دولار السوق الموازية يشتعل في مصر رغم توقعات زيادة قرض صندوق النقد الدولي

20 نوفمبر 2023
أزمة الدولار ما زالت تسيطر على الأجواء في مصر (Getty)
+ الخط -

واصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه المصري في الأسواق غير الرسمية مسجلاً مستويات قياسية، على الرغم من إعلان صندوق النقد الدولي عن دراسته زيادة قيمة القرض الممنوح لمصر، على خلفية التداعيات السلبية للحرب في غزة على الاقتصاد المصري المأزوم.

وأظهرت منشورات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي استعداد العشرات لشراء أي كميات معروضة من العملة الخضراء، أو أي من العملات الأجنبية الأخرى، رغم تجاوز سعر الدولار 50 جنيهاً.

وعلى نحو متصل، أظهرت بيانات "رويترز" و"بلومبيرغ" اقتراب سعر الدولار من 60 جنيهاً، في ما ترجمته أسعار بعض الأصول في الأسواق الأخرى، مثل أسعار الأسهم المتداولة بالدولار خارج مصر GDR وفي مقدمتها سعر سهم البنك التجاري الدولي.

وقالت مسؤولة إدارة المحافظ بإحدى شركات الوساطة المصرية إن أسعار الأسهم المصرية في الأسواق الخارجية تعكس طلباً كبيراً على العملة الأجنبية غير المتوافرة في السوق المصرية. وأضافت، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، إنّ "العملاء يقبلون على شراء الأسهم التي يكون لها GDR، مثل سهم البنك التجاري الدولي، في السوق المصرية، ليكون لهم رصيد منها بالخارج، يحصلون من خلاله على الدولار عند البيع، مهما ارتفعت تكلفة الشراء".

وأضافت المسؤولة التي رفضت ذكر اسمها: "سعر السهم في السوق المصرية اليوم يدور حول 76.50 جنيهاً، بينما وصل في الـGDR إلى 1.28 دولار، وهو ما يعكس تقييما لسعر الدولار يتجاوز 59.50 جنيهاً مصرياً، يصل بإضافة بعض المصاريف الإدارية إلى أكثر من 60 جنيهاً للدولار".

وأرجع متعاملون في الأسواق ارتفاع السعر إلى تزايد توقعات إجراء تعويم/تخفيض جديد للعملة المصرية، كما تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل ما يقرب من عام، وإن رجح معظمهم عدم حدوث ذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

وقال صاحب إحدى شركات الصرافة لـ"العربي الجديد" إنّ هناك زيادة في الطلب على العملة الأجنبية، منذ الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن هذه الزيادة جاءت من "شركات أجنبية تقوم بتحويل أرباحها إلى الخارج، وأيضاً بعض الجهات الحكومية المصرية التي تدرك أكثر من غيرها أنّ هناك تخفيضاً قادماً للعملة المصرية".

وقال صاحب شركة استيراد وتصدير، فضّل عدم ذكر اسمه، إنّ بعض التجار الذين يتعامل معهم طلبوا، اليوم الاثنين، شراء الدولار منه بسعر 51 جنيهاً، وعرضوا بيعه له بسعر 52 جنيهاً لكل دولار. وجاء ذلك في وقت استقر فيه سعر الدولار في البنوك المصرية عند 30.85 للشراء، و30.95 للبيع.

ويوم الجمعة، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن الصندوق "يدرس بجدية" زيادة محتملة لبرنامج قروض مصر البالغ حجمه ثلاثة مليارات دولار؛ بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة.

وأضافت غورغييفا أنّ الصراع "يدمر" سكان غزة واقتصادها وله "آثار خطيرة" على اقتصاد الضفة الغربية، كما يشكل أيضاً صعوبات للدول المجاورة، كمصر ولبنان والأردن، من خلال فقدان إيرادات السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.

وجاءت تصريحات غورغييفا في مقابلة على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في سان فرانسيسكو، فيما بدت الدول الأعضاء الـ21، ومنها الولايات المتحدة والصين وروسيا، منقسمة بشأن الحرب على غزة.

وبدأت مصر تسعى للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بعد ارتفاع قيمة فواتير الصراع الروسي الأوكراني، حيث تستورد مصر القمح من الدولتين، وكانت عند اندلاع الحرب بينهما أكبر مستورد له في العالم. وتسبب الصراع أيضاً في تراجع أعداد السياح القادمين إلى البلاد، وذلك بالتزامن مع هروب الأموال الساخنة التي كانت مستثمرة في أدوات الدين المصرية بعد رفع الفائدة الأميركية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، وافق صندوق النقد الدولي رسمياً على منح القاهرة القرض، مضيفًا أن برنامج القرض سيتضمن سياسات لإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص، بما في ذلك الحد من بصمة الدولة، واعتماد إطار منافسة أكثر قوة، وتعزيز الشفافية، وضمان تحسين تيسير التجارة. واشترط الصندوق وقتها منح العملة المصرية المزيد من المرونة السعرية في السوق الرسمية، وبيع حصة الحكومة المصرية في بعض الشركات، وهما أمران تسبب التعثر فيهما في تأخير حصول مصر على الدفعتين الثانية والثالثة من القرض.

وفي السياق، نجحت مصر اليوم في سداد سندات يورو بوند بقيمة 500 مليون دولار، طرحت في عام 2019 بفائدة 4.5%. كما تراجعت تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر، حيث بلغت 11.64% للعقود أجل عام، و14.12% للعقود أجل 5 أعوام.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، السبت الماضي، إن أزمة العملة التي تعاني منها البلاد هي "أزمة عابرة" وستنتهي في فترة بسيطة جداً.

وقال مدبولي، خلال مؤتمر صحافي، أثناء جولة تفقدية في عدد من المصانع بمدينة العاشر من رمضان: "الأهم هو ما بعد ذلك، والدرس الذي تعلمناه من الأزمة العالمية والاقتصادية أننا كدولة يتعين علينا أن نملك مقدرات إنتاجنا ومنتجاتنا بأكبر قدر ممكن".

المساهمون