خفض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني لأول مرة منذ 10 سنوات... والأسواق تهتز

02 اغسطس 2023
واشنطن تواجه أول خفض لتصنيف السندات السيادية (Getty)
+ الخط -

خفضت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني تصنيفها للولايات المتحدة الأميركية، وسط تحذير من عبء الديون المتزايد على البلاد، وذلك حسب ما ذكرت الوكالة ووسائل إعلام عالمية، منها صحيفة "وول ستريت جورنال" مساء الثلاثاء.

وقالت "فيتش" إنها خفضت التصنيف الائتماني المميز للولايات المتحدة، مشيرة إلى التدهور المالي المتوقع على مدى السنوات الثلاث المقبلة، فضلاً عن تزايد عبء الدين العام.

وعقب الخفض اهتزت أسواق المال العالمية، إذ تراجعت أسعار الأسهم في البورصات الرئيسية داخل أوروبا واليابان والصين وغيرها من دول العالم، كما زاد الإقبال على شراء الذهب وسط احتماء المستثمرين بالأصول الآمنة.

عقب الخفض اهتزت أسواق المال العالمية حيث تراجعت أسعار الأسهم في البورصات الرئيسية داخل أوروبا واليابان

ويعد خفض تصنيف الولايات المتحدة، وهو الأول من قبل شركة تصنيف كبرى منذ أكثر من عقد، دليلاً على أن المناوشات السياسية المتكررة على نحو متزايد حول الشؤون المالية للحكومة الأميركية تفسد التوقعات للسوق العالمي لسندات الخزانة العالمية الذي تبلغ قيمته 25 تريليون دولار.

وبحسب وكالة التصنيف فقد خفضت فيتش تصنيف الولايات المتحدة طويلة الأجل إلى "AA +"، أو بدرجة واحدة أقل من أعلى درجة "AAA" التي كانت تمنحها الوكالة للسندات السيادية الأميركية، مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وأرجعت الوكالة سبب خفض التصنيف إلى التدهور المالي المتوقع على مدى السنوات الثلاث المقبلة وعبء الدين الحكومي العام المرتفع والمتزايد.

وقالت وكالة التصنيف: "من وجهة نظر فيتش، كان هناك تدهور مطرد في معايير الحوكمة على مدى السنوات العشرين الماضية، بما في ذلك المسائل المالية والديون، على الرغم من اتفاق يونيو لتعليق سقف الدين حتى يناير 2025".

ووفق بيان "فيتش" فإنه ليس لدى الحكومة الأميركية إطار مالي متوسط الأجل، ولديها آلية ميزانية معقدة. وساهمت هذه العوامل، إلى جانب كثير من الصدمات الاقتصادية والتخفيضات الضريبية ومبادرات الإنفاق الجديدة، في زيادات متتالية في الديون على مدى العقد الماضي. ولم يُحرَز سوى تقدّم محدود فقط لمواجهة التحديات على الأجل المتوسط والمتعلّقة بارتفاع تكاليف المعاشات التقاعدية والتأمين الصحي بسبب شيخوخة السكان.

وكانت وكالة "فيتش" قد وضعت التصنيف الائتماني المميز للولايات المتحدة في مايو الماضي على قائمة المراجعة لاحتمالية خفضه، في ظل القلق من إمكانية تخلف أكبر اقتصاد في العالم عن سداد ديونه.

​ولا تعد تلك المرة الأولى، إذ سبق أن خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيف الولايات المتحدة لأول مرة في تاريخها في 6 أغسطس عام 2011 بسبب الخلاف الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين على رفع سقف الدين.

البيت الأبيض ينتقد القرار

وهاجمت الإدارة الأميركية قرار خفض التصنيف، فقد أعلن البيت الأبيض الثلاثاء أنه يرفض "بشدة" قرار فيتش خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، بعدما اتّخذت الوكالة الخطوة على خلفية الخلافات المتّصلة برفع سقف الدين العام.

