لا شك في أن الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا له تداعيات اقتصادية هائلة من المبكر إحصاؤها بدقة علمية في الوقت الذي لا تزال الأولوية للبحث عن ناجين بين الأنقاض.
لكن دراسة أعدها الباحثان عمرو الكاظمي وكاميرون إيه ماكنزي من "جامعة ولاية أيوا" عام 2016، تشير إلى أن تحليلاً اقتصادياً لنتائج كوارث طبيعية حاصلة سابقاً وسيناريوهات مفترضة لظواهر من بينها الزلازل، عادة ما تبدأ خسائرها من 100 مليون دولار إنما يمكنها أن تصل إلى 100 مليار دولار.
الدراسة التي تحمل عنوان "التكاليف الاقتصادية للكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية وغيرها من الكوارث: تحليل للنماذج الاقتصادية التي تحدد الخسائر الناجمة عن الاضطرابات"، تتضمن تحليلاً للنتائج الاقتصادية المباشرة للزلازل والأعاصير والهجمات الإرهابية والأوبئة والهجمات الإلكترونية وإغلاق الموانئ.
في الجزء المتعلق بالزلازل، تشير الدراسة إلى أنها تلحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية مما يؤدي إلى وقوع وفيات، في حين أن بعض الزلازل تلحق بالبلد المعني أضرارا أكثر من غيرها.
وتتراوح الآثار الاقتصادية للزلازل بين 100 مليون دولار و144 مليار دولار (باحتساب الخسائر غير المباشرة)، استناداً إلى حجم الزلزال والافتراضات داخل النموذج الاقتصادي.
على سبيل المثال، عانت اليابان من بعض الزلازل الأكثر تكلفة، حيث قُدّرت الخسائر المباشرة من زلزال هانشين العظيم عام 1995 (أي الخسائر في البنية التحتية والمرافق والنقل) بمبلغ بين 100 و144 مليار دولار، أو 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي لليابان.
وبحساب الخسائر غير المباشرة، قد تصل الخسائر في الناتج الإجمالي من ذلك الزلزال إلى 144 مليار دولار.
وتسبب زلزال 2011 وتسونامي في اليابان في خسائر إنتاج في اليابان بلغت 32 مليار دولار في مارس/آذار و52 مليار دولار في إبريل/نيسان.
وبلغت خسائر الإنتاج خارج اليابان بسبب هذا الزلزال 17 مليار دولار خلال هذين الشهرين.
وكان لمعظم الزلازل الأُخرى في القرن الحادي والعشرين تأثيرات اقتصادية في حدود مليار أو ملياري دولار.
وإضافة إلى الخسائر في الأرواح والأضرار التي تلحق بالمباني، يمكن للزلازل أن تدمر شبكات النقل، مما يؤدي إلى آثار اقتصادية شديدة.
وأدى زلزال Niigata-Chuetsu في اليابان عام 2004 إلى خسائر بقيمة 247 مليون دولار بسبب تعطيل حركة النقل فقط.
ويؤدي زلزال افتراضي قوته 8.7 درجات في ولاية تينيسي على أساس زلزال ضربها عام 1812، إلى تكلفة اقتصادية إجمالية (مباشرة وغير مباشرة) قدرها 254 مليار دولار في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب تعطيل الطرق السريعة والسكك الحديدية.
وتشمل دراسات أُخرى حول الزلازل سيناريوهات افتراضية تحاكي احتمالات الحياة الواقعية.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي زلزال بقوة 7.1 درجات في لوس أنجليس إلى نحو 100 مليار دولار من الخسائر الإجمالية مع خسائر انقطاع الأعمال التي تفوق الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية.
كذلك يمكن أن يؤدي زلزال يعطل نظام المياه في بورتلاند ميتروبوليتان في ولاية أوريغون إلى خسائر في الإنتاج الإقليمي تتراوح بين 418 و516 مليون دولار.
وعلى ضوء هذه السيناريوهات والأمثلة، يبقى مبكرا الحديث عن حجم الخسائر الاقتصادية الحقيقي للزلزال في كل من تركيا وسورية، ريثما ينجلي غبار الهزات الارتدادية وتنطلق الفرق البحثية المتخصصة في تقديراتها وإحصاءاتها تمهيدا لإعداد تقاريرها النهائية بهذا الخصوص.