خفض الفائدة يدشن حقبة جديدة للاقتصاد الأميركي

16 سبتمبر 2024
أسواق العالم تنتظر قرار البنك الفيدرالي الأميركي، 16 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اجتماع بنك الاحتياط الفيدرالي وتوقعات خفض الفائدة**: يجتمع مسؤولو البنك لتخفيض الفائدة لأول مرة منذ أربع سنوات بمقدار ربع نقطة مئوية، مما يشير إلى نهاية حملة مكافحة التضخم. تأتي هذه الخطوة بعد تزايد الثقة بعودة التضخم إلى مستواه المستهدف عند 2%.

- **تأثير خفض الفائدة على الاقتصاد الأميركي**: خفض الفائدة سيجعل الاقتراض أرخص حتى عام 2026، مما يسهل شراء المنازل والسيارات وتمويل توسعات الشركات. يتوقع الخبراء تخفيضات إضافية في الفائدة خلال العام المقبل.

- **توقعات البطالة والتضخم وسوق العمل**: يتباطأ سوق العمل الأميركي، مما يدفع البنك الفيدرالي للتركيز على سوق العمل. يتوقع إصدار توقعات جديدة للبطالة والتضخم، مع إمكانية تخفيضات أكبر في الاجتماعات القادمة.

عندما يجتمع مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي يوم الأربعاء، تتطلع الأسواق للإعلان عن نهاية حقبة للبنك المركزي الأكبر في العالم، مع خفض الفائدة لأول مرة منذ أربع سنوات، ما قد يمثل مسارًا جديداً لتكاليف اقتراض يتوقع أن تكون أقل على مدى العامين المقبلين.

وقالت رئيسة بنك الاحتياط الفيدرالي السابقة في كانساس سيتي إستر جورج: "هذا اجتماع كبير. إنه اجتماع جرى انتظاره منذ أواخر العام الماضي. خفض الفائدة كان منتظَراً منذ مدة طويلة". ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي، يوم الأربعاء، أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى نطاق جديد يتراوح بين 5.0% و 5.25%، نزولاً من أعلى مستوى له في 23 عامًا، والذي استقر عند 5.25% إلى 5.5% منذ أكثر من عام. وسيمثل هذا الإجراء رسميًا نهاية حملة مكافحة التضخم الأكثر عدوانية منذ الثمانينيات.

وكانت رهانات المستثمرين على حجم خفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة لأول مرة متقلبة على نطاق واسع. واعتبارًا من صباح يوم الاثنين، كان المتداولون يقدرون احتمالات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بنسبة 60% تقريبًا، مقابل 40% لخفضها بمقدار 25 نقطة أساس. وانقسمت الاحتمالات بنسبة 50-50 يوم الجمعة، مقارنة بتوقع بنسبة 85% لخفض أصغر قبل أسبوع أو نحو ذلك. ويسبق خفض الفائدة الانتخاباتِ الرئاسية الأميركية بنحو ستة أسابيع، وهو ما دفع المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، وغيره من الجمهوريين، إلى دعوة البنك المركزي لتجنبه، حتى لا يكون دعماً لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس.

وسيمثل خفض أسعار الفائدة بداية دورة جديدة للتيسير النقدي، هي الأولى منذ عام الجائحة، ليبدأ البنك المركزي عصراً جديداً، يكون أبرز ملامحه توفر الأموال الرخيصة حتى عام 2026 على أقل تقدير. وقالت جنيفر شونبرغر، محللة الأسواق المعروفة، إن هذا التحول سيمتد إلى مختلف جوانب الاقتصاد الأميركي، من خلال جعل اقتراض الأميركيين ما يحتاجون إليه من أموال لشراء المنازل والسيارات، كما عمليات الشراء ببطاقات الائتمان، أرخص. وأضافت، في تحليل حديث نشرته عدة مواقع على الإنترنت، أن ذلك سيمكن الشركات من الحصول على قروض لتمويل توسعاتها وإنفاقها الاستثماري بسهولة مقارنة بما يحدث حالياً.

وبعد إعلان قرار البنك المنتظر يوم الأربعاء القادم، سيصدر مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي توقعات جديدة لأسعار الفائدة، وهي المعروفة باسم "مخطط النقاط"، لمنح المستثمرين والمتعاملين بعض التصور عن رؤيتهم الحالية لعدد مرات خفض الفائدة التي يتوقعها المسؤولون في ما تبقى من العام الحالي، وفي العام المقبل.

ويتوقع لوك تيلي، كبير خبراء الاقتصاد المخضرم في ويلمنغتون تراست لإدارة الاستثمارات، أن يخفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وأن يضع مسارًا لخفضها مرتين أخريين هذا العام بـ25 نقطة أساس في كل مرة، تليها تخفيضات العام المقبل في ستة من اجتماعات السياسة الثمانية لبنك الاحتياط الفيدرالي. وأضاف أنه إذا كان بإمكان البنك الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعات لاحقة من دون إثارة الذعر في الأسواق، فسوف يفعل ذلك.

ويعتقد تيلي أن بنك الاحتياط الفيدرالي تأخر بعض الشيئ في ما يخص خفض الفائدة لأنه "لن يكون هناك حديث عن 50 نقطة أساس الآن، إذا بدأوا في الخفض في يوليو/تموز وكانوا على مسار أبطأ". ومع ذلك، قال تيلي: "لا يهم ما إذا كان بنك الاحتياط الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أو 100 نقطة أساس في الإجمال هذا العام". وأضاف، في إشارة إلى تسعير الأسواق لإجراءات بنك الاحتياط الفيدرالي المستقبلية: "إن الأمر يتعلق أكثر بالمسار، وكيف يتحدثون عنه وكيف يؤطرونه، لأن كلماتهم أكثر أهمية من أفعالهم".

