حذر تقرير للأمم المتحدة من تجاوز خسائر ليبيا بسبب الصراع الدائر، التريليون دولار، مشيراً إلى تعرض الاقتصاد لانكماش حاد في ظل التدمير الذي تعرضت له الأصول في الكثير من القطاعات الاقتصادية.
وقالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا"، في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكتروني، إنّ الكلفة الإجمالية للصراع في ليبيا منذ اندلاعه في عام 2011 حتى اليوم تقدر بنحو 783 مليار دينار ليبي (حوالي 576 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف الرسمي).
وأشار التقرير الصادر بعنوان "الكلفة الاقتصادية للصراع في ليبيا"، إلى أن الخسائر ستزيد بنحو 462 مليار دولار، إذا استمر الصراع حتى عام 2025، ما يرفع إجمالي الخسائر منذ اندلاع الأزمة الليبية إلى نحو تريليون و38 مليار دولار.
ولفت إلى أن الصراع أدى إلى انكماشٍ حاد في الاقتصاد الليبي، فانخفض الناتج المحلي الإجمالي وتراجعت معدلات الاستثمار، كما تقلَّص الاستهلاك بسبب عودة العمال الأجانب إلى بلدانهم الأصلية وتراجع دخل المواطنين الليبيين.
وتباطأت التجارة الخارجية نتيجة انخفاض كبير في صادرات بعض المنتجات الرئيسية كالنفط، ولكن الأثر كان أشد على الواردات لتقلُّص قطاعي التشييد والبناء، وفق التقرير.
وأضاف أن هناك عوامل أدت إلى تفاقم الخسائر الاقتصادية، مثل تدمير الأصول الرأسمالية في قطاعات كالقطاع النفطي والبناء والزراعة والتصنيع، وتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتحويل الموارد عن الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية إلى الإنفاق العسكري.
وتابع التقرير الأممي، الذي اطلع عليه "العربي الجديد" أن آثار الصراع في ليبيا تعدت اقتصاد البلاد لتطاول اقتصادات البلدان المجاورة مثل الجزائر وتونس ومصر والسودان، التي تربطها بليبيا علاقات اقتصادية واسعة على مستويات التجارة والاستثمار والعمالة.
وقال طارق العلمي، المشرف على فريق إعداد التقرير بـ"إسكوا": "يتطلب السلام في ليبيا وضع خطة لإعادة البناء والإنعاش تقوم على حوكمة اقتصادية فعالة وشفافة وإعادة تأهيل للقطاعات المتضررة من الصراع"، داعياً إلى تعزيز النمو والاستثمار من خلال برامج إعادة إعمار طارئة قصيرة المدى وإصلاح للمؤسسات على المدى الأبعد.
وطاول الصراع قطاع النفط الذي تعتمد عليه الدولة بنحو 90% من مواردها، الأمر الذي فاقم من الصعوبات المعيشية للمواطنين.
وتعرضت المنشآت النفطية لحصار استمر نحو 9 أشهر حتى سبتمبر/ أيلول الماضي، حينما أعلن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر فكّ حصار مليشياته للمنشآت النفطية.
وخلال الحصار، تراجع إنتاج ليبيا إلى أقل من 100 ألف برميل، لكنه عاد بعد فكّ الحصار إلى أكثر من 1.2 مليون برميل يومياً حالياً، وهو معدل الإنتاج قبل يناير/كانون الثاني 2020.
لكن سرعان ما ظهرت أزمة جديدة تشير إلى وجود صراع على إنفاق عائدات الذهب الأسود، حيث أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تعليق تحويل إيرادات المبيعات إلى حساب المصرف المركزي، إلى حين الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تقضي بـ"الاستخدام العادل للإيرادات"، متهمة المصرف بـ"التضليل وعدم الشفافية" في تقدير عائدات النفط المحولة إليه.
وأشارت المؤسسة إلى أن بيان المصرف المركزي الصادر في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، حول الإيرادات والإنفاق خلال الفترة من 1 يناير/كانون الثاني إلى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 "غير دقيق وبه مغالطات وتضليل وادعاءات كيدية".
وكان المصرف المركزي قد قال إن إجمالي الإيرادات النفطية الفعلية حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، بلغ ما يعادل 1.74 مليار دولار. لكن مؤسسة النفط ذكرت في بيانها أن الإيرادات النفطية الفعلية والمودعة لدى مصرف ليبيا المركزي بلغت 3.7 مليارات دولار، مضيفة أن الإيرادات النفطية خلال السنوات التسع الماضية بلغت 186 مليار دولار.