قرّر مجلس الوزراء اللبناني الموافقة على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء في لبنان المرفقة بكتاب وزارة الطاقة والمياه، وذلك بعد تعديل تاريخ تعيين الهيئة الناظمة ليصبح في عام 2022 بدلاً من عام 2023.
وأكد مجلس الوزراء في جلسة عقدها بعد ظهر اليوم الأربعاء، في السرايا الحكومية برئاسة نجيب ميقاتي على ما ورد في الخطة لجهة وجوب تنفيذ القانون رقم 469/ 2002 بصيغته الراهنة، كما ولجهة تكليف وزارة الطاقة والمياه إعداد دفتر الشروط الخاص لإطلاق مناقصة عالمية لإنشاء معامل الإنتاج وتوزيع الطاقة، وذلك بمهلة أقصاها شهران من تاريخه.
وقال وزير الطاقة وليد فياض بعد الجلسة إن "خطة الكهرباء أُقرت والحمد لله ومبروك لشعب لبنان العظيم"، مشيراً إلى أنّ من ضمن الخطة المخطط التوجيهي وتحديد المواقع لكل محطات إنتاج الطاقة الجديدة على أساس دراسة الجدوى الاقتصادية والمالية والبيئية، ولا شيء يتناقض مع ما أقررناه سابقاً".
ولفت فياض إلى أن "مجلس الوزراء طلب أن نبذل جهداً في موضوع إنشاء الهيئة الناظمة بأسرع وقتٍ ممكن، وأنا أتطلع الآن إلى المرحلة الثانية بعد هذا النجاح والتلاقي من قبل مجلس الوزراء".
من جهته، قال رئيس الحكومة في مستهل الجلسة إنه "منذ بداية تسلمنا مهامنا الحكومية اتفقنا على الإسراع في إنجاز خطة شاملة لقطاع الكهرباء، ووافقنا مبدئياً على الخطة التي وضعها وزير الطاقة وطلبنا إدراج خطوات أساسية في صلبها، وحتى الآن لم يتحقق هذا الأمر".
الخطط الحكومية تفتقر إلى ثقة الشعب
ورغم "تبريك" وزير الطاقة للبنانيين، بيد أن المواطنين يفقدون الثقة تماماً بأي خطة كهرباء صادرة عن المنظومة السياسية التي أهدرت مليارات الدولارات على قطاع أغرق الناس في العتمة والذل اليومي وجعلهم ينفقون ما بحوزتهم على المولدات الخاصة التي باتت تتجاوز تعرفتها المئة دولار أميركي للخمسة أمبير، أي ما يفوق المليوني ليرة لبنانية وفق سعر المنصة التابعة لمصرف لبنان أو السوق السوداء.
ويعدّ قطاع الكهرباء من القطاعات الأكثر هدراً في لبنان، وإصلاحه شرط أساسي يطالب به المجتمع الدولي والجهات المانحة لدعم البلاد مالياً.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسة عقدها في 25 فبراير/ شباط الماضي على الخطة الوطنية لإصلاح قطاع الكهرباء كما قدمها وزير الطاقة، وذلك بعد التزام نقاط عدّة، منها تطبيق القانون 462 تاريخ 2/ 9/ 2002 المتعلق بتنظيم القطاع بشكل فوري، ولا سيما في شقه المتعلق بتشكيل الهيئة الناظمة وتسمية أعضائها بالمواصفات المعتمدة وفق المعايير الدولية.
إضافة إلى رفع التعرفة بعد تحسّن التغذية ابتداءً من 8 إلى 10 ساعات يومياً مع مراعاة ذوي الدخل المحدود الذين لا يتجاوز استهلاكهم الشهري 500 كيلواط، ومراعاة وضع القطاعات الإنتاجية المستحقة، بحيث يستفيد جميع هؤلاء من تعرفة خاصة.
وفي هذا السياق، تلتزم الحكومة تعديل التعرفة تدريجاً، وعلى مراحل، بالتزامن مع تحسين التغذية بالشروط عينها المشار إليها وبما يسمح بتغطية التكاليف.
ومن النقاط المطلوبة أيضاً، وضع خطة لتحسين الجباية، ولا سيما من خلال استعمال العدادات الذكية وإعداد دفتر الشروط لإعلان مناقصة تهدف إلى تحسين الشبكة وإنتاج الطاقة وفقاً للمخطط التوجيهي بأقل كلفة بعد إجراء مراجعة لهذا المخطط عند الاقتضاء.
حكومة لبنان تبحث ملف الأمن الغذائي
وبحث مجلس الوزراء في الجلسة ملف الأمن الغذائي الذي يوليه أولوية في اجتماعاته ربطاً بالغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته لبنانياً، وأكد ميقاتي "أن المتطلبات الغذائية قيد المعالجة، مع أخذ الحيطة، ولا مبرر للهلع الذي جرى".
وقال ميقاتي: "طلبت من وزير الاقتصاد أمين سلام أن يكون بين أيدينا جدول بكل السلع الضرورية للسلة الغذائية اللبنانية، والكميات المتوافرة أو التي نحتاجها حتى نهاية العام الحالي. وأبدى العديد من الدول استعداداً لمدّنا بمادة القمح وبأي مواد أخرى".
وكلّف المجلس وزراء العدل والاقتصاد والزراعة والمالية والتربية إعداد الاقتراحات المناسبة في المواضيع الآتية: تصحيح مسار الوضع القضائي العام، الأمن الغذائي وموضوع استيراد القمح وزراعته، وضع الليرة اللبنانية وعمليات السحب في المصارف والسقوف، وضع الجامعة اللبنانية والأمور التربوية المستجدة، ورفع تلك الاقتراحات إلى مجلس الوزراء لمناقشتها في الجلسة المقبلة للحكومة.
ميقاتي ينتقد "انفعالية" القضاء في وجه المصارف
وتطرق ميقاتي إلى الملف القضائي – المصرفي ملوّحاً بامتعاضه من طريقة تعاطي القضاء مع المصارف.
وقال ميقاتي: "مع احترامي الكامل للقضاء، إلا أنه لا يمكننا كمجلس وزراء مجتمعاً ألا تكون لدينا إجابة عما يحصل في القضاء من عشوائية وانفعالية، خصوصاً أن هناك انطباعاً عاماً بأن بعض ما يحصل في القضاء لا يمتّ إلى الأصول القضائية بصلة".
وأشار إلى أن "ما يحصل في الملف المصرفي غير سليم، وأولويتنا كانت وستبقى حقوق المودعين، وهذا ما نركز عليه في كل الخطط التي نجريها، لكن الطريقة الاستعراضية والبوليسية التي تتم فيها مقاربة ملف الحقوق والقضايا القضائية المرتبطة بالمصارف خطيرة ومن شأنها تقويض ما تبقى من ثقة بالنظام المصرفي وسيدفع المودعون مجدداً الثمن وأخشى أن تتطور الامور إلى ما لا تحمد عقباه إذا لم يُصَر إلى تصويب الشطط والخلل الحاصل".
وأكد ميقاتي في السياق أن "الملف سيكون موضع متابعة من وزير العدل لوضع المعالجات على السكة الصحيحة".