لا تعد تلك المرة الأولى، إذ سبق أن خفضت "ستاندرد آند بورز" تصنيف الولايات المتحدة لأول مرة في 2011

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين، جان-بيار، "نرفض بشدة هذا القرار"، مضيفة أن خفض تصنيف البلاد في حين حقق الرئيس جو بايدن أقوى تعاف اقتصادي بين كل الاقتصادات الكبرى في العالم، أمر "يخالف الواقع".

وعبّرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين عن معارضتها الشديدة لقرار وكالة فيتش خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه +" بسبب خلافات متكررة تتعلق بسقف الدين العام.

وقالت يلين في بيان "أختلف بشدّة مع قرار فيتش بشأن التصنيف الائتماني"، معتبرة أن التغيير الذي أعلنته الوكالة كان "تعسفياً ويستند إلى بيانات قديمة".

وانتقد الخبير الاقتصادي الأميركي، محمد العريان، قرار "فيتش" بخفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة، موضحاً في تغريدة أنها خطوة غريبة من غير المرجح أن تؤثر على الأسواق.
وأضاف: "أنا في حيرة شديدة من عدة جوانب من هذا القرار، وتوقيته، وأعتقد أن الأغلبية العظمى من الخبراء الاقتصاديين ومحللي السوق الذين ينظرون إلى هذا قد يكونون في حيرة من أمرهم أيضاً بسبب الأسباب المذكورة والتوقيت".

وتعد مصداقية أميركا العالية أكبر داعم لموثوقية سندات الخزانة الأميركية والدور الذي تلعبه في الأسواق العالمية، إذ إنها سندات "الملاذ الآمن" الذي يقدم عوائد خالية من المخاطر.

كما تعتبر سندات الخزانة بمثابة معيار مهم للعوائد على الأسهم والسندات العالمية والأميركية الأخرى، لأن المستثمرين يطالبون عموماً بعوائد أكبر على أي أوراق مالية أخرى يشترونها.

الحكومة الأميركية تتجه لإصدار سندات قيمتها تريليون دولار في الربع الجاري من العام

وحسب "وول ستريت جورنال" فإن قلة من المستثمرين يعتقدون أن تخفيض تصنيف فيتش سيشكل تحديًا فوريًا للسندات الأميركية. ولكن يبقى أن هذه هي المرة الأولى التي تخفض فيها شركة تصنيف تقييمها الرئيسي للولايات المتحدة.

يذكر أن الحكومة الأميركية تتجه لإصدار سندات قيمتها تريليون دولار في الربع الجاري من العام.

تراجع الأسهم الأوروبية 1%
وفي أسواق المال العالمية انخفضت الأسهم الأوروبية في تعاملات اليوم الأربعاء مع استيعاب نتائج أعمال الشركات، وبعد خفض "فيتش" التصنيف السيادي للولايات المتحدة. 

وتضررت معنويات المستثمرين بعد خفض فيتش تصنيف أميركا وانتقدت العجز المالي المتضخم في البلاد، وأشارت إلى عبء الدين الحكومي العام المرتفع. 

وتراجع مؤشر ستوكس يوروب 600 بنسبة 1.02% عند 462 نقطة، مع انخفاض كافة القطاعات. كما انخفض كل من فوتسي 100 البريطاني بنسبة 0.82% عند 7603 نقاط، وداكس الألماني 1.18% عند 16041 نقطة، وكاك الفرنسي 0.78% عند 7348 نقطة.

انخفاض الأسهم الصينية

وفي بكين تراجعت الأسهم الصينية في تعاملات الأربعاء مع تضرر أسواق الأسهم حول العالم بقرار "فيتش" خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة وعزز التوجه نحو الأصول الآمنة.

وانخفض مؤشر "شنغهاي المركب" في نهاية الجلسة 0.89% عند 3261 نقطة، كما تراجع كل من "شنتشن المركب" 0.28% عند 2056 نقطة، "سي إس آي 300" بنسبة 0.7% عند 3969 نقطة.

المساهمون