وتنتظر إستر جورج، رئيسة بنك الاحتياط الفيدرالي في كانساس سيتي السابقة، خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، على الأقل، في كل اجتماع لبقية العام. وتجدر الإشارة إلى أن هناك ثلاثة اجتماعات، بما في ذلك اجتماع الأربعاء. وقدرت جورج أن بنك الاحتياط الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة بمقدار 1.25 إلى 1.5 نقطة مئوية قبل أن يتوقف ويقيم مستوى الأسعار بالنسبة لكيفية أداء الاقتصاد. لكن الشيء الذي تراقبه حقًا هو "هذه لجنة سيتعين عليها إيجاد بعض المبررات للأسواق، لو قرروا خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يوم الأربعاء"، وفقاً لقولها.

وفي الوقت نفسه، قال محافظ البنك الفيدرالي كريس والر للصحافيين إنه منفتح بشأن حجم ووتيرة التخفيضات بناءً على البيانات، "وإذا كانت البيانات تشير إلى الحاجة إلى تخفيضات أكبر"، فسوف يدعم ذلك. وقال والر إنه كان من أشد المؤيدين لرفع أسعار الفائدة مقدمًا عندما تسارع التضخم في عام 2022، وسيكون من المؤيدين لخفض أسعار الفائدة مقدمًا إذا كان ذلك مناسبًا.

ويتطلع المسؤولون إلى خفض أسعار الفائدة بعد تزايد الثقة باقتراب التضخم من العودة إلى مستواه المستهدف عند 2%. وأظهرت القراءة الأخيرة للتضخم، التي جرى قياسها من خلال مؤشر أسعار المستهلكين عن شهر أغسطس/آب، أن التضخم يستمر في التراجع ببطء للشهر الخامس على التوالي. 

وبعد تنامي المخاوف بسبب رسوخ التضخم خلال الربع الأول، قال المسؤولون إنهم بحاجة إلى رؤية التضخم يتراجع أكثر من ثلاثة أشهر، قبل التفكير في خفض الفائدة. وأظهر التضخم الأساسي، مقاساً بمؤشر أسعار المستهلكين، ارتفاع الأسعار بنسبة 3.2% على أساس سنوي في أغسطس ويوليو، مقارنة بـ3.3% في يونيو، و3.4% في مايو، و3.6% في إبريل.

وبالتزامن، تراجع الفارق في العائد على سندات الخزانة الأميركية المحمية من التضخم لمدة 10 سنوات والسندات القياسية لنفس الآجال، وهو مقياس للتضخم المتوقع، إلى أدنى مستوى له منذ أوائل عام 2021. وتشير توقعات التضخم على مدى العامين المقبلين إلى أن تضخم مؤشر أسعار المستهلكين سينخفض إلى 1.5% فقط، وهو أقل من هدف بنك الاحتياط الفيدرالي البالغ 2%.

خفض الفائدة والبطالة الأميركية

وفي غضون كل ذلك، تتباطأ سوق العمل الأميركية مع تباطؤ التوظيف خلال الصيف، حيث أضافت الشركات الأميركية 118 ألف وظيفة في يونيو/حزيران، و89 ألف وظيفة في يوليو، و142 ألف وظيفة في أغسطس، وكانت جميعها أقل من متوسط ​​الإضافات الشهرية البالغ 202 ألف وظيفة خلال الأشهر الاثني عشر السابقة. وتسببت تلك الأرقام في تحويل مسؤولي البنك الفيدرالي المزيد من الاهتمام باتجاه سوق العمل على حساب التضخم.

وقال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، في خطاب ألقاه في جاكسون هول بولاية وايومنغ في أواخر أغسطس/آب، إن البنك "سيبذل قصارى جهده لدعم سوق العمل القوية مع إحراز المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار". وأشار إلى أن بنك الاحتياط الفيدرالي لا "يسعى أو يرحب بمزيد من التهدئة في ظروف سوق العمل"، وأن المستوى الحالي لسعر الفائدة يمنح البنك "مساحة واسعة" لاتخاذ قرارات خفض الفائدة استجابة لأي ضعف في سوق العمل. ويتوقع مراقبو البنك الفيدرالي أن يكرر باول العديد من هذه الرسائل التي جرى نقلها في جاكسون هول.

أبرز التوقعات

ويوم الأربعاء أيضاً، سيصدر مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي توقعات للبطالة والتضخم وبعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى. وقالت جورج إنها ترى سيناريوهين، أولهما السيناريو الذي قد يمهد فيه باول الطريق لخفض بزيادات أكبر. وأضافت: "قد يروي باول قصة حول 50 نقطة ويقول إنهم سيتحركون بشكل أكثر عدوانية للتأكد من القيام بدورهم في سوق العمل". ويتعلق السيناريو الآخر بتعامل أكثر حذراً، حيث يجرى الخفض بخمس وعشرين نقطة في كل اجتماع في 2024.

لكن ويلمر ستيث، مدير صندوق السندات في شركة ويلمنغتون تراست لإدارة الاستثمارات، يقول: "أعتقد أن باول يحاول مسك العصا من المنتصف". وأضاف ستيث أن بنك الاحتياط الفيدرالي حريص للغاية على التعامل مع الألم المرتبط بمعدل البطالة المرتفع، ولكنه حريص أيضًا على التعامل مع تكاليف المعيشة بالنسبة للأميركي العادي.

ووافق كبير خبراء الاقتصاد في شركة EY للاستشارات المالية غريغوري داكو على أن "التدريجية" سوف تسود في الاجتماع، ولكنه قال إنه قد تكون هناك إشارة إلى تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة في الاجتماعات القادمة.

المساهمون