المؤسسي**: المؤسسات المالية والرقابية في مصر، مثل البنك المركزي وصندوق مصر السيادي، تحتاج إلى استقرار مؤسسي لتعزيز كفاءة الأداء الرقابي والوظيفي.
- **ظاهرة تعيين القيادات المؤقتة**: مصر شهدت تعيين قيادات مؤقتة لمدة عام، مما يثير تساؤلات حول نقص الكوادر رغم وجود خبرات قادرة على الإدارة بكفاءة.
- **تأثير الظاهرة على القطاعات**: الظاهرة امتدت إلى مؤسسات تعليمية وعمالية، مما يثير تساؤلات حول استدامة الأداء المؤسسي بدون تعيينات دائمة.

هناك مؤسسات مالية ورقابية غاية في الحساسية بالنسبة للدولة المصرية والجهاز الإداري والقطاع المالي والمصرفي وأنشطة الاقتصاد والأسواق والمواطن، ولذا تحتاج إلى استقرار مؤسسي شديد وصارم، بسبب طبيعتها الحساسة ودورها الاقتصادي، ولأن هذا الاستقرار يتيح للقيادات العليا المسؤولة عن إدارتها وضع خطط واستراتيجيات طويلة ومتوسطة الأجل، والإشراف على تنفيذها، كما يتيح لها أداء دورها الرقابي والوظيفي بشكل كفء.

ومن بين تلك المؤسسات البنك المركزي المصري، والجهاز المركزي للمحاسبات، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الرقابة المالية، وبورصة الأوراق المالية، وغيرها، ورغم حساسية تلك المؤسسات فإن هناك ظاهرة شبه جماعية لم تشهدها مصر من قبل، وهي اختيار قيادات ورؤساء مؤقتين لإدارة تلك المؤسسات، والاكتفاء بتعيين قيادات مؤقتة تحت مسمى "القائم بالأعمال" ولمدة عام، وهي فترة قصيرة. فهل نضبت مصر من الخبرات والكوادر؟

في البنك المركزي المصري، وهو أهم مؤسسة رقابية مالية في مصر والأكثر حساسية على الاطلاق، حيث المسؤول عن أموال المودعين، والرقابة على القطاع المصرفي وسوق الصرف، وإدارة الدين العام، واحتياطيات الدولة الأجنبية، صدر قرار جمهوري قبل أيام بتجديد تكليف حسن عبد الله، قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي لمدة عام، اعتباراً من 18 أغسطس/آب 2024. وكان قرار قد صدر في أغسطس 2022، بتعيين المصرفي البارز عبد الله قائماً بأعمال المحافظ خلفاً لطارق عامر.

رغم حساسية مؤسسات مثل البنك المركزي والصندوق السيادي فإن هناك ظاهرة شبه جماعية لم تشهدها مصر من قبل، وهي اختيار قيادات ورؤساء مؤقتين لإدارتها

ولا أعرف سر عدم اختيار عبد الله محافظاً للبنك لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، كما كان العرف جارياً داخل البنك المركزي على مدى السنوات الطويلة الماضية، خاصة أن الرجل نجح خلال الفترة الماضية في إدارة السياسة النقدية بطريقة احترافية، بشهادة عاملين في القطاع المصرفي، وبفضل التدفقات النقدية الخارجية الضخمة أعاد الاستقرار لسوق الصرف المضطرب، وجرى القضاء على السوق السوداء للعملة، وشهد عامه الأول داخل البنك المركزي زيادة ملحوظة في احتياطي النقد الأجنبي، وتحول عجز صافي البنوك من النقد الأجنبي من نحو 29 مليار دولار إلى فائض يزيد حالياً عن 13 مليار دولار. 

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

يتكرر المشهد في واحد من أقوى وأبرز الأجهزة الرقابية في مصر وهو الجهاز المركزي للمحاسبات الذي تأسس في العام 1942 المنوط به تحقيق الرقابة على كل أموال الدولة وأموال الشخصيات العامة الأخرى، حيث جرى تعيين المستشار محمد الفيصل يوسف، قائماً بأعمال رئيس الجهاز.

قائم بالأعمال في الصندوق السيادي

تكرر المشهد أيضاً في صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية وهو الصندوق السيادي للدولة، فقد استقال أيمن سليمان المدير التنفيذي للصندوق قبل أيام، وبدلاً من اختيار خلف له مباشرة يدير هذا الكيان الاقتصادي المهم، جرى تكليف نهى رشدي خليل، رئيسة قطاع الاستراتيجية وتطوير الأعمال بالصندوق، قائمةً بأعمال المدير التنفيذي.

لا تقتصر الظاهرة على القطاع الرقابي والمالي في مصر، بل امتدت إلى مؤسسات تعليمية وعمالية بارزة، فالدكتورة فجر خميس تشغل منصب القائم بأعمال المركز القومي للبحوث التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وقبل أيام جرى تعيين الدكتور محمد سامي عبد الصادق نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون خدمة البيئة وتنمية المجتمع، قائماً بأعمال رئاسة جامعة القاهرة، خلفاً للدكتور محمد عثمان الخشت الذي انتهت مدته القانونية.

مصر مليئة بالخبرات والكوادر القادرة، ليس فقط على إدارة مؤسسات بحجم البنك المركزي وجهاز المحاسبات، بل وقيادة الحكومة المصرية قيادة احترافية

ويوم 7 أغسطس 2023، صدر قرار بتجديد تكليف محمد فريد، للقيام بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية لمدة عام، رغم حساسية الهيئة التي تتولى الرقابة على البورصة وسوق المال والأنشطة المالية في مصر من قطاع التأمين وإدارة الأموال والسمسرة وغيرها. وجاري ترتيب اجتماع لاختيار قائم بأعمال رئيس اتحاد عمال مصر خلفاً لمحمد جبران الذي شغل حقيبة وزارة العمل في الحكومة الجديدة.

مصر مليئة بالخبرات والكوادر القادرة، ليس فقط على إدارة مؤسسات بحجم البنك المركزي وجهاز المحاسبات وصندوق مصر السيادي، بل وقيادة الحكومة المصرية قيادة احترافية.

المساهمون