تتجه الحكومة المصرية إلى تحرير أسعار الخبز والوقود والطاقة خلال العام المقبل، للتخلص من الدعم العيني لجميع السلع.
تستهدف الخطة التي تناقشها وزارة المالية والتخطيط والتموين، مع خبراء صندوق النقد الدولي، وضع قواعد تدريجية، لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، للوفاء بشروط الصندوق المتشددة التي فرضها على الحكومة مقابل الإفراج عن القرض المعطل، الذي يبلغ 3 مليارات دولار.
حسب مصادر، لــ"العربي الجديد"، فإن اجتماعات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المنفردة مع كل من محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيرة التخطيط هالة السعيد، ووزير التموين على مصيلحي، وزير المالية محمد معيط، استهدفت مناقشة الخطة النهائية لبرامج إلغاء الدعم العيني، خلال العام المقبل، مع خبراء صندوق النقد، قبل اجتماع المجلس التنفيذي لمديري الصندوق في ديسمبر/ كانون الأول الجاري، باعتباره الشرط الأخير الواجب تنفيذه قبل منح مصر مليار دولار كدفعة أولى من القرض، مطلع يناير/ كانون الثاني 2023.
يلقى برنامج إلغاء الدعم مقاومة كبيرة من بعض المسؤولين والأجهزة الأمنية، التي تخشى من حدوث انفجارات اجتماعية، ما دفع الحكومة إلى التوجه بمشاركة البرلمان والغرف التجارية والصناعية ومجتمع الأعمال، لتأهيل الأسواق لتقبل برنامج إلغاء الدعم السلعي وتوظيف قدرات مؤسسات المجتمع المدني التي تديرها الدولة، عبر نظام محكم، لإقناع المواطنين بأهمية تنفيذ خطط تحرير أسعار السلع، على الموازنة العامة.
بدأت الحكومة خلال الأسبوع الحالي، بيع جزء من المخزون الاستراتيجي للقمح إلى القطاع الخاص، بسعر 9750 جنيها للطن (الدولار – نحو 24.6 جنيها)، في بورصة السلع التي استحدثتها وزارة التموين، لبيع القمح والأرز والسلع التي تراها الدولة مهمة للأسواق.
استغلت الحكومة تراجع أسعار القمح إلى أدني مستوى له عالميا، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ليصل سعر "بوشل" القمح الأميركي في بورصة القمح بشيكاغو، إلى نحو 7.7 دولارات، بمتوسط 1000 جنيه للأردب – يزن أردب القمح 150 كيلو غراما، ما يوازي 5.5 بوشل – فائق الجودة، وبيعه محليا بما يقارب السوق العالمي للطلبات الفورية.
قال وزير التموين المصري في بيان صحافي إن بورصة السلع تستهدف تنظيم الأسواق والمحافظة على استقرار الأسعار، مشيرا إلى أن احتياطي القمح يكفي احتياجات البلاد لمدة 6.3 أشهر.
قامت الوزارة خلال الشهرين الماضيين، بشراء القمح من السوق الروسية والأوكرانية بالأمر المباشر، وفشل القطاع الخاص الذي يستورد 40% من احتياجات البلاد من القمح سنويا، والتي تصل بالمجمل إلى 11 مليون طن، في الحصول على تمويل من البنوك لاستيراد القمح.
دفع شح الدولار شركات توريد القمح والضغوط التي مارستها الحكومة على تجميع القمح من المواطنين إجباريا بسعر 830 جنيها للأردب، خلال موسم الحصاد الماضي، إلى قبول مشاركتهم في شراء الكميات التي طرحتها الحكومة عبر بورصة القمح خلال الاثنين والأربعاء الماضيين، في مزايدة عامة بسعر 9750 جنيها للطن.
اشترطت وزارة التموين تسجيل الراغبين في شراء القمح لمطاحن القطاع الخاص والشركات التسجيل في عضوية البورصة المصرية للسلع، فتنافس خلال الجلسة الأولى 40 مطحنا خاصا و200 شركة. استهدفت وزارة التموين إتاحة القمح للقطاع الخاص، بعد تعذر استيراده من الخارج ليشارك في إنتاج الرغيف. ومنحت الوزارة القطاع الخاص الضوء الأخضر، للمخابز المشتركة في منظومة الخبز المدعم بسعر 5 قروش، لبيع الخبز الحر، بالأسعار المتداولة بالمخابز الخاصة باستخدام "كروت الشحن" فئة 20 و50 و100 جنيه.
بدأت الحكومة خلال الأسبوع الحالي، بيع جزء من المخزون الاستراتيجي للقمح إلى القطاع الخاص، بسعر 9750 جنيها للطن
قال رئيس بورصة السلع إبراهيم عشماوي في تصريحات صحافية إن الجلسة الأولى شهدت 18 عملية شراء بكميات 19 ألفا و779 طنا للقطاع الخاص، تنافس على شرائها 31 مطحنا من بين 40 مطحنا بأنحاء الجمهورية، ستتولى هيئة السلع التموينية تسليمها للمشترين عبر القابضة للصناعات الغذائية. يتوقع عشماوي استمرار عمليات الطرح لبيع القمح من الحكومة، على أن يتبعها بيع الأرز والذهب ومحاصيل مهمة في المرحلة المقبلة.
واعتبر رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات طارق حسانين بيع القمح في البورصة مفيدا للمزارعين، لأنه سيتيح بيع السلع بسعر مناسب وفقا للعرص والطلب والقضاء على الاستغلال واحتكار تجارة السلع. تجاهل حسانين فرض الدولة لسعر جبري لتوريد القمح بمبلغ 1000 جنيه كحد أقصى للأردب لموسم الحصاد القادم، وإجبار الفلاحين على توريد الأرز بسعر 10.5 جنيهات للكيلوغرام، و7 آلاف جنيه للطن الشعير، بينما يبلغ متوسط البيع 15 ألف جنيه للشعير و18 ألف للأرز الأبيض.
تصل تكلفة الدعم للقمح والخبر إلى نحو 90 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2022- 2023، ويباع الخبز الحر بسعر 75 و100 قرش للرغيف بحجميه الصغير والكبير، يرتفع إلى 150 و200 قرش في الأحياء الراقية. يشترط صندوق النقد تخلص الحكومة من قبضتها على الاقتصاد عبر القطاعين الحكومي والعسكري، ومنح القطاع الخاص أولوية للتوجيه للاستثمار في المشروعات، والتخلص من الدعم.